تركيا لن تكون بوابة... فاحذروا من مكائدها !!! |
لعل الامر المكشوف في عدم دخول تركيا في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الارهابي له أكثر من سبب ، وما تراها هذه الدولة ان التسرع باتجاه اتخاذ قرار بالمشاركة مع الولايات الامريكية سينعكس سلبا أوضاعها الداخلية و على استراتيجيتها الخاصة بكوردستان ، خصوصا وقد تبنت في السنوات القليلة الماضية من ما بعد سقط نظام صدام في العراق سياسة ذكية باتجاه فرض وجودها الاقليمي كقوة لا يستهان بها ، والتي استطاعت من خلالها معالجة الركود في حالتها الاقتصادية حينما فتحت اقليم كوردستان ابوابها امام التجارة التركية دون قيود او شروط ، ومن ثم تهافت الشركات الاستثمارية التركية العملاقة على الاقليم للفوز باكبر الفرص الاستثمارية مما دفعت بهذه الدولة ان تفكر باتجاه توسيع قاعدتها الاقتصادية في كوردستان التي تضمن لها السير نحو اهدافها السياسية دون عائق ... من خلال تدخلها العسكري المباشر في كوردستان بحجة مطاردة مسلحي حزب العمال الكوردستاني ، اضافة لاستهداف طائراتها الحربية للسكان المدنيين وقصف القرى والقصبات الكوردية بهدف اخضاع الاقليم لسياسة الامر الواقع ، والذي اخطأت قادة الاقليم في قراءة نوايا هذه الدولة ، ووقعت في مكائدها المتعددة لمرات عديدة خصوصا حين شاركت معها في قتال مقاتلي (pkk ) ، وأحدثت بذلك شرخا كبيرا ونزيفا كورديا كورديا من الصعوبة ان يلتئم جراحاتها ...
فيما لو عدنا قليلا الى الوراء لوجدنا بانها كانت على شفى حفرة من الانهيار الاقتصادي والسياسي ابان فترة النظام السابق في العراق ، بل وكانت تعيش على فتات الموائد العراقية وبشروط عراقية صرفة دون الزامه من طرفها بأية وصايا كالتي نراها هذه الايام ، حين حاولت مراراً وتكراراً ان تكون طرفاً في صياغة اي قرار يهم العراق لوحده بشكل عام وكركوك بشكل خاص ، وهذا يعني ان تركيا كدولة جارة لكوردستان العراق كانت تتبنى سياسة خفية عدائية دون الاعلان عنها مررها بذكاء سياسي مبرمج وبعقلية شقت طريقها وسط جهل سياسي كوردي غير مدرك لطبيعة نواياها ، والتي انحصرت أولا وأخيرا في امتصاص قوة السياسة الكوردية ما بعد سقوط النظام ....
وهذا ما نجدها عند الاشارة الى مكائدها التي اخذت طابع التشجيع المستمر بإقامة الدولة الكوردية بل واعلانها دون شروط ، ومن ثم الانقلاب على وعودها بل الانضمام الى صفوف معارضي هذا الحق الكوردي المشروع ، والتنصل عن التزاماتها بغية افشال التجربة الكوردستانية الناهضة وطمس معالم نهوضها التي تحظى باهتمام دولي واسع ، ومن ثم وضع الكورد تحت طائل من الضغوطات السياسية التي من شأنها ان تعرقل مسيرة البناء والعمران الناهضة في كوردستان ، ليعود الكورد مجدداً الى ذات المربع الذي بدأ به مشواره النضالي ....
اذن ... اعتقد ان احدا لا يخالفنا الراي ان تركيا التي تبجحت بحسن نواياها مع الكورد ، كانت تخفي من وراءها ، أكثر من هدف سياسي واقتصادي ، واستطاعت ان تمررها تحت غطاء الحرص على المصلحة الكوردية ، وخصصت من اجل ذلك اعلاماً قوياً ذات بعد مهني وتخصصي تمكن من أداء دور وتأثير نفسي على الساحة الكوردية ، بل واعطت ثمارا قويا حين بدأت العلاقات الكوردية التركية تسير وفق خط بياني صاعد خلال السنوات الاخيرة أذهل العديد من المحللين السياسيين في المنطقة على طبيعة سرعة هذه العلاقات التي لم تك لحكومة بغداد اية دور في سرعة تناميها بهذه القوة المفرطة بين حكومة الاقليم والحكومة التركية ...
