ما حدث في عهد العثمانيين من نزاعٍ طائفي؛ يحدث اليوم، وكأن عقارب الساعة عادت إلى الوراء! فبينما كان المتشددين من السنة يتبركون بِمدفع"طوب أبو خزامة" كونه حرر بغداد من" الصفويين" ولم ينظروا إلى أخوانهم الشيعة، وهم مُقطعة أشلائهم بِقذائف المدفع؛ نجد في عهدنا من يتبرك بِسكين الدواعش، وهي تذبح الأبرياء العُزل. لم يختلف" طوب أبو خزامة" عن سكين الدواعش، فكلاهما آلة قاتلة، وصاحبهما واحد؛ فإذا كان" العثمانيون من إستخدم المدفع في حربهم ضد"الصفويين" لإنقاذ أهل السُنة كما يزعمون فهم اليوم ؛ داعمون لمشروع داعش في قيام ما يسمى" دولة الإسلام في العراق والشام" حتى الرمق الآخير، وإذا كانت الأخيرة سنت السكين لِذبح الشيعة المكون الاكبر في العراق، فهذا تنفيذاً لرغبة أسياد أوردغان..! اللافت في الماضي المروع، والجديد المُفرع؛ ظاهرة التبرك بأسلحة دمرت البلد، وسفكت الدماء، وهذه الظاهرة تأثرت بالمد الخارجي، على إعتبار أن الدولة العثمانية هي الحامية الأولى عن السُنة في العراق، وهذا المدفع هو المُنقذ لحمايتهم من بطش الصفويين والشيعة! إستقبال المتشددين من السنة، وبعض عشائر(العزة والكرامة!) للدواعش، وإعلانهم البيعة، وإسنادهم بالمال والبنون، لم يكن وليد اللحظة؛ بل كان له جذور تأريخية، تقف عند هذا الإستقبال المُهيب لقتلة أبناء الشيعة، والمكونات الأخرى، فداعش لاتختلف عن العثمانيون؛ فهي أيضاً حامية لأبناء السنة، وجاءت لإسترجاع"الحقوق المسلوبة" ومُحاربة أعدائهم الشيعة! لا نبريء المتشددين من الشيعة من التخندق والإنغلاق على أنفسهم؛ وكثيرٌ منهم من ينظر إلى السُنة بأنهم داعش، ولا يستثني بِذلك صغيراً ولا كبيراً، معتدلاً أو متعصباً، ولو صح الأمر بيده؛ لقصف المدن التي تتواجد بها داعش بالأسلحة المحظورة دولياً، ولا يرحم بذلك طفلاً رضيع، أو إمرأة تضع حملها، أو سُنة مغلوب على أمرهم، وإستسلموا لظروفهم المجتمعية، وأصروا على البقاء في مدنهم دون اللجوء الى بقعة آمنة من خطر داعش، وتقاليد حكمها الوهابي. كثيرٌ من كان لايميز بين الإعتدال والتعصب، والعشائر التي بايعت داعش، ورحبت بـ (دولة الخلافة) والتي رفضت ذلك، ووقفت موقفاً بطولياً في مواجهتها؛ أو بين" عثمان" وهو ينقذ أبناء الشيعة في فاجعة" جسر الأئمة" وذلك الذي يُفجر الجسر لِيشل حركة الناس؛ أو بين المرأة الشجاعة"أمية" وهي تقاوم الإرهابين بالسلاح، وتلك التي تفجر نفسها في حشدٍ من الناس؛ فالنظرة واحدة عند المتشددين في المذاهب في رؤية الطرف الآخر كعدو لدود، دون النظر كونه شريك في أرض، وبلد واحد. "طوب أبو خزامة" والتبرك به؛ دلالة تأريخية واضحة على التشدد والتبعية الموجودة في نفوس المتشددين الذين تغزلوا بالعثمانيين، وجعلوهم ولاة أمورهم، وهم أنفسهم وقفوا اليوم مع داعش في إرتكاب المجازر؛ فالأخيرة يعتبرونها المُنقذة من حكم الشيعة الروافض..!
|