غرباء في أوطانهم

ليس الغريب غريب الدار والوطن، أن الغريب غريب اللحد، والكفن.

من هذه المقولة، والكلمات، ابتدأ كلامي عسى أن أقنع نفسي، والثلة التي تتداعى لمأساة النازحين، وتحاول أن تقلل من معاناتهم، وصدمتهم، التي قد لا يزالون ، مترنحين منها، غارقين بها، كأنهم سكارى، وما هم بذلك من سرعة الأحداث التي توالت عليهم.

أحداث مرت على أبناء العراق، كأنهم جالسين في إحدى دور العرض السينمائي أبان سبعينيات، وثمانينيات، وتسعينيات، القرن الماضي (لغلق جميع دور السينما بسبب الأمن المفقود منذ سنوات عجاف على يد المالكي والتطرف الوهابي المقيت) فعاشوا الذل بدل الغنى، وإلاهانة، بدل الكرامة، والتهجير، بدل الأمن، والاستقرار.

النازحون؛ مرة أخرى، ومعاناتهم التي عجزت الدولة صاحبة اكبر ميزانية بالمنطقة(أحاول أن أغمض عيني عندما أتكلم عن الميزانية، لأنها حبلى في شهرها التاسع، وننتظر ولادتها بعملية قيصرية بأيدي، لا تفكر بالشعب العراقي، وان كانت هذه الولادة مشوهة، أو مصابة بالشلل الولادي) وذلك أضعف الإيمان!.

نازحون، مهجرون، تاركين خلفهم ذكريات طفولة جميلة، وأيام صبا لا تنسى، وعلاقات كانت حميمة مع أناس استبدلوا الإخوة، والعلاقات الطيبة،  بلحى نجسة! ناكرين لقول رسول الرحمة، والإنسانية عليه أفضل الصلاة، والتسليم حين سأله احدهم بوصية قال له: جارك ثم جارك ثم جارك، وقيل حتى ظننا إن الجار سيورث جاره. 

تكالبوا عليهم كالذئاب، متناسين تلك الروابط القوية التي تجمعهم ليهجروهم، ليس لذنب اقترفوه، أو خيانة ارتكبوها فقط لأنهم عراقيين يحبون وطنهم وان جارت (بلادي وان جارت علي عزيزة وأهلي وان شحوا علي كرام).

أناس تركوا القصور والبيوت المعمرة ، تركوا المزارع المخضرة، والمصانع والمعامل، تركوا الثروات والخيرات ليسكنوا في المدارس والجوامع والحسينيات ليتصدق عليهم أهل الخير والرحمة مما أعطاهم الله في وقت كان لزاما على الدولة أنصافهم، وإسكانهم بأحسن المساكن، وأترف عيشه إكراما لهم، لا أن يتركوا للزمن بدون مأوى، ولا نصير أو حتى بدون  رواتبهم الوظيفية لشهرين أو ثلاثة.

نعم؛ إنهم يرجون رحمة ربهم، لا رحمة أولئك الساسة التي لاتهمهم سوى مصالحهم الشخصية، والحزبية المقيتة.