بين الاحتلال و شبيهه!! |
تثار عاصفة من المزاديات السياسية في العراق هذه الأيام و كأن البعض نسى "فضل" الاحتلال قبل 11 سنة فقط، أو أنهم يراهنون على خلط الأوراق للظهور بثوب وطني " ناصع البياض" رغم الكثير من " وحل التأمر" على مصلحة الوطن و بطريقة لا تختلف كثيرا عن محاولة تلميع وجوه متهمة بكل شيء الا حب العراق، ما يستدعي توجيه الأنظار صوب هذا الخطر الأشد ايلاما من الاحتلال نفسه. ويكثر الحديث في العراق عن السيادة و رفض التدخل الخارجي و الاستعداد للدخول في معارك " مصيرية" لمنع نشر قوات برية على أرض العراق" المقدسة"، وكأن أصحاب هذا المواقف يتجاهلون الحقائق و هوامش المناورة، سيما و انه لا يمكن اختزال السيادة بوجهات نظرسياسية " للتسويق المحلي " فقصف الطائرات من كل حدب و صوب ليس رحلات للسياحة المجانية ، كما أن أصحاب " الشأن" أقسموا بالدفاع عن العراق أرضا و برا و بحرا، فلماذا تقليد الحرباء في ذكاء التخفي!! ثم لماذا وضع العصي في دواليب حكومة العبادي منذ أن قررت المحافظة على الحد الأدنى من الوفاق الوطني و الابتعاد قدر الامكان عن استنساخ صناعة الأزمات لحكومة المالكي، وماذا سيقول " المغرمون بالتويش" لو أنزلت طائرات في جنح الظلام قوات خاصة في قواعد مختارة أو في كردستان، هل سيشنون الحرب عليها عبر المنطقة الخضراء و كيف!! ثم ما الفرق بين المستشارين العسكريين و الجنود و قطعات الاسناد الموجودة اصلا!! ولماذا يستخدمون " التخويف الطائفي " للتغطية على فشل الحسابات و انهيار المعنويات و انعدام الخدمات!! ومع كل ذلك يتقاتلون على المناصب و أرض العراق مستباحة ومصير المنطقة الخضراء مجهولا، مثل التقديرات الأمنية التي تصل بالمقلوب الى صانع القرار، لذلك تتفاجأ الحكومة بسقوط المدن عبر الاعلام، و تقع في سوء تقدير مخارج الحرب النفسية!! لسنا مع استباحة سيادة العراق مهما كانت التبريرات لأن مآسي ما بعد 2003 ليست بحاجة الى توصيف اضافي، مثلما ان المحافظة على وحدة و سيادة البلاد و العباد مسؤولية تاريخية لا يجوز التهاون فيها مهما كانت الضغوط و المغريات، لكن ألا يجد بعض المسؤولين في العراق حرجا من الحديث عن دور ايراني محوري لمنع سقوط بغداد بيد مسلحي داعش، أو مقايضة مرفوضة تخول الأكراد حق التصرف بالمدن التي تستعيد البيشمركة السيطرة عليها، وكأن ما جى فيلم هندي متفق على مراحلة اخراجه!! لا القصف الجوي يحل المشكلة ولا قوات أمريكية خاصة ستستعيد السيطرة بالتوقيتات الحرجة، لذلك يجب التخلص من عقدة رفض النظر الى الماضي، وتطهير الأنفس و العقول من مرارة الأعتراف بحقيقة سوء التقديرات، و العمل الجاد على الفصل بين الحقد الحزبي و المصلحة الوطنية، بحيث يكون برنامج المصالحة خيارا يحظى بأولوية مطلقة و بقناعة تامة، قبل الوصول الى محطة حيث لا ينفع عض اصابع الندم. نحن في مواجهة أخطر تحدي لتماسك الأخوة العراقية فبدون التواصل المصيري بين عشائر الجنوب و الشمال والشرق و الغرب، سيبقى الميزان مائلا نحو الخطأ و تبقى أصابع الاتهام موجهة صوب الجميع وهو ليس في صالح العراق و شعبه، فالنسيج الاجتماعي لم يمر بمرحلة أخطر مما يجري حاليا، ما يستدعي آخذ الأمور و التحديات على محمل الجد بعيدا عن الاتكال على وعود الأخرين. ماذا سيكون لو تم الافراج عن المعتقلات و المعتقلين غير المتورطين بدم العراقيين، ولو أن هذا الدم أصبح، و مع الأسف، مستباحا ممن هب ودب داخليا و خارجيا، ولماذا ننظر بنصف عين الى حقوق المواطنين و مع ذلك ننتظر العون منهم!! و الى متى العمل بقاعدة أنصاف الحلول وعقلية تصفية الحسابات مع التاريخ ؟ العراق بيت للجميع وبدون التصرف على هذا الأساس سيزداد الخطأ اتساعا و تتشظى الحلول الواقعية لصالح المزيد من المخاطر التي تزحف على الأرض فيما يتوهمها بعضهم زخات مطر مصيف!!
|