صخرة في طريق الباشا التركي.. لابد ان يزيحها بعصاه.. هذا هو وضع بلدة كوباني، التي شاء حظها ان تتوسط المكان بين تجمعات افراد داعش جنوبا، والمنفذ الحدودي التركي شمالا...
تركيا تريد ازالة هذه المنطقة من الخارطة السياسية، فما الت اليه احداث الربيع العربي في سوريا هو ولادة سلطة كردية في مناطق كردستان سوريا، وكوباني احد اهم مراكزها، تديرها مجموعة متحالفة مع تنظيم حزب العمال الكردستاني بقيادة المعتقل عبدالله اوجلان.
وتنظيم داعش ايضا بحاجة لهذه البلدة، من اجل تأمين ذلك المنفذ... فدخول المقاتلين، والتمويل، والاتصال بكوادرهم في اوربا، يتم عبر الحليفة تركيا، وغير هذا فان جرحى التنظيم بحاجة للمستشفيات المتطورة، المعدة لهم سلفا على الجانب الشمالي من الحدود، خصوصا وانها تتلقى اكبر الخسائر البشرية في قتالها مع الكرد، مما لم تتلقاه من الجيوش الاخرى، الجيش السوري، الجيش العراقي، الجيش الحر، او جبهة النصرة، في الوقت الذي تفتقد فيه الى المراكز الطبية المناسبة في سوريا.
واللعبة الامريكية تقتضي وقوع مجزرة ما، في اي من مناطق التوتر في العالم، من اجل توفير غطاء انساني يبرر تدخلها، وقوانين هذه اللعبة هي ان تغض الطرف عن ممارسات القوى الارهابية، او الحكومات الاجرامية، ودفعها في الوقت نفسه الى ارتكاب المزيد من الجرائم حتى تتوج بمجزرة انسانية بحق المدنيين، ثم تستثمر المأساة من اجل تبرير التدخل... حلبجة، سربرنيتسكا، جرائم طالبان، احتلال الكويت، سنجار... شواهد على فصول هذه اللعبة، وكوباني، باهلها المدنيين، يراد لها ان تكون مفتاح الدخول في سوريا هذه الايام.
كوباني اذا مستهدفة من الحلف الثلاثي، تركيا، للقضاء على تجمعات حزب العمال الكردستاني فيها... داعش من اجل فتح المعبر الحدودي مع تركيا... وامريكا بدور الضبع الذي ينتظر وقوع الفريسة.
الا ان هذه البلدة الوادعة، وبساتين الزيتون في اطرافها قد تحولت، وهي تقاوم داعش، الى مثلث برمودا جديد، فكل هذه التعزيزات العسكرية، والاسلحة المتطورة التي جاءت من العراق هدية (في الموصل وتكريت وغيرها)، تختفي منذ اسابيع اطرافها، وجثث سيل المهاجمين تتبخر على اعتابها.
امريكا باستطاعتها تحريك الطائرات من قاعدة انجرليك القريبة من اجل انقاذ المدنيين، لكنها ترفض التدخل.
تركيا بامكانها تحريك دباباتها لتأمين سلامة المدنيين، ولكنها تمتنع عن تقديم العون، او الضغط على داعش.
الجيش السوري ايضا، الطيران الفرنسي، البريطاني، الاماراتي.. الدول الاسلامية.. رغم قربهم من الحدث، الا انهم يمتثلون لقواعد اللعبة الامريكية، ويتركون كوباني كضبية لبراثن الضباع.
لكن صمود الشباب، من مقاتلي ومقاتلات المدينة، الذي فاق الوصف في الاسابيع الاخيرة، باعدادهم القليلة، واسلحتهم البدائية مازال يفسد اللعبة، ويمنع وقوع مجزرة "سنجار 2" في غرب كردستان..
فهل تنجح اللعبة، القذرة، في استباحة المدينة، من اجل مصالح دولية، ام تنجح العوائل المدافعة عن ازقتها، في صراعها من اجل البقاء؟
|