الجميع يعرف حقيقة ما جرى

هناك مثل لا اعرف مصدره يقول ( مثل اطرش الجلاب ) .
وأطرش الجلاب ليس كلب فقط , وإنما مطي ايضا . فعندما تتثاءب باقي الكلاب هو يعوي ظنا منه انها تعوي .
ومثلما لا تزال حثالات صدام تمجد به , وهو الذي اعدم بسبب اصغر جرائمه . فان حثالات المالكي لا تزال ايضا تمجد به رغم كل الخراب الذي سببه للعراق في سنوات حكمه الثمان .

ان داعش سواء كانت صناعة امريكية مئة في المئة , وأرادت اميركا من خلالها ان تستقطب الكثير من الشباب الناقمين والحاقدين على الانظمة الرأسمالية , والذين يرفضون البطالة والتهميش وعدم الاعتراف بطاقاتهم وآدميتهم , والخوف في ان يتحولوا الى طاقة متوحدة جبارة في داخل المجتمعات الرأسمالية . وتكون مصدر قلق لهذه الانظمة , ومن جانب آخر قد تطيح ايضا بالأنظمة الهشة التي ساعد الغرب في ايجادها على هامش ( الرفاه ) الرأسمالي , مثل دول منطقتنا النفطية .

ان داعش لم تستقطب الاسلاميين السنة المتعصبين فقط , بل استقطبت اناس لا يعرفون الاسلام , ولا اللغة العربية لكي يتشبعوا بمفاهيم نشر الاسلام عن طريق العنف والحروب مثلما حدث قبل الف وأربعمائة سنة , الكثير منهم كما توضح افلام الفيديو والفيس بوك واليوتوب من المتمردين الاوربيون والأمريكان الذين عبروا عن تمردهم تحت لافتة داعش الدموية للانتقام من انظمة دولهم والثقافة السلطوية للحكومات الاوربية او الامريكية , وهذا ما وضحه الكثير من المهتمين بتكوين داعش . الكثير من العرب والمسلمين لا يدركون ان الغرب ليس في منظماته الانسانية , او في تقدمه العلمي والأدبي والفني والحضاري لشعوبه فقط , بل هناك حكومات وأنظمة رأِسمالية تستخدم ابشع الطرق والوسائل في تجريد شعوبها قبل الشعوب الاخرى من بحبوحة العيش التي اكتسبتها بنضالها الدامي في القرن الماضي , وقبل ان تتمكن هذه الانظمة من تمييع الصراع الطبقي الذي كان محتدما , بالإصلاحات التي تريد ان تسلبها اليوم بعد ان انتهى النظام الاشتراكي التي شخصت العيون اليه من قبل جماهير المجتمعات الغربية .

لا فرق بين داعش ان كانت صناعة امريكية , او منظمة فكرية سلفية تسترجع اساليب نشر الاسلام بالطرق الاولية , وتستخدم البطش والقوة كأسلوب اساس في نشر فكرها . ففي الحالتين ساهم نوري المالكي بشكل فعال في تنشئة وتقوية هذه الجماعة عبر سلسلة من الاجراءآت , كان ابرزها اطلاق سراح اكثر من الف قيادي ارهابي من سجني ابو غريب والتاجي , وتبعها في توسعة المواجهة الطائفية مع الاعتصامات والتظاهرات في المناطق الغربية التي لم تكن تخلوا من بعض الارهابيين وحثالات البعثيين . وبدل الفرز بين هؤلاء القتلة , والمحتجين الذين اعترف المالكي وليس غيره بشرعية مطالبهم , جرى الدمج بينهم واعتبار الجميع سنة ارهابيين . ثم توجّها بتسهيل دخول داعش الى الموصل وتسليم اجهزة وأسلحة اكثر من ثلاثة فرق عسكرية تحت العنوان المخزي انهيار الجيش العراقي . وباتت داعش متحكمة في ثلث العراق , وعندها سلمت راية القيادة الى حيدر العبادي ليطالب يوميا من قبل المالكي ودولة القانون وجميع طرشانهم بتحرير العراق من الدواعش .

المالكي لا يزال يعتقد في انه الشخص المهم في الحكومة الحالية , فلا يخلو يوم من تصريح جديد , او توجيه , لا علاقة له بصلاحية وظيفته الديكورية . او , ربما يعتقد ان هذا افضل من التثاؤب في اثارة وشحن بقايا دولة القانون وباقي مؤيديه ؟