معركة الوجود (البقاء للاقوى)

اغلب الذين درسوا الظاهرة الداعشية التكفيرية وقعوا في دائرة نظرية المؤامرة واهملوا كثيرا من العناصر المنطقية في التحليل ، وجود المؤامرة لا يمنع من الاعتراف بالحقائق على الارض ، الفرق التكفيرية قديمة الوجود في تاريخ الاسلام وهي ليست من صنع الاستعمار ، انه منهج قائم ضمن جمهرة المذاهب والتيارات الاسلامية ويعود اصله الى الخوارج الذين مرقوا من الدين مروق السهم من الرمية منذ معركة صفين ، وكان المنهج الخوارجي كالمرض المستوطن يصيب بعض الحركات السياسية الاسلامية عبر العصور ، وكل حركة يصيبها هذا المرض تصبح تكفيرية متوحشة ، احد اجنحة تنظيم الاخوان المسلمين وهو اهم تنظيم اسلامي معاصر ظهر بعد تفكك الدولة العثمانية اصيب بالتطرف فكان الحاضنة الاولى لمنظمة القاعدة التي نضجت في حرب افغانستان ، فالقاعدة تشكل لقاء نادرا بين الوهابية والاخوان رغم الصراع القديم بينهما ، الاستعمار الحديث لا يستخدم جيوشا بل يصنع قواعد ثقافية حاضنة للانحراف ، فالامبريالية استخرجت الصهيونية من اليهودية ، واستخرجت الصليبية من المسيحية ، واستخرجت التكفير من الاسلام ، فاصبحت الاديان الثلاثة عبارة عن صهيونية وصليبية وتكفير واختفى مضمونها السماوي الاصيل والانساني والمعتدل . داعش هي آخر جيل من التكفيريين، وبسبب اصله التأريخي تحول بسهولة من تابع للمخابرات الدولية الى تيار متمرد عليها له رؤيته واهدافه وطموحاته الخطيرة ، تحول من شريك لقوى ساعدته على الظهور الى عدو لها ، والآن بلغت حركة داعش هذه النقطة من التطور اي التمرد على الجميع وتهديدهم وتوسيع دائرة العداء ، الأمر الذي جعل الولايات المتحدة واصدقاؤها وشركاؤها في اوربا والعالم يشعرون بالخطر ، لذا فالحملة العالمية ضد داعش فيها الكثير من الصدق والقليل من الكذب ، لكنها حملة استعمارية يجري توظيفها لمزيد من المكاسب ولتوفير ذرائع للحضور العسكري في المنطقة ، واطالة مدة المعركة لتطبيع وجود الحالة الداعشية ، ولتطبيع حالة العراق كساحة حرب تسهل تغيير التوازن السياسي في هذا البلد وبلدان المنطقة لصالح اعضاء التحالف الدولي . الشعب العراقي وحده قادر على ابطال هذا السيناريو وتحرير بلاده بنفسه وتغيير مجرى الاحداث لصالحه عندما ينجح في اصلاح العملية السياسية وتوحيد رؤية الشركاء الوطنيين ، وتوحيد جبهته الداخلية ، واعادة تنظيم قواته المسلحة وتسليحها ، والقضاء على الفساد بكل انواعه . قانون الحياة الثابت : البقاء للاقوى .