ناج من الصقلاوية: الخيانة فاقت بسالة الجنود وشجاعتنا في الانتصار على داعش |
العراق تايمز: وكالات.. الديوانية: لم يرهبهم صوت الرصاص ولا أصوات الانفجارات، أو تكبيرات عدوهم الواهية، الذي تربص بهم لسبعة أيام، بل كان الصمود والبسالة والشجاعة عنوانهم، الا أن "الخيانة"، كانت على موعد مع الجندي حيدر جواد (35 سنة)، أحد الناجين من مجزرة الصقلاوية المنتسب الى الفوج الثالث من اللواء (30) التابع الى الفرقة الثامنة، ومن كان معه من مئات الجنود الآخرين، ليكون شاهد عيان على مجزرة ارتكبها من صم اذنيه عن أصواتهم واستغاثاتهم قبل مسلحو داعش. حيدر جواد وسبعين معه فقط تمكنوا من النجاة بأعجوبة، فيما سقط قرابة الاربعمائة من زملائهم بين شهيد وجريح وأسير بأيدي المسلحين، في معركة ضاع فيها تكافؤ الفرص، لغياب الدعم والاسناد والغطاء الجوي الذي يتيح لهم الانسحاب المنظم من أرض المعركة. ويروي الجندي قصة نجاته ومن كان معه، لـ"الغد برس"، بالقول إن "المسلحين حاصرونا لخمسة أيام، في قاطع عملياتنا بالسجر والصقلاوية، وكانت الاكذوبة تعاد على مدار الساعة طوال أيام حصارنا، جاء المدد ووصل الدعم والاسناد، لكنه لم يكن في الحقيقة أكثر من ترهات لا أساس لها، فاتفقنا على أن يكون استخدامنا للعتاد منظما، لانطلق النار الا على الأهداف، لأن البعض توقع النتائج التي كانت فيما بعد". ويبيّن جواد أن "القوة المتمركزة في السجر والصقلاوية كانت تضم مقر اللواء (30) والفوج الاول والفوج الثالث وبطرية الهاون وأحد أفواج الفرقة (14)، إضافة الى فوج من الفرقة الاولى وسريتين انسحبوا مع قائد الفرقة قبل حصارنا". ويوضح أن "كل واحد من الجنود له معرفة بنائب في البرلمان أو مسؤول حكومي أو ضابط أو مكاتب دينية أو أي شخص، الا واتصل به ليشرح له موقفنا وحاجتنا الماسة الى الدعم يوما بعد آخر حتى وصلنا الى خامس الايام"، ويشير الى أن "الجواب كان وعود ووعود وطمأنة ليس الا، وكنا نبشر بعضنا بعد كل مكالمة أو خبر". ويضيف الجندي أن "التاسعة من صباح اليوم الخامس ورد نداء الى آمر الفوج، يفيد بوصول الدعم البري فخرج مع قوة خاصة لتأمين الشارع الذي زرع فيه ما يزيد عن أربعمائة عبوة ناسفة، وكانت القوة تفجر تلك العبوات بإطلاق النار عليها من بعد، أثناء مسيرها باتجاه القوة القادمة لدعمنا". ويبيّن جواد أن "خيبة الأمل أصابت القوة التي خرجت لاستقبال الدعم حين وجدت ان المساندين لا يتجاوز عددهم الثمانية همرات من فوج مغاوير الفرقة الثامنة، وفوج مغاوير الفرقة 14، التابعين لنا وليسوا من فرقة أخرى"، ويلفت الى أن "القوة عادت بمن وجدت الى مكان تمركزنا، فاستقبلناهم وسألناهم أين الدعم فأخبرونا ان جيشا جرارا يتمركز الان في مقر الفرقة الاولى بمعسكر طارق، وسيأتي بعد قليل، أفرحنا الخبر واستبشرنا خيرا". ويتابع الجندي أن "غياب الطيران عن سماء المعركة، أتاح للمسلحين حصارنا خلال الأيام الماضية، بتفخيخ الطرق المؤدية لنا وقطع الجسر القادم من معسكر طارق، لإعاقة تقدم أي قوات مساندة"، ويبيّن أن "عدد الجنود في قاطعنا قرابة الخمسمائة جندي، منتشرين في معمل الثلج وبعض الدور". ويستدرك جواد أن "الساعات مرة ثقيلة ومريبة فالهدوء كان يخيم على المكان، وكانت كل الدلائل تشير إلى أن العاصفة قادمة، لكن نجهل من أي اتجاه، وبعد صلاة الظهر، علا صوت تكبير المسلحين من جميع الاتجاهات، واخذوا يتقدمون باتجاهنا، كانت السماء تمطر برصاصهم وقذائف الهاون، ايذانا ببدء الهجوم، وما هي الا لحظات حتى اخترقت دفاعنا الاول ناقلة أشخاص مدرعة مفخخة انفجرت لتفتح لهم الطريق، بعدها اخترقت مقر اللواء همر مفخخة انفجرت في الدفاع الثاني، وتلتها سيارة (كيا حمل بنجو)، مفخخة بغاز الكلور انفجرت في داخل مقر اللواء". ويوضح الجندي أن "عدد