المعارضة والشراكة في منظومة الفكر السياسي لأياد علاوي |
معارضة الحكومة حالة ديناميكية متغيرة تتحرك ، موقفا وموقعا ، بموازاة توافق او تعارض السياسات الحكومية مع المصالح العامة ، طبقا لرؤية المعارضة وتقديراتها السياسية . ان حركة المواقف والمواقع لاتعني الانفصال عن الثوابت اذا ماكانت تأكيدا لحيويتها وتجديدا لقيمها ، فالثوابت هي الاخرى خاضعة للمراجعة وإعادة التموضع لتكون قادرة على الاستجابة للتحديات المستجدة والمعطيات المتسارعة ، وفقا لمنطق ان المفاهيم - بما فيها الثوابت - ينبغي ان تكيف بما يخدم الانسان وليس العكس . هذه الفلسفة كانت حاكمة لسياسات ائتلاف الوطنية وقيادته ، حتى قبل ان يتخذ هذا الاسم ، من خلال مركزية الانسان - المواطن - في فكر وممارسات قيادته ، والتي عكسها زعيم الائتلاف الدكتور اياد علاوي خلال مرحلة نضالية امتدت لعقود طويلة . ان محورية الانسان ( المواطن ) في الفكر السياسي للسيد علاوي هي الثابت الوحيد غير القابل للتغيير ، اما العناصر الاخرى فهي تدور في فلك هذه القيمة العليا ولاتنفلت عنها ، وهي تتدرج في أهميتها وموقعها بمواكبة وظيفتها في خدمة المواطن كغاية نهائية للعمل السياسي . تبعا لهذه الجدلية حدد السيد علاوي وحركته السياسية الوفاق الوطني العراقي موقفهما الرافض لدكتاتورية صدام وانتهاكاته لحقوق الانسان وحرياته وعدوانه على دول الجوار ، ليضعا نفسيهما في موقع المعارضة والمواجهة معه بعد ان اغرق النظام نفسه في مستنقعات الدماء والوحشية والجنون ، وعلى ذات الارضية الفكرية ارتكزت مواقفهما الرافضة والمتصدية للنهج الطائفي السياسي ومتبنياته وقياداته بعد التغيير في العام 2003 ، الا ان بصيص الأمل بفسحة الديمقراطية والحرية التي رافقت النظام السياسي الجديد وتقديرات الدكتور اياد علاوي لمتطلبات المشروع الوطني أملت عليه ابقاء جسور الحوار ممتدة الى الفرقاء السياسيين الذين تبنوا هذا النهج ، وفتح الابواب على مصاريعها لتحقيق المصالحة الوطنية والشراكة مع جميع العراقيين عدا الارهابيين والمجرمين وسراق المال العام . اليوم ، وبعد ان اثبتت التدابير العسكرية والامنية واساليب القهر والاكراه منفردة عجزها عن تحقيق الامن وبسط الاستقرار بات من الملزم انتهاج طريق المصالحة والشراكة بموازاة تمتين الحلف الوطني والدولي في ضرب الارهاب وجماعاته المجرمة كمسارين متلازمين ، وان من متطلبات ذلك وفي مقدمتها دعم الحكومة الوطنية ، التي قيض للسيد العبادي رئاستها ، في مواجهة هذه التحديات ، خاصة مع اتضاح حسن النوايا وجدية التدابير للحكومة الوليدة ورئيسها ، وكسر اطواق العزلة الداخلية والخارجية ، وهي دوافع كافية لأن تغير قيادة الوطنية من مواقفها المعارضة السابقة والتي كانت وليدة ظروف مختلفة ، وتتحرك الى موقع الشراكة أملا في بناء عراق ديمقراطي حر يتسع لكل ابنائه ويكون عضوا فاعلا في المحيطين الاقليمي والدولي .
|