هل يتم مواجهة "الدولة الاسلامية" بهذا التحالف؟ ..كوباني وصفقة تبادل الاسرى تفضح اوردغان

صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع يوم 15 اوغست 2014، على قرار قطع التمويل عن كل من تنظيمي "الدولة الاسلامية" وجبهة النصرة وأعقبه ترأس أوباما جلسة استثنائية في الامم المتحدة يوم 24 سبتمبر 2014 وتبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارا ملزما لوقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق واحتواء خطرهم على بلدانهم الأصلية.

إن الخيار العسكري ضد الجماعات الارهابية والمسلحة، التي تهدد الحكومات والانظمة يعتبر ضروريا، ومطلوبا لكنه لايعتبر اساسا في مواجهة الارهاب. الجماعات "الجهادية" تتبع اسلوب التخفي والحماية داخل المناطق السكنية او في الملاذات والحواضن الامنة خلال العمليات العسكرية والمواجهات. هذه الجماعات تتبع الكر والفر، فهي تختفي عند المواجهة وامام العمليات العسكرية الواسعة. وهذا يعني انه لايوجد راس ظاهر للعيان لهذه الجماعات لكي يتم ضربها واستهدافها، هي تختبيء داخل الحواضن والملاذات. العمليات العسكرية الحالية التي ينفذها الطيران الاميركي والدول المتحالفة ضد "الدولة الاسلامية" لايعني انها ستضع نهاية الى الارهاب، لكنها ضرورية ومطلوبة وتعمل على اضعاف هذه الجماعات.

 

إن عدم مشاركة ايران في هذا التحالف الدولي بشكل مباشر، جعل من هذا التحالف ان يمثل مكون مذهبيا واحد، اثار تحفظات بعض الاطراف المشاركة في العملية السياسية في العراق، ودفعتها للتحالف مع ايران تحت باب حماية الاضرحة في العراق. التقارير كشفت عن وجود ايران استخباريا بشكل اوسع في العراق في اعقاب التحالف الدولي بوجود مستشاريها العسكريين داخل المجموعات الشيعية المسلحة التي تقاتل الى جانب الحكومة العراقية ضمن الحشد الشعبي بمباركة المرجعية الدينية. التحالف الدولي من شأنه يعمل على دعم الكورد في العراق ويعيد رسم الخارطة اكثر من مواجهة الارهاب.

 

الضربات الجوية لم تؤثر بالتنظيم

وضمن تقييم الضربات الاميركية الى اهداف للتنظيمات "الجهادية" في سوريا مطلع شهر اكتوبر 2014 فان التقديرات تقول بأن الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة اخفقت في ضرب الاهداف وان النتائج لا توازي حجم الحملة العسكرية الدولية ضد "الدولة الاسلامية" والجماعات الارهابية الاخرى في العراق وسوريا. فرغم اضعاف تنظيم البغدادي، فأنه مايزال قادرا على التوسع وتنفيذ عمليات عسكرية على الارض. أن تقيم وكالة الاستخبارات المركزية الى ضربات الطيران الاميركي الى جماعة خراسان ـ مجموعة الذئب ـ في سوريا كانت غير مؤثرة بهروب قيادات جماعة خراسان، رغم مقتل العشرات من المقاتلين في الموقع. إن استهداف جماعة خراسان في هذا الظرف يعني ان واشنطن كانت تهدف الى كسب الرأي العام الاميركي من الداخل، كون هذه الجماعة عرفت بعولمة الجهاد ولائها للقاعدة ومعظم مقاتليها من اللذين قاتلوا في افغانستان ووجودهم في سوريا يبدو تنسيقي بشن هجمات على الغرب اكثر من مقاتلة النظام في سوريا. يشار ام هذه الجماعة كانت تقاتل تحت امرة جبهة النصرة باسم جماعة الذئب، لكنها لم تكن معروفة، بسبب قلة نشاطها ععلى الارض في سوريا.

استخدام المروحيات الاميركية بضرب اهداف في العراق

 

ان الطريقة والتكتيك التي تقاتل فيها الولايات المتحدة تنظيم "الدولة الاسلامية"بالتاكيد لم يكن مؤثر بسبب التقنية التي تتبعا البنتاغون بضرب الاهداف في العراق وسوريا. الطيران المرتفع والذي عادة يكون على ارتفاع 30 الف قدما ، تكون ضرباته غير مؤثرة، وهذا ما دفع واشنطن ولو بشكل متأخر من استبدال تكتيك مواجهة التنظيم بالطيران المنخفض اي المروحيات والتي ممكن ان تكون على ارتفاع منخفض ربما يصل عشرات الامتار. وهذا يعتبر مخاطرة وتهديد الى سلاح الجو الاميركي وطائرات الاباشي، كونها ممكن ان تكون في مرمى صواريخ التنظيم ومدفعيته، هذه الخطوة يعني ان تقييم واشنطن الى عملياتها السابقة كانت غير فاعلة. إن توسع التنظيم في شمال شرق سوريا عند مدينة "كوباني" عين العرب وفي محافظة الانبار بعد اجتياحها مدينة هيت وكبيسة مطلع شهر اكتوبر 2014، يدعم فكرة ان طريقة التحالف الدولي ضد "الولة الاسلامية"هي طريقة غير فاعلة وتحتاج المراجعة. ألتنظيم والجماعات المسلحة المتحالفة معه اتبعت تكتيك لمواجهة هذه الضربات ابرزها التمترس بالمناطق المدنية والاندفاع الشديد نحو المدن وترك المناطق المكشوفة وهذا ماكان واضحا في مدينة الانبار عند مدينة هيت وكبيسة ومدن اخرى وكذلك شمال شرق سوريا. التقارير الميدانية كشفت عن تقلص التنظيم في حوض حمرين امام توسعه في الانبار.

