سايكولوجية "السيد النائب"

لم يكن لقب "السيد النائب" شائعا او متداولا بالعراق قبل "الولاية الثانية" لحزب البعث التي عاد لها في تموز عام 1968، بعد ان خسرها في تشرين الثاني عام 1963. منح اللقب الى صدام حسين او انه منحه لنفسه. كانت فكرة مدروسة ومحسوبة تماما كما اثبتت الأيام فيما بعد. صار النائب رئيسا وضاع الرئيس بشرية ميّه.
صدام حسين، المهووس بصناعة المؤامرات وتأليفها الى ان صار "كاتبا روائيا" فيما بعد، دلته غرائزه على ذلك المنصب. فعلا نجح نجاحا كبيرا في إخفاء نوازعه ودوافعه الشريرة وأظهر نفسه بشكل مختلف تماما عمّا بداخله. 
فتح هاتفه للناس وكان يحدثهم بلغة متواضعة. يزور المحافظات ويصافح المسؤولين وحتى بسطاء الناس وكأنه درويش على باب الله. في كل مكان يذهب اليه يعبر عن حبه "للأب القائد". أتذكرون كم من مؤامرة ومحاولة اغتيال لأحمد حسن البكر الرئيس أنقذه منها صدام حسين؟ حتى "أبو طبر" لم يخلصنا منه غير "السيد النائب". 
لم يجرؤ أحد بوقتها على التنبيه لخطر ذلك المنصب. من نبه لما يحل بالعراق والعراقيين بفعل "دهاء" السيد النائب هو الحدس والفطنة الشعبيين. كان ذلك بعد تصفية البكر ليحل النائب محله. من مدينة الثورة، في آنها، سماه الناس "بطيحان". مفردة واحدة اختصرت آلاف الجمل الوصفية لسيكولوجية صدام. من يتذكر المسلسل الأردني "الغريبة" الذي عرضه التلفزيوني العراقي في أوائل الثمانينات قطعا يعرف "بطيحان" الذي كان يبكي على مصلحة القبيلة وشيوخها الى ان صار رئيسا ولعب ما لعب. لا اعتقد ان العراقيين نسوا تلك التي صاحت بسائق "الكوستر": يمه نزلني يم صورة بطيحان. كانت تقصد صورة صدام المنتصبة وسط "فلكة الحي" بمدينة الثورة آنذاك.
بصراحة لا أدري لماذا تذكرت قصة "السيد النائب" وحكاية "بطيحان". هل ربما انني اشم رائحته في هذه اليوم وهو يجوب في المحافظات يبوّس الخدود وينبه "الرئيس" الى ان هناك مؤامرات تستهدفه وانه "يقف" ضدها؟
دخيلك يا علي الشرجي!