خبر الصحافة مؤخرا عن تمسك المالكي بالقصر الساكن فيه وهو بالطبع أحد قصور صدام الفخمة ورفضه مغادرته ليحل مكانه رئيس الوزراء الجديد الدكتور حيدر العبادي ، هذا الخبر لا يتقبل الشك فالرجل مهووس بالدنيا وبالمناصب وامتيازاتها وأموالها نقدها وعقاراتها ، وسبق أن تمسك بتلابيب منصب رئيس الوزراء قبل أن يقتلع منه اقتلاعا ، تجربتنا مع الرجل أنه لايفكر بغير الأبهة والرفاهية الملكية التي نزلت عليه فجأة ، واعتاد عليها وهو غير مستعد للتخلي عنها بعد أن ذاق طعم حلاوتها وطراوة لذتها .. ولا نعتقد أن الرجل سوف يتخلى عن قصره المشيد الهاروني إلا أن يقتلع منه اقتلاعا كما حصل مع كرسي الرئاسة .. والذي يؤسف له أن الجعفري سبق المالكي في قضية مشابهة تماما ، فعندما اصرت الكثير من الأطراف السياسية على عدم توليه منصب رئيس الوزراء أواخر 2005 وضع شرطا صارما للتخلي وهو البقاء بالقصر الذي يسكن فيه وبالطبع هو أحد قصور صدام المقبور أيضا ، وفعلاً ومن أجل تسهيل عملية التخلي عن المنصب رضخت الأطراف على طلبه وبقي في القصر يمارس حياة ملوكية ويستقبل في قته الفارهة اجتماعات الكتل السياسية وخاصة منتسبي التحالف الوطني . وبقي يطرب لحديث الصحافة وهي تردد بين فترة وأخرى أن الاجتماع كان في منزل الدكتور ابراهيم الجعفري . لقد أختار الرجلان واشباههما من رموزنا ( للأسف الشديد ) طريق هارون الرشيد وتخليا تماما عن طريق ( علي بن أبي طالب ) عليه السلام ، فعلي عليه السلام عندما دخل الكوفة لأول مرة كان على بغلة شهباء وعليه درع متواضع وأمامه قنبر يقود البغلة ، وقف عليه السلام عند أول جمع خرج لاستقباله عند أطراف الكوفه ورفع صوته قائلاً : يا أهل الكوفة ها أنا أدخل الكوفة أميرا عليكم ببغلتي هذه ودرعي وخادمي ، فإذا خرجت منكم بغير ما أنا امتلكه هذه الساعة فأنا خائن لله ولرسوله ولكم. فهل أصبح في وسع أحد منا أن يصدق أن العراق يمكن أن يتقدم سنتمترا واحدا ومن يمسك بزمام قياداته اشخاص مثل المالكي أو الجعفري الذين امضيا ما يقارب الحقبة من الزمن وقد ( شفطا ) هما ومن يحيط بهما أغلب أموال فقرائنا وسيطرا على ألاف العقارات والشركات ووسائل الإعلام وقطع الأراضي واحتكرا أغلب المناصب الدبلوماسية المتميزة لأبنائهم واصدقائهم وجيرانهم ومن يخصهم.. وخاصة أن كل العقلاء يجمعون على أن الشيعة في العراق قد أصبوا هدفا ليس لأوباش البعث الصدامي وزبانيته من أمثال العيساوي والهاشمي ورموز المخطط البعثصهيوني وهم كثر في العملية السياسية البائسة ، أن هناك مؤشرات على أن القوى الغربية هي الأخرى تفكر في ترويض الشيعة في العراق وسلب بساط الحكم من تحت أقدامهم بحجة التوازن الطائفي وتحت ضغط مصالحهم المختلفة .. لقد كان جشع قادتنا واهتمامهم المحموم بمصالحهم وبدنياهم سببا مباشرا في فتح جهنم داعش وانهار الدماء التي لم تزل تجري .. وليعلم هؤلاء أن كل قطرة من شبابنا التي سفكت خلال السنوات الثمان الماضية وما بعدها سوف تصرخ بوجوههم في يوم القيامة وسوف يدفعون ثمن ذلك في الدنيا ( خزيا ) ايضاً ، وهذه سنة إلهية ومن أراد أن يقف عليها فليرجع للتاريخ القديم والحديث .
|