المسلحين كان يفوقنا بأضعاف المرات، صغارا وشبابا وكبار سن، بعد أن تمركز قناصوهم في أسطح المباني المحيطة، لإسكات مصادر نيران جنودنا المدافعة، فمن جهة آل بو عيسى وحدها عبر الينا أكثر من مئتي مقاتل، فاضطررنا الى الصعود في ناقلتي اشخاص مدرعة وهمر، يشجع بعضنا بعضا ونثير الهمم، لكن غاز الكلور اضطر كثير من الجنود للخروج من مكان تمركزنا باتجاه الاراضي الزراعية والهياكل التي كان المسلحون يفرضون سيطرتهم عليها أصلا، فقتل من قتل وجرح الاخرين وتم أسر الكثيرين منهم". ويتابع جواد أن "الناقلات والهمر تحركت مغادرة وهي تحمل نحو سبعين جنديا، من أصل نحو خمسمائة جندي، فشاهدنا سيارة همر سبقتنا، كان فيها من بين الجنود صديقي الجندي علي فرحان، اوقفتها نقطة تفتيش نصبها المسلحون لقطع طريقنا، فقام علي بإطلاق النار عليهم فقتل منهم من قتل، لكن رصاصة قناص غادرة في الرقبة أسقطت علي فهرعنا لنجدته ومررنا فوقه بالناقلة التي تضم فتحة أسفلها فسحبنا علي من الارض وسط اطلاق نار كثيف، وتحركنا مسرعين". ويضيف الجندي أن "الشارع مزروع بالعبوات من بدايته ولا أعرف كيف خرجنا من المكان بسلام، ووصلنا الى مدخل المنطقة المؤدية الى السجر، فوجدنا رتلاً من لواء التدخل السريع في الشرطة الاتحادية، وقد أبيد بالكامل وجثث الجنود منتشرة على الارض، وبعضهم كان يستنجد، لكن لم يكن من مكان في الناقلات والرمي الكثيف حال دون وقوفنا لإخلائهم". ويوضح جواد أننا "وصلنا الى مقر الفرقة الاولى، التي كان عدد من فيها كافيا لتطهير محافظة كبيرة لا مناطق صغيرة كالسجر والصقلاوية، لكن جنودها بادروا الى اطلاق النار علينا، فأخبرناهم اننا من المحاصرون، واذا بالشتائم والاتهام بالخيانة والجبن تنهال علينا من ضابط استخبارات الفرقة الاولى العقيد جميل، وقائد الفرقة العميد ابراهيم، فتشاجرنا معهم وفتحنا الطريق عنوة ومضينا باتجاه معسكر طارق، فواجهنا الحاجز الثاني للفرقة الاولى بوابل من الرصاص، فاشتبكنا معهم، ورددنا نيرانهم بنارنا، وفتحنا الطريق ومضينا الى مقر المعسكر". ويقول الجندي إن "القوة تمكنت من الوصول الى المعسكر، وابلغناهم بالجرحى والشهداء الذين معنا، ففتحوا لنا باب المعسكر، لكن أحدا لم يهتم بنا أو يعطينا شربة ماء، وكانت نظرة الاحتقار والاشمئزاز من وجودنا تعتلي وجوههم وكأننا أعداهم ولسنا منهم، فسلمنا أسلحتنا الى المشجب، وقررنا الخروج من المعسكر، فمنعونا بحجة خطورة الموقف في الخارج، فبقينا الى اليوم الثاني، وحاولوا منعنا لكن أحد منا لم يذعن لهم، وخرجنا عائدين كل الى منزله، يحمل معه ذكريات خالدة ومشهد لن تتمكن السنين من محوه لبشاعته بكل أحداثه ومواقفه". ويستغرب جواد من "وصفنا بالخونة المتخاذلين والمتسربين بعد حصار خمسة أيام، دون ماء أو غذاء أو عتاد أو اسناد، وتناسوا المعارك التي سيسجلها التاريخ في سجل الشرف والثبات لمن كان حاضرا وشاهدا، هذا رد جميل قائد عمليات الانبار والفرقة الاولى وضابط استخباراتها، لينسبوا لنا تهمة هم الاولى بها لأنهم باعونا، كم تم بيع جنود سبايكر في صلاح الدين، فكيف للجندي بعد هذه التجارب أن يثق بضباطه وقادته ويؤمن بتنفيذ أوامرهم، لانهم فاشلون، وحصار لواء لخمسة أيام دون أن يتمكن القادة من ايجاد طريقة لفك الحصار عنه واسناده خير دليل". وكانت حكومة الديوانية، طالبت حكومة بغداد والقيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع بالتحرك الفوري لفك الحصار عن الجنود المحاصرين في الصقلاوية والسجر. ووصف رئيس كتلة حزب الدعوة تنظيم الداخل، قرار رئيس الوزراء بإحالة الفريقين الركن عبود كنبر وعلي غيدان على التقاعد بانه "خيانة عظمى" لشهداء قاعدة سبايكر الجوية و"مجزرة" الصقلاوية، مطالبا العبادي بإحالتهما الى المحاكم العسكرية للتحقيق معهما
|