الجنرال العراقي أبو كرش

هل سنحتفل في 6 كانون القادم بعيد جيشنا الباسل؟...

ربما، لكن على استحياء هذه المرة...

هذا المقال هو ذم مباشر واضح وفاضح، بل هو تقريح وتجريح وتجريم للجنرال العراقي الذي خيب آمال شعبه وضيع جنوده ورمى قيمه ووطنه وراء ظهره، حتى أصبحت كثرة النجوم على الأكتاف بعد أن كانت من قبل تعد فخرا وهيبة لصاحبها، أصبحت الآن في أعين الناس تعني عكس الهيبة والفخر والشجاعة...

طبعا هذا التجريح والتجريم ليس حكماً شاملاً يشمل الجميع، فلايزال هناك في الواقع جنرالات شجعان أوفياء وطنيون يؤدون واجبهم الوطني بكل تفاني وشجاعة...

لكن النظرة الشعبية العامة للجنرال العراقي في الوقت الحاضر، هي غير ذلك...شكرا للجنرالات من القادة الكبار الذين تركوا مواقعهم وجنودهم وهربوا بأنفسهم فرقاً من الموت!...

لانريد أن نقسوا كثيراً في الكلام، لأننا لانريد أن نسيء الى أهم مكون وطني (الجيش العراقي)، الذي كان من المفترض أن يكون مدعاة للفخر والأعتزاز لدى شعبه، كما هو الأمر لدى باقي شعوب العالم.

الكل يخرج علينا هذه الأيام ويقول (القادة العسكريون الخونة...القادة العسكريون الخونة)...وتسقط هذه الكلمات كالخناجر في صدورنا... لم نعد نثق بأي أحد...

من هم هؤلاء؟ اليس هم قادة الجيش العراقي...الباسل؟...هل لازال يصلح أن نقول عنه (باسلاً)؟... كيف تسقط مدناً ومحافظات بليلة وضحاها؟ وماذا كانت تفعل القيادة العامة للسنوات الثماني الماضية؟؟؟ ألم نكن نظن أنهم كانوا يبنون جيشاً قوياً (قائد قوي، لبلد قوي)!، ونحن نرى الجندي العراقي في الشارع مدججاً بالسلاح والتجهيزات وذو مظهر مهيب مخيف؟...

كيف سمحوا أن تحدث كوارث مثل سبايكر...والصقلاوية...وافواجاً وفصائل لاتزال محاصرة هنا وهناك، ومامن مغيث؟!...أين الجيش الباسل؟ أين طيران الجيش؟... أين ذهب الجيش الملئ بفرقاء (جمع فريق) الركن من ذوي الترقيات السريعة جداً، والرتب الكبيرة الكثيرة جدا التي ازدحم بها مكتب القائد العام للقوات المسلحة، والجيش الباسل بشكل عام، وأثقلوا ميزانيتنا بمخصصاتهم وسياراتهم وحماياتهم وغداءاتهم وعشاءاتهم وعزايمهم (دعوة غداء أو عشاء)، المليئة بالقوزي

والدجاج عالتمن، وأنواع المشويات والخبز والمقبلات والمسمنات ذات الدسومة العالية، وكل ذلك ابلاش مدفوع الثمن على حساب الحجي...

ويخرج علينا البعض هذه الأيام ويقول: يجب أن نبني جيشاً عقائدياً جديداً؟!

وماذا كنا نفعل للسنين العشر الماضية، ماذا كنا نبني؟ جيشاً وهمياً؟...

وكم حفنة من السنين نحتاج لبناء هذا الجيش العقائدي الجديد؟ عشر سنين أخرى؟...خلص عمرنا، ونحن نأمل أن يكون لنا جيشاً عقائدياً وطنياً لايتبع شخصاً، بل يتبع الوطن، وولاءه للوطن. حتى يحق لنا أن نعتز به ونتغنى ببطولاته، ونباهي به البلدان، ونفخر أن نزج به أبناءنا...

