كان من المقرر أن تنطلق يوم أمس تظاهرات في العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية, إحتجاجا على سياسات رئيس الوزراء العراقي الجديد الدكتور حيدر العبادي. وذلك بعد قراره بإيقاف قصف المدن التي يتحصن فيها تنظيم داعش الإرهابي بعد أن سقطت في يديه في زمن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي, وكذلك احتجاجا على مجزرة الصقلاوية التي راح ضحيتها عدد من الجنود العراقيين, واحتجاجا على ما أسموه التنازلات التي قدمها العبادي للسنة والكرد.
وبالرغم من ان الجهات الداعية للتظاهرات لم تفصح عن نفسها إلا ان الشكوك تحوم حول رئيس الوزراء السابق الذي فقد منصبه وفقا لقواعد اللعبة الديمقراطية. وقد تأكدت تلك الشكوك بعد أن فشلت تلك التظاهرات يوم أمس , إذ لم تخرج سوى مجموعات صغيرة في بغداد فيما خلت المحافطات العراقية الأخرى من أي شكل من أشكال الإحتجاج.
واما سبب الفشل فيعود الى طلب المالكي قبل يومين من انصاره عدم التظاهر والإعتراض على سياسات العبادي كما ودعا الى منحه متسعا من الوقت. فكانت الإستجابة سريعة من منظميها ومن انصار المالكي بعدم التظاهر يوم أمس وهم الذين حشدوا قواهم عبر مواقع التواصل الإجتماعي وعبر المواقع الألكترونية وشغلوا ماكينتهم الإعلامية ظانين أن بإمكانهم اسقاط حكومة العبادي.
وهذه الإستجابة لأوامر المالكي تؤكد وبما لايدع مجالا للشك بأن هذه المجاميع تحت إمرة المالكي وتأتمر بأوامره وتنتهي بنواهيه وبانه من يقف وراءها. وهي تكشف كذلك عن الأحلام المريضة التي لازالت تعشعش في رأس المالكي وبأنه حاضر وفي ظل هذه الظروف التي يمر بها العراق على فعل أي شيء لتحقيق حلمه في العودة لكرسي رئاسة الوزراء. فهو اليوم يمارس دور المعارض للعبادي علما بأنه جزء من الحكومة وهو الدور الذي طالما كان يعيبه على القوى الأخرى طوال سنوات حكمه.
فقد انتقد قرار العبادي بوقف قصف المدن وانتقد تقديم اي "تنازلات" للفرقاء السياسيين, فهو يريد ادارة العراق بنفس دكتاتوري تسبب بوصول البلاد الى ما وصلت اليه اليوم من وضع مزري على كافة الصعد. إن المالكي يمارس اليوم دورا خطيرا عبر إستغلاله لمنصب نائب رئيس الجمهورية الذي يوفر له حصانة, وما على القوى الوطنية الا تخييره بين لعب دور ايجابي في الحكومة او الإستقالة من منصبه ولعب دور المعارضة وبغير ذلك فلاخيار غير إقالته وتقديمه للمحاكمة بتهمة التفريط بأرواح العراقيين في سبايكر وتلعفر وسنجار وغيرها من المدن, وفشله في الوقوف بوجه تنظيم داعش وتسليم قادته العسكريين عدد من المدن العراقية للتنظيم وفي طليعتها الموصل, واستيراده لأجهزة فاسدة لكشف المتفجرات تسبب بإزهاق ارواح الاف العراقيين وفساده وعشرات التهم الأخرى التي تندرج في باب الخيانة العظمى.
|