هل الحرب القادمة كردية عربية بعد حرب داعش الغبراء؟

رغم مضي أكثر من إسبوع على بدء الضربات الجوية لقوات التحالف على داعش.إلا إن المحللين والمراقيبين لا يرون أي مؤشر لتغيرٍ في موازين القوى على الأرض.وهذا يعني عدم فاعلية هذه الغارات.وتمكن داعش من المناورة وإخفاء مقاتليها وتطبيق نظرية نقل المعركة من العدو القريب الى العدو البعيد وهي الستراتيجية العسكرية التي كتب عنها المنظر السلفي أبي بكر ناجي والخاصة بمرحلة التمكن وإقامة دولة الخلافة في كتابه الشهير إدارة التوحش. والذي وجدت أميركا فصول منه في مقر إبن لادن .والواقع يقول إن داعش وحلفاؤها هم من إزدادوا قوة وإحتضاناً من المحيط المحلي.ويبدو أنَّ حرب التحالف على داعش ستطول كحرب داحس والغبراء الجاهلية.

فحرب داحس والغبراء من حروب الجاهلية .وقعت في منطقة نجد بين فرعين من قبيلة غطفان .وهما عبسٌ وذبيان. دامت أربعين عاماً.وداحس والغبراء هما إسمان لفرسين. فقد كان داحس حصاناً لقيس بن زهير العبسي .والغبراء فرساً لحذيفة بن بدر الذبياني القطفاني. وكان سبب الحرب سلب قافلةَ حجاجٍ للمناذرة تحت حماية الذبيانيين. فغضب النعمان بن المنذر. وأوعز بحماية القوافل لقيس بن الزهير من عبس ,لقاء شروط إشترطها إبن الزهير. ووافق النعمان عليها.وتراهن قيسٌ وحذيفة على سباق للفرسين والفائز يكون هو من يقوم بحراسة القوافل. كانت المسافة كبيرة تستغرق عدة أيام تقطع خلالها شعب صحراوية وغابات، أوعز حمل بن بدر من ذبيان لنفر من أتباعه أن يختبئوا في تلك الشعاب قائلا لهم: إذا وجدتم داحس متقدما على الغبراء في السباق ,فردوا وجهه كي تسبقه الغبراء. فلما فعلوا تقدمت الغبراء. وحينما تكَشَّف الأمرُ بعد ذلك اشتعلت الحرب بين عبس وذبيان.

عندما علمت حكومة صاحبة الجلالة البريطانية بإتفاق الحكومة العراقية الملكية مع الكويت لتنظم للإتحاد الهاشمي غضت الطرف عن تحرك الجيش العراق وقيام ثورة 14/تموز 1958 وحدث ماحدث إبتداءً بمجزرة الرحاب, ومن ثم الصراع الدموي بين الشيوعيين والقوميين.

وتكرر الحال عندما علمت حكومة صاحب الجلالة البريطانية بأن هناك إتفاقاً وشيكاً سيحصل بين المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم وأمير الكويت حدث إنقلاب 8شباط 1963 وحدثت المجازر .ودخل العراق دوامة العنف الدموية.ثم جاء حزب البعث للحكم في 17تموز 1967 وكما صرح المرحوم علي صالح السعدي بالقطار الأمريكي.

وإستمر الحال وحدثت حرب الكويت .بإغراء أمريكي وجاءت جيوش بوش الأب .وأُخْرِجت القوات العراقية مدحورة من الكويت .وتقدمت القوات الأمريكية والحلفاء بالأراضي العراقية قاصدة بغداد .إلا إن بوش الأب تراجع عن هذا, بعد إتصال من الملك فهد . فباع بوش شعبَ العراق . وصالت قوات النظام وجالت وسحقت وأبادت وغيبت الأعداد الغفيرة من شعب العراق تحت مرأى ومسمع أميركا ودول الغرب ومن تحالف معها . وسَلِمَ النظام .ودفع العراقيون الثمن ذلاً وحصاراً. وجلس المنتصرون مع المهزومين في خيمة صفوان ووقعوا إتفاقية الذل . وأصدر مجلس الأمن قرارات متعسفة بحق شعب العراق تحت البند السابع وفرضوا غرامات قاسية دفعها شعب العراق ولازال يدفع.

ثم جاء بوش الأبن بجيوشه وجيوش التحالف ليدمر الأسلحة المحظورة في 2003.ولكنهم لم يجدوا هذه الأسلحة وإحْتُلَ العراق ودُمرت بناه التحية وقواه العسكرية وإستبيحت أرضه ومياهه وسيادته.هذه حلقات من المآسي التي مرت بشعب العراق.والمُخَطِطُ والمُبرمِج والمُخرِج والمُدمِرواحد هي قوى الغرب.