ليس هناك قائد عسكري عراقي(من رتبة عميد فمافوق) في الجيش العراقي الحالي بدون كرش...وهذا تحدي لجميع القادة...نتحدى أي منهم أن يظهر علينا وليس عنده كرش. واذا ظهرعلينا واحد بدون كرش فسيكون ظاهرة نادرة تستحق الأهتمام الكبير، وسنسأله أسئلة مهمة جداً: (كيف استطعت أن تكون بدون كرش؟)..( ألاتأكل القوزي على الصواني الكبيرة الكثيرة كل يوم)...( ألا تعزم جماعتك –على حساب الدولة- وتقوم المراتب بخدمتكم وجلب أنواع الطعام لكم)...(ألا تكرر ذلك في العشاء مع تغيير المنيو الى أنواع المشويات والخبر العراقي الحار، وتلغف الى حد التخمة، ثم تنام متخوفاً مكروشاً؟)...( وماذا عن وجبة الفطور –الريوك- ألا تأكل كيمر العرب، وصواني أخرى مليئة بمشتقات الحليب المستوردة من تركيا والسعودية الدولتان اللتان تصنعان وتصدران لنا (الى جانب الحليب ومشتقاته) الأرهاب ومقاتلي داعش؟؟؟...ولانزال نستورد منهم؟!

ونسأل الجنرال الرشيق بدون أستحياء:

( أنت هم عندك سوالف مكسرة تالي الليل...وتسهر للصبح)؟

عفواً...تقول لا؟...الجواب لا؟؟؟

أذن كيف ضاعت الموصل وتكريت وسبايكر والصقلاوية، وطبوا داعش في العراق طول عرض؟؟؟

مهلاَ...من أجل أن لانشوش أفكارنا، دعونا نقارن بين الجنرال العراقي والجنرال الأمريكي...باعتبار أن الجنرال الأمريكي في السنوات الأخيرة كان شريكاً للجنرال العراقي في الجيش والحرب. وعاد الآن مرة أخرى بعد أن انسحب من العراق وبعد أن تواطأ مع داعش في سوريا وخطط معها ربما لدخول العراق...

المقارنة هنا هي ليست من باب المديح للجنرال الأمريكي، نعم هي من باب الذم للجنرال العراقي، ولكن ليس القصد منها رفع شأن الجنرال الأمريكي والجيش الأمريكي الذي خلقت لنا حكومته واستخباراته وحوش الظلام والتخلف والهمجية تحت مسميات كثيرة جداً، داعش كان آخرها.

الغرض من المقارنة هو من أجل أن نساعد أنفسنا على فهم ماجرى ويجري...نحاول أن نفهم لماذا يصل الجنرال العراقي الى قمة الرتب العسكرية، ويعتقد الناس أنه همام شجاع غيور، لكنه يهرب الى أربيل حالما يعلم أن شرذمة مسلحة سلاح خفيف دخلت الموصل؟ أو يدع الآلاف من جنوده يتسربون بكيفهم، يبدلون ملابسهم العسكرية ويذهبون الى أهلهم ثم يقول : شسويلهم، هم أرادوا الذهاب الى أهلهم؟!.

أخترنا الجنرال الأمريكي للمقارنة لأنه كان الأكثر أحتكاكاً بالجنرال العراقي في عصر مابعد السقوط، ولأننا (نحن العراقيون) شاهدناه بكثرة في التلفزيون وفي الشوارع، أثناء زمن التحرير-الأحتلال، وتكونت لدينا فكرة عامة عنه.

لنعود للمقارنة حتى لايطول المقال ويصبح مملاً جداً:

1) الجنرال الأمريكي يصبح جنرالاً (عميد فمافوق) بذراعه وتعليمه، وهو لايرقى الى رتبة الجنرال، حتى تقتنع بقدراته وشخصيته لجنة الأمن والدفاع في الكونغرس، اذا لم تقتنع اللجنة به، لايستطيع أن يصبح جنرالاً، ويبقى عقيد ويتقاعد بعد سنين برتبة عقيد.

