ذوو الجباه السود حولوا احلامنا الى كوابيس

اتمشى.. نهاية السبعينيات.. مع صديقي مهند عبد الكريم، ذي الاصل السماوي، قرب جامع (عمر الفاروق) حيث يقع بيتنا في شارع فلسطين، وأنا لم ازل طالبا في الثالث المتوسط.

سمعت الآذان؛ فقلت لمهند:

-        اتمنى لو أسمع آذنا يذكر فيه علي ولي الله وحيّ على خير العمل، يبث من تلفزيون جمهورية العراق.. انها امنية حياتي.. اسمع آذانا ذا (علي ولي الله) و(حيّ على خير العمل) اسمعه مرة واحدة واموت بعدها.

عقب سنة.. وأنا في الرابع الثانوي العام، اعتقلت.. عضوا في حزب الدعمة الاسلامية.. جرى لي ما جرى، داخلا مديرية امن صدام انا وشقيقين لي، اعدما، امام عيني، وخرجت فردا واحدا، والاثنين الاخرين طواهما ظلم صدام، شهيدين.

اعتقل افراد اسرتي.. واحدا واحدا.. حتى عرضي العزيز من حرمة النساء... وظل حلمي بقائد شيعي.. قائما.. حتى جاء الشيعة الى دفة الحكم، وحولوا احلامنا الى كوابيس، اذ اجتمع شذاذ الآفاق، من حواري سوريا وأرجاء طهران وأسرة شيراتونات باريس الوثيرة، الى رفاه المنطقة الخضراء، يدعون انهم حررونا من نير الطاغية المقبور صدام حسين، يحملوننا مسؤولية السعادة التي تمتعوا بها خارج دولاب الدم الدائر في العراق.

استقطب سقوط الطاغية المقبور صدام حسين، اصحاب الجباه السود، الموشومة جبائنهم، بباذنجانة، أقرب شبها بجباه الخوارج يوم النهروان.

احبطونا بانشغالهم بالمغنم عن الدولة.. اهمال للخدمات ولمعاناة الناس، يتناحرون على مميزات السلطة، ويكيفون الدستور وفق منافعهم، التي تضر البلاد والعباد، ولا تعنى بموازنة شهوة المال التي لم ترتوِ، مع حاجات الشعب، الفاغرة فاه العوز تحت الحد الادنى من الكفاف.

بعد 9 نيسان 2003، نطق التلفزيون بعلي ولي الله وخير العمل، لكنه تنكر لعلي (ع) بسيء العمل؛ الامر الذي احبطنا، فلم اعد اتوجه بالزيارة الى ضريحي الحسين والكاظم.. عليهما السلام، الا من سنتين الى سنتين؛ تحاشيا للتشابه مع الادعياء،  في حين كنا نتحدى الطاغية بزيارتيهما اسبوعيا.

احبطنا ذوو الجباه السود، حد الندم على كل لحظة تمنينا فيها ان يجيئوا، كما قال الشاعر زاهر الجيزاني:

"مروا كرادلة وراحوا

مروا

انتظرتهم طويلا

حينما وصلوا اشاحوا".