سنّةُ العراق والإختيار السيء

مع حساسية هذا الموضوع لدى البعض وتجنّب
الكثيرين الإقتراب منه والخوض في تفاصيله ..حتى أن الجهات الرسمية وإعلامها الرسمي تتحاشاه فتكابر وترواغ يمينا وشمالا ولاتفصح عن حقيقة مايجري على الأرض.. ومن هم أبطال هذا الدمار المتسارع في وطننا ؟ وهل فعلا داعش تمتلك هذه القدرة السرطانية الهائلة في الإنتشار والتمدد على أرض العراق والتنقّل بين مدنه من أقصى الشمال الى أقصى الغرب بهذه السرعة والقوة وبهذا اليسر ؟ لولا وجود مَنْ يمهّد ويوفّر لهم الغطاء ويفتح لهم سبل التغلغل والسيطرة على المدن .الأمرُ المحزنُ والذي يتحاشا التصريح به السياسيون وغيرهم والذي لم يعد سرا ...هو مشاركةِ
أبناءِ السنّة العراقيين عصابات داعش المتخلّفة في خراب مدنهم وتبنيهم هذا الخيار السيّء كورقة رابحة بإعتقادهم للوصول الى أهدافهم ! وقطعا لايجوز التعميم في هذه الحالة على جميع السنّة العراقيين... ولكن للأسف أعتقد ان الأغلبية منهم قد وقع في الفخ وآثر الإنجرار خلف هذه العصابات المجرمة... وصار أسيرا لأوامرهم مطيعا لرغباتهم ...مما سهّل للمجرمين مهمة إحتلال وتخريب المدن الآمنة ...ومهما كانت التبريرات وإدعاء التهميش والإقصاء ...فلاتبيح لهم أبداً أن يُدخلوا الزناة والقتلة الى بيوتهم ومدنهم ويسلًموا لهم مقاليد إمورهم ومستقبل أبناءهم
وبناتهم...ومما لاشكّ فيه أن للسنّة العراقيين حقوقاً مشروعة في وطنهم العراق شأنهم في ذلك شأن المكونات العراقية الأخرى.. قد حصلوا على بعضها ولم يصلهم البعض الآخر... ولربما قد تعرضوا للتهميش والإقصاء في موقع ما وفقدوا بعض الإمتيازات في موقع آخر ...وهذا أيضا تشكومنه كافّة المكونات العراقية الأخرى ... كل هذه الأمور واردة وقد تؤدي الى حالة من الإستنكار والتظاهر بشكل علني وحتى إذا رافقه شيءٌ من العنف في التعبير يبقى في إطاره المشروع..وقد سبق وأن عبّروا عن ذلك في السنوات الماضية ..ولكن أن تصل الأمور الى المصالحة مع الذباحين والتعاون معهم
ودعمهم وفتح بيوتهم لهم والإنضمام الى صفوفهم ومشاركتهم بالقتل والتخريب وحرق بيوت الأبرياء ! فهذا أمرٌ مستهجن ولايُليق ولايتانسب مع من يدّعي العروبة ويتشدّق بالإصالة ويتبجح بالعشائرية ...ولكن ثمّة مَن يجد للسنّة العذر ويبرر لهم إختيارهم الوقوف خلف داعش والتمسّك بأذيالها .. وذلك بسبب ما رسمه لهم تجار السياسة والدين ...وأوهموهم بأنهم أصحاب السلطة الشرعيين وأنهم حماة الشريعة الحقيقيين ..فعليهم يقع واجب حماية الوطن والإسلام من الشيعة الصفويين !!! نعم هذا هو الوهم المصطنع الذي خلّف في أذهانهم الكثير من العقُد التي حالت بينهم وبين أن
يتقبّلوا التعايش مع أبناء وطنهم تحت ظل خيمة الوطن الواحد...هذا الوهم الذي جعلهم يحرّمون دخول العراقي إبن المحافظات العراقية الأخرى الى مدنهم بل محكوم عليه بالذبح..في الوقت الذي يصول ويجول في بيوتهم الأفغاني والسوداني والباكستاني وغيرهم من الاوساخ التي علقت ظلما بسنخ البشر! ولكن في ظل هذه الظروف العصيبة.. هل يعي العراقيون أنهم جميعا مهددون بالكارثة...؟ الكارثة التي لاتستثني سنّيا أو شيعيا أو أي كائن يعيش ضمن دائرة هذا الصراع .. ولا مفرَّ منها مالم يتراجع تجارالمنابر الطائفية وفرسان الكراسي السياسية عن أوهامهم وغييهم وأحلامهم
ويلفظوا نهج الداعشيين ويعودوا الى رشدهم ويصححوا إختيار أتباعهم السيّء..ويرفعوا شعار المصارحة قبل المصالحة ويسمّوا الأمور بمسمياتها ثمّ يختاروا ...وهذا ليس مستحيلا لكنه مستبعد على الأقل في الظروف الحالية والوقت الراهن.