الأكراد يوحدون جهدهم الأمني والعسكري لمواجهة "نوايا" للمالكي بالهجوم على إقليم كردستان

بغداد – حذر محللون سياسيون عراقيون من أبعاد خطيرة تقف وراء عملية تشكيل مجلس الأمن الوطني في إقليم كردستان، عادين هذه الخطوة تأتي ضمن الإستعدادت الأمنية والعسكرية لمواجهة تصعيد الأزمة بين بغداد وأربيل وصولا إلى مواجهة عسكرية بينهما.

وقلل المحللون من أهمية أن يؤدي تولي النجل الأكبر لرئيس أقليم كردستان العراق مسرور مسعود البارزاني منصب رئيس مجلس الأمن الوطني في كردستان، نحو بناء ديكتاتورية سياسية في الأقليم، مؤكدين أن الخطوة تتضمن مؤشرات أخطر من ذلك بكثير.

وأعلن الاحد الماضي في مراسم شارك فيها رئيس الاقليم مسعود البارزاني عن تأسيس مجلس الأمن الوطني الذي عين مسرور البارزاني النجل الاكبر لرئيس الاقليم رئيسا له بدرجة وزير فيما عين خسرو كول محمد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال الطالباني نائبا له.

واعتبر رئيس الاقليم مسعود بارزاني ان هذا التشكيل "خطوة مهمة نحو خدمة جماهير كردستان وحماية أرواحهم وممتلكاتهم". وقال في كلمة "تمكنت القوات الأمنية خلال الفترة الماضية من تقديم نموذج جيد لمواطني كردستان ما شجع كثيرا من الشركات الاجنبية للمجيء الى كردستان لتنفيذ مشاريع استثمارية".

وأثار تشكيل هذا المجلس استياء الاحزاب المعارضة في الاقليم وابرزها حركة التغيير، والاتحاد الاسلامي، والجماعة الاسلامية.

وقالت حركة التغيير على لسان المتحدث باسمها شاهو سعيد ان "تاسيس هكذا مجالس يحتاج الى الاجماع بين الكتل البرلمانية والتوافق بينها، ولكن تأسيسها بهذه الصورة يعطيها صلاحيات كبيرة تمنع حتى البرلمان من مراقبة ادائها".

وقال عضو حركة التغيير المعارضة عدنان عثمان ان المعارضة تعترض على الصيغة التي شكل بها المجلس، وتوزيع المناصب بين الحزبين حسب المحاصصة الحزبية. وأضاف أن "تشكيلة المجلس تكرس صفة المحاصصة والسيطرة الحزبية على الهيئة التي تتعلق بأمن الاقليم، وتم توزيعها بين الحزبين، وتنصيب ابن رئيس الاقليم كرئيس لها، وقيادي في الاتحاد الوطني نائباً له، وابن رئيس الاقليم هو عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، وهذا يعتبر خرقاً واضحاً لجهة سيطرة الحزبين الرئيسيين على اجهزة الامن والبيشمركه".

وأشار عثمان الى ان ربط هذا المجلس بشكل مباشر برئيس اقليم كردستان سيلغي الدور الرقابي لبرلمان الاقليم، في وقت ان النظام الاداري في الاقليم هو نظام برلماني، واضاف:
"
كنّا مقاطعين لجلسات البرلمان وتم اقرار القانون الخاص بتشكيل هذا المجلس بعجالة، ومع هذا اعترضنا على القانون، والان سنحاول تقديم تعديل الى البرلمان، ولكن ليس لدينا أي امل، وبالاخص بعد سيطرة الحزبين الرئيسيين على جميع مرافق البرلمان، ونطالب الشعب بالاعتراض على تشكيلة هذا المجلس".

من جانبه، رأى العضو في برلمان كردستان عن الجماعة الاسلامية بلال سليمان ان "تاسيس هذا المجلس يهدف الى الحفاظ على مصالح الحزبين" الرئيسين في اقليم كردستان، مشيرا الى ان "الحزبين كان لديهما في الماضي جهازان امنيان والان قاما بتوحيدهما".

وأكد ان "هذا الجهاز ليس جهازا وطنيا ولن يصبح جهازا وطنيا بل هو جهاز حزبي، وليس بمقدور اعضاء من الاحزاب الاخرى المشاركة فيه".

بدوره، اعتبر النائب عن الاتحاد الاسلامي حمة سعيد حمة ان "هذا المجلس حزبي والاشخاص الذين عينوا على رأسه حزبيون".

وقال الصحافي والكاتب اسوس هردي "في الوقت الذي ينهار حكم العائلات والديكتاتوريات في منطقتنا، يحاول حكامنا ارساء دعائم حكمهم العائلي". وأضاف "لا ارى في هذا الحدث سوى خطوة اخرى على طريق السيطرة العائلية على الحكم في اقليم كردستان".