وقد شن التنظيم ايضا عمليات عسكرية عند الحدود اللبنانية في القلمون ـ عرسال الورد وفتح جبهات جديدة ضد حزب الله في البقاع. هذه الهجمات محاولة من التنظيم لتخفيف الضغط عن معاقلة وتشتيت الجهد الدولي في مواجهته عسكريا.

المعلومات من داخل العراق ـ محافظة الانبار ذكرت بان من ينفذ العمليات في محافظة الانبار في الوقت الحاضر هي الجماعات المتحالفة مع "الدولة الاسلامية" بعد حصولها على السلاح والتمويل وليس من قبل التنظيم مباشرة. وهذا ممكن ان ينطبق ايضا على الجماعات التي تقاتل في عرسال الورد ـ القلمون وجبهات اخرى، اي ان "الدولة الاسلامية" اتبعت ذات الاسلوب الاميركي بايجاد جماعات مسلحة تتحالف معها تقاتل لصالحها مقابل التمويل والتسليح وهذا مايحصل الان بالفعل، وما يدعم التنظيم هو حصوله على البيعات حتى من قبل جماعة طالبان حليف الظواهري وبيعات تنظيمات اخرى. لقد نجح التنظيم باعلان البيعة اولا ثم ايجاد مواجهة مسلحة مع الخصوم من اجل استثمار "المناخ الجهادي".

 

تركيا تبادل اسراها مع "الدولة الاسلامية"

 

مازالت تركيا تمثل الثغرة الامنية والسياسية في التحالف الدولي ضد "الدولة الاسلامية"، فرغم الضغوط الاميركية على حكومة اوردغان، فان الموقف التركي مازال يثير الشكوك رغم موافقة مطلع شهر اكتوبر 2014 البرلمان التركي على دعم تركيا ومشاركتها في مواجهة "الدولة الاسلامية". حكومة اوردغان مازالت متورطة مع اجماعات الارهابية وتنظيم الدولة الاسلامية، وانكشف ذلك اكثر في موقفها او الطريقة التي تنظر بها انقرة الى التطورات في مدينة كوباني، عين العرب شمال شرق سوريا والتي لا تبعد الا بضعة كيلومترات عن حدود نركيا. ألموقف التركي ازاء عين العرب، لايمكن تصنيفه ضمن مكافحة الارهاب ومواجهة "الدولة الاسلامية" بقدرما يمثل حسابات سياسية تتعلق بحزب العمل الكوردستان والطبيعة الديموغرافية للمنطقة ذات الغالبية الكوردية، والتي تنظر اليها تركيا بانها تمثل تهديدا لامنها القومي وعلى المستوى الاستراتيجي، وها ربما يدعم فكرة تراخي حكومة اوردغان امام "الدولة الاسلامية" وداخل التحالف الدولي.

 

صفقة الرهائن تفضح حكومة اوردغان

بادلت تركيا يوم 06 اكتوبر 2014 الرهائن الاتراك الذين كانوا محتجزين لدى تنظيم "الدولة الاسلامية" مقابل الافراج عن 180 مقاتلا من "الدولة الاسلامية" كانوا محتجزين لديها في اطار صفقة تبادل. وقالت صحيفة "التايمز" انها حصلت على قائمة بالجهاديين المفرج عنهم، ومن بينهم ثلاثة فرنسيين وبريطانيان اثنان وسويديان اثنان، واثنان من مقدونيا وسويسري وبلجيكي. السؤال المهم، هو ماهي الوعود التي قدمها اوردغان الى ابو بكر البغدادي، للافراج عن الاتراك المحتجزين لدى تنظيم "الدولة الاسلامية". الشكوك والاتهامات مازالت موجهة الى الحكومة التركية بسبب موقفها من هذا التنظيم وتراجعها داخل التحالف الدولي وعدم الايفاء بالتزاماتها داخل حلف الناتو وكذلك اتفاقياتها وتعاونها مع دول الاتحاد الاوربي والمنطقة.

بات واضحا، ان الخارطة التي يتحرك عليها تنظيم "الدولة الاسلامية" تمثل أستراتيجية امن قومي لحكومة اوردغان وتركيا ابرزها احتلال التنظيم الى مدينة الموصل ودخول التنظيم الى مدينة "كوباني" عين العرب، وموقف تركيا من عدم السماح بالكورد الموجودين على اراضيها بالعودة الى مدينة "كوباني" والدفاع عن مدينتهم. ويحتاج التحالف الدولي ايضا الى اعادة ترتيب دور اعضائه وتفعيل عوامل دعم سياسات مكافحة الارهاب ودعم الحكومات المحلية وعدم الاكتفاء بالدعم العسكري.