العراق وسياسة الامر الواقع في مواجهة داعش

اثبتت الوقائع على الارض ان العراق بقواته العسكرية ومليشياته السنية والشعية غير قادر على مواجهة داعش بفاعلية بدون اسناد جوي وإنْ ياتي احيانا من دون تنسيق مع العراق ، ويستذكر هنا بعض المحللين ما يحدث في سوريا ، حيث لم تستطع القوات السورية لحد هذه اللحظة دحر الارهاب عسكريا ، وها هي حمص قد مضى عليها اكثر من ثلاث سنوات دون حاحصل نهائي لصالح النظام السوري ، رغم الدعم الايراني المذهل لسوريا ، واصطفاف كثير من ابناء الشعب السوري مع الاسد ، وقد لا يكون ذلك حبا بالاسد بل كرها بالارهاب وخوفا من نتائجه ، وليس سرا ان هناك دولة اسمها دولة داعش على الارض السورية بشكل وآخر ، وقبل يومين حققت القوات السورية نجاحات ملموسة على الارض ، ولكن لا ننسى ان ذلك جاء بعدان قامت الطائرات الامريكية بدك الكثير من مواقع داعش والنصرة في سوريا ، وكان الاختيار منصبا على قواعد مهمة من الناحية الاستراتيجية. ، فكيف وهذه الحال سوف يستطيع العراق مواجهة داعش ، وجيشه مفكك ، والموصل خارج السيطرة واكثر عشائرها متورطة مع داعش ، والرمادي شبه مستقلة وعشائرها غير مستعدة بمحاربة الارهاب بشكل جدي ، والفلوجة شبه مققلة لداعش او لفكر داعش بشكل وآخر ، وديالى تعيش وضعا مرتبكا ، وقوات الحشد الشعبي الكثير منها غير مدرّب ، وتحكم الخلافات بعضها ، وهناك الصراع على المغانم والكراسي الوزراية داخل اهم تكتل تنتمي اليه هذه الحشود الشعبية ، ومشروع الصحوات ما زال غير واضح المعالم .
ان العراق بكل صراحة لا يمكن مقومات وعناصر النجاح في مواجهة داعش ، خاصة وان التجارب اثبتت ان الفكر الداعشي قادر على تخليق وتوليد خلايات متكاثرة بشكل سرطاني بين الشباب المحسوب على السنة ،
ان الانهيارات المتتالية في جسد الجيش العراقي مهما كانت الاسباب مخيفة النتائج ،وعلى راس هذه النتائج تشكك بمدى جهوزية هذ الجيش باداء مهامه هنا ، ولا يجور ان نخفي الكم الهائل من شهداء الحشد الشعبي المتواصلة على مدار الايام بل الساعة ، ولا ينبغي ايضا ان نقيم بعض الانتصارات انها تسوغ عقلا وواقعا امكان تعميمها في كل المناطق التي يحتلها داعش والارهابيين ، فضلا عن ان جيش البيشمركة هو الاخر غير مضمون الموقف النهائي لاسباب سياسية وجغرافية واقليمية ، وبسبب التقلبات السريعة التي تحصل على الرض بشكل دراماتيكي مخيف ,
يطرح بعض المحللين العراقيين مشروع اعادة تدريب وتسليح الجيش العراقي ، وضخ اكبر عدد ممكن من الشباب في المعركة خاصة من ابناء الوسط والجنوب ، وتسليح العشائر التي ترى في داعش وغيرها من المجاميع الارهابية ضررا عليهم ، ومن ثم التنسيق بين كل هذه المفردات لخوض معركة المصير مع داعش ، ولكن هذا الطرح يتسم بالمثالية بعض الشيء ، كم يحتاج العراق من زمن ومال وعتاد وجهد ليصل الى مثل هذا المستوى القتالي ؟ وكم هي فرصة الاعتماد على ضباط الجيش السابق وهاي هي بعض نماذجه متهمة بالمسؤولية الكبيرة عما لحق العراق من خسائر في البشر والجغرافية والتاريخ وهم قادة من الرتب العالية ؟ وقوات الحشد الشعبي مهما بدى عليها من اخلاص وشراسة ، ولكنها ليست بمستوى تدريب داعش وربما حتى حماسها في بعض الاحيان .
إذن ما هو الحل هنا ؟
الذي يخشاه كثير من المحللين ان يصل العراق الى قبول سياسة الامر الواقع ، فيستعين بالغرب ، ويسجل مرة اخرى اسفه على الموقف السلبي من الاتفاقية الامنية بشكل وآخر بعد ان اصر العراقيون على خروج القوات الامركية ، وان كان الامريكان ربما على رضا داخلي من هذا الاصرار .
ان كل المؤشرات تؤكد ان معالم الحرب الاهلية قادمة لا سامح الله ، ولا مانع ان تكون هناك حرب اهلية مع هدوء حذر ولسنوات طويلة يسود العاصمة بغداد ، كما هي في سوريا على سبيل المثال ,
نقطة هنا جديرة بالانتباه ، الخوف من ان بعض المناطق العراقية المبتلاة بداعش سوف تشرع لتواجد جيش اجنبي على اراضيها ، وإذا ما قبل الغرب او التحالف بهذا الطلب ، ما ذا سيكون موقف الآخرين.
ان المطلوب حقن اكبر كمية من دماء الناس ، وعدم المتاجرة بالعاطلين عن العمل ، والانحياز للواقعية ، وترك الشعارات العاطفية ، والا سيكون الطوفان