وشكل هذا المجلس بحسب القرار المرقم 4 لسنة 2011 الصادر من برلمان كردستان ويتألف من مؤسسة الأسايش، والمديرية العامة للاستخبارات العسكرية، ووكالة حماية ومعلومات الاقليم.

وتأتي الخطوة الكردية بتشكيل مجلس الأمن الوطني في إطار مخاوف كردية من تطور الصراع بين حكومة المالكي والأكراد إلى أندلاع حرب بينهما، أو لجوء حكومة المالكي إلى شن حرب ضد الإقليم.

ويشبه عضو مجلس النواب العراقي عن كتلة التغيير المعارضة لطيف الشيخ مصطفى، بعض تصرفات الحكومة الحالية في العراق بتصرفات النظام البعثي السابق ويتوقع ان تقوم هذه الحكومة بالهجوم على كردستان، كاشفا عن تفاصيل واشياء اخرى بشأن قضية الهجوم على الاقليم مستدركا "لا استطيع الحديث عنها".

وعلى الرغم من ان حركة التغيير المعارضة لم توقع على طلب سحب الثقة من نوري المالكي، الا ان لطيف يحذر من ان قيام المالكي بتسليح الجيش العراقي يأتي لمهاجمة كردستان.

ويقول مصطفى في مقابلة اجرتها معه صحيفة رووداو الكردية التي تصدر في اربيل، ان "المعلومات التي ادلي بها ليست فقط قراءة وتحليلا للاوضاع"، مؤكدا ان "هذا الكلام يأتي نتيجة لمشاهداتي وما يتناهى لسمعي في بغداد".

ويشير مصطفى الى انه "لا أدري متى تقوم الحكومة العراقية بالهجوم العسكري على اقليم كردستان"، مستدركا ان "هذا الامر لا يستغرق عاما واحدا".

من جهته يؤكد عضو لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب العراقي حسن جهاد في تصريحات للصحيفة نفسها ان "لجنتنا لا علم لها بالعقود السرية لشراء الاسلحة للجيش العراقي مع الشركات العالمية"، موضحا ان "في نية الحكومة الان شراء 36 طائرة من طراز F16 يبلغ سعر الطائرة الواحدة منها 90 مليون دولار امريكي".

وبشأن امكانيات الجيش العراقي العسكرية يشير النائب الذي ينتمي الى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني ان "الجيش العراقي لديه الان 500 الف جندي يخضع جلهم لأوامر نوري المالكي"، منوها الى ان "70 بالمائة من عناصر الجيش العراقي هم من العرب الشيعة و25 بالمائة منهم من العرب السنة فيما تبلغ نسبة الجنود الأكراد فيه 5 بالمائة فقط". ويضيف جهاد ان "من بين 21 قائد فرقة عينهم المالكي هناك اثنين فقط من الأكراد".

وترجع بوادر الخلافات بين بغداد واربيل الى وجود مناطق متنازع عليها في محافظات كركوك وديالى ونينوى وصلاح الدين حسب الدستور العراقي الذي افرد لها مادة برقم 140 حدد فيها اليات لحل مشكلاتها تبدأ بالتطبيع وتمر بالاحصاء واخيرا استفتاء سكانها بتخييرهم بين الانضمام لاقليم كردستان او البقاء ضمن الحكومة الاتحادية، غير ان اربيل تتهم بغداد بعدم الجدية في تنفيذ المادة 140 فضلا عن خلافات تتعلق بالعقود النفطية التي تجريها اربيل مع الشركات النفطية العالمية وتعارضها بغداد لعدم دستوريتها نتيجة عدم الاتفاق على اصدار قانون النفط والغاز الذي يأمل الطرفان في حله لهذه الاشكالات.

فيما تتهم اربيل المالكي بالتوجه نحو التفرد بالحكم وتهميش المكونات الاخرى المشاركة في العملية السياسية وقامت مع معارضي المالكي كالقائمة العراقية والتيار الصدري بحملة لجمع التواقيع لسحب الثقة عن المالكي.

لكن مساعي الكتل تعثرت بسبب رفض معظم مكونات التحالف الوطني والمؤيدين للمالكي من بقية الكتل وتراجع التيار الصدري عن موقفه الداعم لسحب الثقة عن المالكي، فيما يؤكد منتقدو المالكي أنهم ماضون باستجوابه وفقاً للدستور ولن يتراجعوا عن قرارهم.

ورغم تشكيل التحالف الوطني لجنة الإصلاحات والأنتهاء من تجهيز ورقة إصلاحية يمتد سقفها حتى نهاية ولاية نوري المالكي، كسبيل لحل الأزمة السياسية الراهنة في العراق، إلا أن إئتلاف العراقية والتيار الصدري والتحالف الكردستاني لا يزالون مصرين على إستجواب المالكي في مجلس النواب.