اللي استحوا ماتوا

تقول الحكاية إن الحمامات التركية القديمة كانت تستعمل الحطب والأخشاب والنشارة لتسخين أرضية الحمام وتسخين المياه لتمرير البخار من خلال الشقوق وكانت قباب ومناور معظم الحمامات من الخشب وحدث حريقا شب في حمام للنساء وحيث أن الحمام مخصص للنساء فقد اعتادت الكثيرات منهن على الاستحمام عاريات لا يسترهن الا البخار الكثيف. وعندما حصل الحريق هربت كل امرأة ترتدي ملابسها أما النسوة العاريات فقد بقين خشية وحياء وفضلن الموت على الخروج. وعند عودة صاحب الحمام ما رأى وسأل البواب هل مات أحد من النساء؟ فأجابه البواب: نعم. فقال له من مات؟ أجاب البواب: اللي استحوا ماتوا. وهنا تنتهي الحكاية. ترى كم هو عدد السياسيين أو الشخصيات العامة التي تستحي في العراق مثلا مجلس النواب أراقتا ماء وجهيهما حتى جفت المياه في الوجوه وتشققت الوجنات وباتت أشبه بصحراء أفريقية ضربتها شمس آب اللهاب وهم لايفقهون ماذا يعملون ، فكل القوائم الرئيسية هي داخل قبة الحمام عفوآ البرلمان وينظرون ببرود الى قوت الشعب وهنا نقصد فلوس الشعب الي استأمناها عندهم (الميزانية) كفى تنكيلاً لهؤلاء الجياع وتعذيباً لأطفالهم لأن هناك اعلانات يجب ان يسبقها تحذير لأطفال الفقراء من مشاهدتها تماماً كما يحدث في أفلام والرعب. ومنذ شهور مظت والميزانية سجينه في اصابعكم التي اصابتها السمنه وتورمت من كثرة النهش بها الى متى يبقى البرلمان يسعى للفائدة الشخصية وليس لمصلحة البلد نسمع شعارات فضفاضة ليست ضمن إطار واضح. لان فاقد الشيء لا يعطيه لان نوابنا الاكارم داخلين على مجلس النواب وجاهة وليس لهم هدف غير الفائدة الشخصية. فتراهم بلا طعم ولا رائحة ومن غير رأي إلا من رحم ربي وكذلك الأمر بالنسبة للحكومة التي ألقت( ببرقع الحياء بعيدا) وواصلت مسلسل منح المتقاعدين لا لزيادة تقاعدهم بطريقة تشير إلى استخفاف واستهبال للمواطن متسلحة بحجة اقرار الموازنه وهي حجة سمجة باتت مملة مثيرة للغضب وهذا ماافرز تلك المسيرات والمظاهرات وأظن أن الحكومة اذا خيرت بين البقاء في الحمام خجلا وبين الخروج سافرة فهي تفضل الخيار الثاني ف اللي استحوا ماتوا قلنا مرارا ان الف باء الشفافيه هي الثقة بين الشعب والحكومة.مستحيل مستحيل ان تقوم نهضة في ظل نظام سارق لقوت الشعب . هذا نموذج واحد فقط من نماذج وأمثلة متكررة للسرقات الضخمة والنهب المستمر لثروات وخيرات الوطن ومثله المئات من الحالات المشابهة التي لم يعلن عنها في وسائل الإعلام ولكن الجميع يعرفها ويعرف من وراءها. مساحات كبيرة من الأراضي الحكومية وفي مواقع إستراتيجية يتم الاستيلاء عليها بطرق غير قانونية وغير مشروعة ومن خلال الاستخدام السيء للنفوذ والسلطة، وبتوكيل فرق من الأشخاص الذين يعملون ليل نهار للبحث عن مثل هذه المواقع وتوثيقها لموكليهم عبر الاستيلاء عليها ومن ثم بيعها على المواطنين الضعفاء بأغلى الأثمان. لقد أصبحت الامانه ودوائرها تتحفظ عن الإعلان عن مواقع مشروعاتها وخططها لئلا تختطف الأيادي المتنفذة هذه المواقع وتحيلها لمخططات خاصة، مما يعيق قيام أي مشروع تنموي. وهناك الملايين من المواطنين من ذوي الدخل المحدود الذين مازالوا ينتظرون لسنوات للحصول على منحة أرض في أي موقع بمساحة لا تزيد علي مائة متر مربع أو أن بعضهم وبعد انتظار طويل أعطي قطعة ارض في مخطط غير مطور لا يمكنه البناء فيه أو أنه يتعذر عليه الحصول على قرض لبناء مسكن يؤويه وأسرته. نتمنى من امانة بغداد ان تدخل الى دوائر الدولة صاحبة القرار وتنظف ليس الاوساخ بل عقولهم ومفاهيمهم وبعض الوجوه ففي الوقت الذي نلهث فيه لمعاقبة الفاسدين والأشرار وعشاق اللقمة الحرام لم لا نضع الشرفاء في دائرة الضوء ؟ ألا يعيد ذلك بعض التوازن الى منظومة القيم التي تكاد تتخلخل لكثرة ما يقال وينشر في وسائل الإعلام.