وبذلك استطاعت تركيا وبعقلية سياسية ذكية ، ((والتي هي من حقها المشروع اسوة بكل دول العالم ان تسلك كل الطرق والوسائل من اجل مصالحها و ضمان أمنها القومي والوطني ، لأنها دولة تمتلك شعبا واعياً وراقياً يراقب ، وينتقد دون خوف ، ولا يصفق لزعمائه السياسيين عن فراغ ، ولا يضعهم في مكانة الاولياء والصالحين )).. وبذلك استغلت بذكاء خلاف حكومة الاقليم مع الحكومة المركزية بخصوص عمليات التنقيب عن النفط وعمليات تصديره ، لكي توسع من اطار فجوة الخلاف باتجاه مصالحها ، وتحاصر الاقليم من كل الاتجاهات ، وتستحوذ على النفط المستخرج باتفاقية بعيدة المدى ولمدة خمسين عاما ، و من ثم تترك الكورد عاريا امام اكبر هجمة شرسة لتنظيم معادي متطرف مثل داعش ، والتي هي من صنيعتها ودعائمها لتكون اداتها في الضغط السياسي والاقتصادي على كوردستان العراق بهدف تخليه عن دعم وايواء الاحزاب المعارضة الكوردية في تركيا ....
اذن ... نقولها بصراحة ووضوح...ان حكومة الاقليم وبتوجيه من رئاستها قد وقعت في شرك هذه الدولة المنقسمة على ذاتها بين العلمانية والاسلام السياسي حبا بمصالحها ليس الا .. واندفعت بسوء التقدير بأمل المزيد من المكاسب القومية ، ظناً أن تركيا ستكون بوابة للعبور نحو اقامة دولتها المستقلة دون ادراك لحجم اخطاءها السياسية ، خصوصا حين استبد اصحابها في المضي بها دون مراجعتها ، وهنا أعتقد جزما ان العروش التي تهاوت بالأمس القريب لم تكن سببها قلة العتاد والسلاح والمحاربين بل كانت نتيجة اخطاء قاتلة اودت في نهاية المطاف بالمكاسب والمكتسبات في غفلة من الاسترخاء والغرور و عدم الحسبان ....
لذا فان الاعتماد على ذوي صلة الارحام و القربى في تيسير مهام الحكم والادارة ، كلفت الاقليم الكثير من النكسات والازمات ، وثم ابرام الاتفاقيات الجانبية على العديد من المسائل ذات العلاقة ببيع النفط مع دولة مثل تركيا التي قطعت أخر اشواطها في عالم السياسة والاقتصاد ، دون الرجوع الى البرلمان لتفادي الخطأ والوقوع في منزلق المفاوضات الغير المتكافئة من حيث اشخاصها ولغتها وعدم القدرة لحسمها على ضوء المصالح ، بمعنى ان كل الاتفاقيات لحكومة الاقليم مع تركيا تبقى من اشد الانتكاسات السياسية التي يعيش الاقليم مراراتها في هذه الايام ، حيث ان حكومة الاقليم غير قادرة على دفع رواتب موظفيها بسبب سياسة التعنت ورفضها الرجوع الى الحكومة المركزية كمرجعية دستورية والتفاوض معها بشان خلافاتها السياسية والنفطية والمالية ...
ولهذا فان حكومة اقليم كوردستان مدعوة على اساس الحرص الوطني والقومي ان تراجع اخطاءها السياسية وتسعى باتجاه انهاء خلافاتها مع الحكومة الاتحادية ، والعمل على ازالة كل العقبات التي تعترض التفاهمات المشتركة حول كل المسائل المتعلقة ، لكي تبقى كوردستان فوق كل الرهانات السياسية الاخرى الخارجة عن الاطار الوطني ، وتتجنب من غدر المنافقين واصحاب الدسائس وخيوط مؤامراتهم الدنيئة ....
|