الجنرال العراقي نال رتبه بالعلاقات والواسطة، ومو مشكله قدراته وشخصيته، مادام هو أقارب فلان وفلانه من المتنفذين في السلطة، فلاتخاف عيني...اتصير فريق ركن غصبن عاليرضى والمايرضى...

2) الجنرال الأمريكي متواضع في تعامله مع جنوده، لكنه صارم في نفس الوقت. من الشروط التي تنظر فيها لجنة الكونغرس في الجنرال الأمريكي أن يكون حسن الخلق ، ملتزم بالكياسة والأخلاق العامة. فتراه على سبيل المثال يأكل نفس الأكل الذي يأكله أصغر جندي في فرقته أو فريقه. ويتدرب في نفس القاعة الرياضية، ويجري في المضمار نفسه في الرياضة الصباحية أو المسائية التي يجري فيه جنوده.

الجنرال العراقي مستحيل يأكل نفس أكل الجندي (موعيب)، خصوصاً بانفتاح الميزانية على مصراعيها لأمتيازاته في العهد الحديث، وله خدم وحشم من المراتب، وهولايمارس لارياضة صباحية ولامسائية وكرشه في اضطراد يومي حتى أصبح بعضهم يصعب عليه المشي، ، وأذا كان في السابق حساب على الوزن، الآن ضاع الحساب وفنه اليحجي!... وأما أخلاقه فهي بعيدة عن الكياسة والنبل، خصوصاً عندما يخرج رتله في الشارع، حيث يرمي بالناس والسيارات يمنة ويسرة.

3) الجنرال الأمريكي ملتزم بالقانون العسكري جداً، وهو حريص جداًعلى سمعته العسكرية، فتراه يبتعد عن الرشوه، لأنه يخشى العقوبة وفقدان مكانته وسمعته العسكرية، ويبتعد عن العلاقات غير المشروعة. لذلك رأينا أنه برغم الأنتصارات والنجاحات الهائلة التي حققها الجنرال بترايوس، ألاّ أن مكانته العسكرية وسمعته ذهبت الى الحظيظ حالما عُرف عنه علاقته بمستشارته السياسية.

الجنرال العراقي يعتاش على رواتب الجنود العائمين (ليس كل الجنرالات...نحن نتحدث بشكل عام). وأول مايفكر به بعد مايملأ به كرشه، هو العلاقات غير المشروعة ، وكلما ازداد رتبة ازداد نهمه في هذا المجال، والقانون العسكري معطل، وحتى لو فُعّل... فنه اليحجي؟...

4) الجنرال الأمريكي لايترك جندياً في ساحة المعركة، وشعاره

No soldier left behind (لايترك جندي في ساحة المعركة)...معناه أنه أن حوصر أو جرح أو قتل جندي، فيجب أنقاذه أو أخلاءه مهما كلف الأمر...

الجنرال العراقي يترك فرقاً بكاملها ويهرب الى أربيل...أو أقرب مكان آمن!..

هناك مفارقات ومقارنات أخرى كثيرة لامجال لذكرها هنا...

ونسأل مرة أخرى: هل سنحتفل في 6 كانون القادم بعيد جيشنا الباسل؟...

ربما علينا بدلاً من ذلك أن نحتفل بالمليشيات التي أوقفت داعش ودافعت عن أرض الوطن...وتقدم الشهداء من الشباب الغيور الذي ليس له رتبة غير غيرته على شعبه ووطنه. ترك زهوة الشباب ومغريات الدنيا، وعوائل فتية، وأمهات ربّت وتعبت وشاخت من أجل أن تراه رجلاً زاهراً...ترك كل هذا وذهب الى جحيم المعركه غير آبه بتوسلات المحبين للبقاء...

من الأفضل...هذا الفتى؟ أم الجنرال الذي له كرش، ولن ليس له لاعقيدة ولاكبرياء...