ظواهر اجتماعية في العراق بعد عام ٢٠٠٣

لم يعد الحديث الديني والتذكير بالله والمواعظ بشتى انواعها وصيغها ذات اهمية تذكر في اصلاح واقع المجتمع العراقي ,,فالمجتمع اليوم مجتمع منخور متاكل تسوده علاقات مضطربة تربطها بعض المصالح والمخاوف المشتركة ولم تعد هناك علاقات متينة صادقة فطرية كما في السابق ,فنتيجة التغيير الكبير والصدمة الهائلة التي تلقاها الشعب العراقي وهي التغيير المفاجئ بعد عام 2003 ودخول قيم جديدة وظواهر اجتماعية منحرفة ساهمت التكنلوجيا في بثها وانتشارها بسرعة هائلة فعلى مستوى المراة في العراق ساهمت المسلسلات التركية في أحداث شرخ كبير داخل الأسرة العراقية وكانت هذه المسلسلات احد اسباب كثرة الطلاق في العراق ففي المدينة التي اقطنها هناك 313 حالة طلاق من اصل 640 حالة زواج في شهر واحد ناهيك عن انتشار هذه الظاهرة على مستوى البلد ككل ,,اما ظاهرة الايمو في العراق فهي لا زالت منتشرة رغم موجة العنف التي لاقتها قبل سنوات وهي اليوم تأخذ اشكالا متعددة الا إنني شخصيا لا اعرف السبب الاجتماعي الذي تسبب بانتشار هذه الظاهرة في المجتمعات المحافظة بالذات متمنيا ان يكون هناك مختصون يبينون لنا الأسباب رغم انني اطلعت على بعض الأسباب الا انها لم تكن كافية لإقناع القارئ الكريم فبعض الأسباب رآها البعض انها تتمثل في غياب الخدمة العسكرية الإلزامية وفتح باب التكنلوجيا والإباحة الجنسية في الانترنيت وغياب الوازع والرادع الموضوعي ومنع الاختلاط وعدم وجود الأب القدوة والصديق القدوة لشاب مراهق يرى في الزواج مشكلة كبرى في بلد يغص بالبطالة ويتزايد عدد السكان فيه بشكل فضيع مع غياب تخطيط الدولة في المجال العمراني والاجتماعي وغياب المؤسسة الدينية عن المجتمع وان وجدت فهي تقوم او ترعى ظواهر وطقوس دينية تنتهي فاعليتها مع انتهاء موسمها فحولت الدين الى فلكلور شعبي وطقوس وشعائر خالية من المحتوى والمضمون إضافة الى تقديمها رجال دين ليسوا بالمستوى المطلوب من ناحية الثقافة والأخلاق والمعرفة بالمجتمع إضافة الى وجود رجال منبر لا يجيدون غير الصراخ من هذه الظواهر دون معرفة ودراسة أسبابها وجذورها ووضع الحلول الناجعة والنافعة في إصلاحها بدلا من الصوت المكرر بلا صدى في كل محرم ورمضان ومناسبات ولادات ووفيات الأئمة المعصومين ,الفساد المستشري بشكل فضيع اليوم هو ايضا احد الظواهر بعد 2003 فنراه ينخر بالدولة يشترك فيه المتدين وغير المتدين المتعلم وغير المتعلم والحصة الاكبر فيه هي من نصيب المؤسسات والأحزاب وخاصة الدينية فهي ترعى قيم الحزب وتمدده من خلال الاستئثار بالمال العام وفتح قنوات فضائية ومشاريع ظاهرها خيرية وباطنها عذاب ! ان مجتمعا مثل مجتمعنا لا يمكن ان نصلحه بطريق وأسلوب واحد معتمدين على المواعظ وبعض القوانين التي تطبق على الفقراء فقط إننا بحاجة الى ترهيب حقيقي في إحقاق الحق وتطبيقه على المسئول في الدولة أولا وقطع كل يد تمتد على المال العام , اما  بعض الظواهر الاجتماعية الأخرى كالتي ذكرناها ( المرأة والايمو ) فهي بحاجة الى معاهد او باحثين متخصصين يقومون بتقديم دراسة شاملة تتضمن الأسباب الحقيقية وراء نشوء مثل هذه الظواهر ووضع الحلول التدريجية والمناسبة من اجل القضاء عليها وتكون ملزمة للدولة في تطبيقها ووضع جداول زمنية وإجراء دراسة أخرى مماثلة بعد خمس سنوات مثلا من تطبيق هذه الحلول لكي ترى الدولة كيف كان مفعول هذه الحلول وما هي المعوقات التي واجهتها وكيف يمكن اختيار الخطط البديلة والأفضل,, لكي نقوم بترميم مستمر لمجتمعنا بدلا من ان نجلس نندب حظنا ونضيع أنفسنا وأجيالنا في دوامة لا تنتهي من اللوم والتذمر .