واليوم جاءت داعش وإحتلت ثلث الأرض العراقية وهجرت وسبت وإجتزت الرقاب.وأميركا تتفرج ولم تتحرك إلا بعد أن عمَّ الخراب وإقترب الخطر الداعشي من مصادر نفط الخليج وإستولى الدواعش على منابع للنفط في العراق وسوريا وهرَّبوا النفط وباعوه بثمن بخس ,عن طريق حليفتهم تركيا فتأثرت أسواق النفط العالمية. وهذا يعني خسارة كبيرة للشركات الكبرى.وخطرٌ داهم يهدد الأقتصاد الغربي المتدهور.

وكان الحل هو التحالف ضد داعش ولكن كيف.هو إضعاف داعش بالضربات الجوية ثم القضاء عليها.فيا ترى ما مدى الفترة الزمنية المعنية بالحرف ثم ؟وكم زمنها هل هو أربعين عاماً كحرب داحس والغبراء؟. وداعش بدل أن تضعف قويت فإقتحمت هيت وهددت والرمادي.ومقابل هذا إندحار للقوات العراقية ومن يحالفها من عشائر الأنبار.هذه هي حلقات تدمير العراق المبرمجة والمنفذة في التأريخ الحديث.

فأميركا والغرب في حربها على داعش لا تهتم إلا بتسليح البيشمركة وتدريبها حتى باتت أقدر وأقوى من القوات المسلحة الأتحادية العراقية. وهيَ تعلم إنها لا ترتبط بالقيادة العامة للجيش الإتحادي ولا تعترف يسيادة الحكومة الأتحادية.ولا تلتزم بتعليماتها وتتجاهلها.وحدث أن طردت قوات الجيش العراقي عدة مرات وبقوة السلاح من أرض لم تكن تابعة للإقليم الكردي.فالمخطط إذن حروب وإضطراب أمنٍ مستمرٍ دائمٍ في العراق لأمرْ في نفس يعقوب.

أما الجيش العراق فلم يحظَ بمثل هذا الأهتمام وحاله من سيء الى الأسوء حتى إن القيادة العسكرية العراقية إعترفت بأن طيرانها ألقى الأمدادات العسكرية والمؤن على قوات داعش بدل أن يرميها على قواتنا المحاصرة في الصقلاوية. والعذر أقبح من الفعل ,وهو إن طيارينا غير مؤهلين .فما السبب في هذا وما الهدف؟ لماذاتعززأميركا والغرب قوات البيشمركة. وهي تتقدم كل يوم وتستولي على أرض عراقية وتتمسك بها ولا تسمح لقوات الجيش العراق بدخولها بعد هذا.ولماذا تترك أميركا القوات الأتحادية تتلقى الهزائم تلو الهزائم. ولماذا ساستنا لا يعترفون بالحقيقة بأن جيشنا الآن غير قادر على القتال ؟ولا يتمكن من صد داعش.نحن منذ أكثر من سنة لم نتمكن من إستعادة الفلوجة واليوم داعش إقتحمت هيت . فأنى لنا هذا وكيف أستعادة الموصل وتكريت؟.لماذالاتَصدِقُ حكومتنا شعبها بأننا عاجزون عن تحقيق أي نصر على العدوة داعش.ولماذا الكذب المستمر والخداع ؟.فالمطلوب والحل هو تدخل دولي على الأرض.ولكن يبدو إن السياسة العراقية تطبخ في ذات المطبخ ولم يتغير شيء فالعنوان واحد والمنهج واحد والطريق الخاطئ ذاته.

فالغرب يعمل لإعداد البيشمركة عسكرياً لحربٍ ستشنها على القوات العراقية .بعد أن تهدأ قضية داعش .مستغلة الظروف السيئة للجيش العراق وتفككه, وخذلان القيادات السياسية له. ونحن كما نحن نُدفَع لتنفيذ مآرب من يريد بنا الشر.فكرسي الحكم هو المهم لا مصير الشعب ومستقبل الأمة وسلامة الوطن.

فما الحل وهناك من يريد للعراق ولشعبه الأقتتال المستمر بحلقات مستمرة من الحروب والأضطراب الأمني ليبقَ ضعيفاً مكسوراً؟أليس الحل في وحدة العراقيين العرب سنة وشيعة وتمسكهم بهويتهم العربية؟