وعود المسؤولين والساسة العراقيين لطالما حددت ايام ما بعد العيد موعدا لحل العديد من الملفات العالقة ، اقرار الموازنة ، تسمية المرشحين لوزارتي الدفاع والداخلية ، عودة النازحين الى مساكنهم ، تنفيذ عمليات عسكرية واسعة وبإسناد طيران التحالف الدولي لتحرير المدن الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش ، والتحاق الوزراء الكرد بالكابينة الوزارية بعد معالجة النقاط الخلافية بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان ، وغيرها من القضايا الشائكة التي تتطلب معالجات جذرية وبأسرع وقت ممكن لتجاوز اخطاء المرحلة السابقة ، ثم التوجه وبتضافر جميع الجهود لتحسين الاداء الحكومي ولاسيما في ما يتعلق بالملف الامني. العراقيون ومنذ عشرات السنين ، اضافوا الى عبارات تبادل التهاني بالعيد ابعادا سياسية ، فقدرهم حتم عليهم ان يخاطب احدهم الاخر بان يشهد العيد المقبل نهاية الحرب العراقية الايرانية ، وعودة الاسرى ومعرفة مصير المفقودين ، وفي مرحلة لاحقة، اللهم ارفع الحصار الاقتصادي عن الشعب المسكين الفقير ، وتمنيات العيد الحالي انصبت على عودة النازحين الى ديارهم ، واحلال السلام والقضاء على كل الجماعات الارهابية ، ولعل بيان رئيس المجلس الروحاني الأعلى للطائفة الايزيدية في العراق والعالم الأمير تحسين علي سعيد الذي نشر في عدة صحف عربية ،متضمنا نداءات عاجلة للحكومة المركزية في بغداد لإنقاذ البقية الباقية من شعبه الإيزيدي، يلخص محنة تتطلب وقفة دولية غير خاضعة للتأجيل وجاء في البيان :" الايزيديون يتعرضون لأشرس حملة إبادة جماعية في هذا القرن، حيث ذهب ضحيتها حتى الآن أكثر من 5000 إنسان بريء بسبب عنف تنظيم داعش الإرهابي، وأكثر من 7000 مختطف، جلهم من النساء والأطفال، وحوالي 350 ألف نازح ومشرد إلى إقليم كردستان وسورية وتركيا ودول أخرى، يعيشون ظروفا معيشية سيئة جدا، لا تتوافر فيها أدنى متطلبات الحياة ، على الرغم من مرور أكثر من شهرين على التراجيديا الإيزيدية، واحتلال داعش لشنكال ومناطق إيزيدية أخرى، مثل بعشيقة وبحزاني، ووجود مقاومة إيزيدية تدافع بروح وطنية عالية عن الوجود الإيزيدي هناك باعتباره دفاعا عن وجود وشرف وكرامة العراق، فإننا لم نتلمس حتى الآن أية محاولات جدية لدعم هذه المقاومة" البيان الاستغاثة صدر في اليوم الثاني لعيد الاضحى، ومضمونه لا يحتاج الى تعليق وتأجيل ، ولكنه في كل الاحوال لا يشجع على تبادل التهاني بالعيد المبارك . الجيل القديم من ابناء قرية تابعة لناحية" الدبوني" تحتفظ ذكرتهم بحكاية جعلت عيدهم في مطلع خمسينات القرن الماضي من النوع "الاسود المصخم " الحكاية بطلها شاب يدعى مزاحم لهمود ، قبل حلول العيد بأيام تبرع بالسفر الى بغداد لشراء حاجيات العيد الى ابناء قريته ، وبوصفه الوحيد يجيد القراءة والكتابة سجل طلبات الزبائن ، واستحصل المبالغ ، وتوجه الى بغداد ، وكان في ذهن الرجل مخطط صرف المبلغ على ملذاته وقضاء ايام العيد بأجواء المرح والفرفشة ، فيما كان اهالي القرية ينتظرون عودته بفارغ الصبر ، فعاد بخفي حنين وادعى انه تعرض للسرقة ، ولم يصدق احدهم كذبته ، واستسلموا للأمر الواقع ، واستبدلوا التهاني في ايام الاعياد بعبارة "عيدك مزاحم" ، ولم يستخدموا مفردة مبارك ، بعد واقعة ابن لهمود.
|