وباء الغباء

تناسل المشاكل الأمنية في العراق ووصولها الى منعطف خطير ، يعزوه بعضهم الى أسباب وعوامل عديدة من ابرزها الخلاف السياسي وسوء الإدارة طيلة السنوات الماضية ، وإصرار جهات متنفذة في الحكومات المتعاقبة  على التخلي عن الدستور وتفسير مواده بشكل يخدم مصالحها ومكاسبها. وما صدر  من تصريحات  حول الخلافات سواء من الساسة والمسؤولين ، يكفي لتأليف موسوعة من الف جزء تسرد بالحقائق والوقائع والوثائق تفاصيل المهزلة العراقية ،  بإمكان الأجيال المقبلة اعتمادها لتفادي  أخطاء  أسلافهم ،وما خلفوه من تركة ثقيلة  ألقت بظلالها القاتمة على البلاد والعباد.
الموسوعة المفترضة ،  ستضم تصريحات جميع ممثلي المكونات العراقية في السلطتين التشريعية والتنفيذية ، بدءا من دعوة احدهم الى استنساخ زعيم  ائتلافه لقناعته بان الاخير رمز وطني وقائد همام ، استطاع بحكمته وإيمانه العميق  ان ينقذ البلاد من السقوط في مستنقع الحرب الاهلية ، وتصريح اخر تبنته سيدة  طالبت بتحقيق التوازن بين القتلى  طبقا للانتماء المذهبي ،  وتصريح ثالث صادر عن نائب حصل على عضوية مجلس النواب ، بطريقة التعويض ، شدد على الإسراع بتشكيل جمعية  الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في العاصمة بغداد ،  لتتولى  محاربة المظاهر المدنية ، ومنع النشاطات الفنية والثقافية ، لانها من وجهة نظره تشجع على إشاعة ممارسات لا  تنسجم مع الأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع ،  وفي الموسوعة صورة وتصريح نائب اتهم اقليم كردستان بالتعاون مع الجماعات المسلحة  بهدف تقديم خدمة مجانية لإسرائيل ،  بالقضاء على فصائل المقاومة الاسلامية ، ولعل ابرز ما ستحتويه الموسوعة  اتهام  رئيس وزراء سابق  من قبل نائبه  بالدكتاتور ثم التخلي عن التصريح  واعلان الاعتذار ، بعد ان شعر صاحب الاتهام ان الإصرار على موقفه سيجعله يخسر الامتيازات والوجاهة والدخول في مطب قد يكلفه اصدر قرار قضائي بحقه يلحقه بالهاشمي والعيساوي .
جزء كامل  من الموسوعة خصص لجهاز كشف  المتفجرات ، والأشخاص المتورطين بصفقة فساد  استيراده واعتماده وإجبار الأجهزة الأمنية على استخدامه في السيطرات على الرغم من فشله في  كشف شخاطة  وبندقية  وصندوق عتاد في سيارة رئيس العصابة .
صاحب فكرة جمع الموسوعة واصدارها وتوزيعها ضمن مفردات البطاقة التموينية مع ضمان وصولها الى النازحين والمهجرين ،  الإعلامي احمد هاشم ، المعروف بين زملائه بانه مكتشف نظرية شاعت في العراق " اعتماد الغباء في التعاطي مع الملفات الشائكة " وهو يسعى الى تحقيق هدف محدد  يتلخص بتشخيص  الساسة والمسؤولين  السابقين والحاليين الذين جعلوا من الغباء وباء ينتشر في الساحة العراقية ، وجعلوه علامة فارقة ، تحتاج الى جهود أجيال لإزالتها ، ثم  وضع الحصان  أمام العربة لاستكمال المسيرة ،  وتنفيذ حملة تلقيح  وطنية شاملة لمنع انتشار الوباء وانتقاله الى الاجيال المقبلة ، احجز نسختك  لتضمن مستقبل أبنائك وأحفادك ، ولا تأسف على سنوات عمرك يا "جبر" فلست الوحيد المصاب بالوباء الخطير .