العراق على كف عفريت

وصل العراق الى الحضيض او هو في طريقه الى الحضيض في ظل السياسات الخاطئة التي يتبعها رئيس الوزراء العراقي «نوري المالكي»، ولم يعد بينه وبين الانحدار اليه غير «فركة كعب»، مجرد اثارة بسيطة للنوازع العرقية والطائفية المتهيجة اصلا كفيلة بإحراق الاخضر واليابس، وقلب البلد رأسا على عقب، وقد بدأت اولى شرارتها بالظهور من خلال اثارة الصراع مع الاكراد على اساس الانتماء القومي لأول مرة منذ تأسيس الدولة العراقية وتحشيد قوات عسكرية لإخضاعهم للامر الواقع، وكذلك اثارة النعرة الطائفية مع السنة وتهميشهم وملاحقة قادتهم بحجة الارهاب، مما نجمت عنها مظاهرات شعبية عارمة اندلعت في المحافظات التي يوجدون فيها مطالبة بالاصلاح السياسي الحقيقي والكف عن افتعال الازمات التي ارهقت كاهل العراق والعراقيين، ولا احد يعلم الى اين تسير وبماذا تنتهي.. وبدل ان يحل «المالكي» الأزمة الجديدة بروية وحكمة وصفها بـ «الفقاعة» و«النتنة» مما زاد من حدة الاحتقان لدى المحتجين.. مشكلة المالكي تكمن في عدم قدرته على ادارة بلاد مترامية الاطراف وذات مكونات مختلفة وغير متجانسة كالعراق، ربما هو مناور جيد سياسيا، يعرف كيف يهزم غرماءه السياسيين بالضربة القاضية من خلال خلق «الازمات» وإشهار الملفات القضائية بوجههم، ولكنه اداري فاشل بامتياز، ليس لديه خطة لادارة البلاد، ولا يملك خبرة كافية لمعرفة المجتمع المتناقض الذي يتعامل معه، يتمسك بالدستور ولا يتعامل به الا بما يخدم مصلحته ويوافق اهواءه السياسية والمذهبية، فنراه يرفض اقامة الاقاليم والفيدراليات مع انها نص دستوري ثابت ومن اهم اركانه، ويرفض تطبيق المادة 140 الدستورية التي تعالج قضية المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية واقليم كردستان وارجاع الحقوق الى اصحابها الشرعيين، وحتى الاتفاقات والمواثيق التي يبرمها مع شركائه السياسيين الذين ولوه الحكم لا يلتزم بها ويتنصل منها.. دأب على اثارة الازمات وافتعال المشاكل للتهرب من استحقاق قانوني او دستوري او التغطية على فشله الاداري والخدمي، فهو بارع في خلق الازمات والهاء الناس بها، بوسعه ان يضع البلاد على كف عفريت خلال ايام او ساعات، مثلما فعل مع الاكراد، عندما اصدر امرا بتشكيل قيادة قوات عمليات دجلة، اكملها في بضعة ايام ومن ثم وضعها في مواجهة مع القوات الكردية «البيشمركة» في تصعيد عسكري مخيف، كاد ان يحول المنطقة الى جحيم لولا قيامه بفتح جبهة جديدة مع وزير المالية «العيساوي» وانشغاله بالمظاهرات والاحتجاجات في المحافظات الغربية للبلاد، وقد يعود لاحقا الى الازمة الكردية ليعالجها بالطريقة العسكرية التي يريدها بعد ان ينتهي من هذه المظاهرات التي لم يكن يتصور ان تتوسع بهذا الشكل..ذكر لنا رئيس الاقليم (مسعود بارزاني) خلال لقائنا معه ان رئيس الوزراء المالكي لا يستقر على امر لفترة طويلة، قد يوقع على وثيقة اواتفاقية ولكنه سرعان ما يتراجع عنها وكأن امرا لم يكن.. وربما يرجع هذا الامر ــ والكلام لي ــ الى كونه لا يتحكم في القرارات المهمة في البلد الذي يديره بالانابة، فتراه يوافق على امر ولكن فجأة يأتيه قرار من قبل حكام ايران، فيضطر ان يتراجع عن قراره ويغير من قناعاته حتى غدا مضربا للامثال في عدم الايفاء بالوعود والتنصل منها.

 

ستتفاقم هذه الازمات والمشاكل وتنفجر بوجه العراقيين وسيبقى البلد يحكم بالانابة وغير مكتمل السيادة مادام نوري المالكي على سدة الحكم، من المهم ان تجتمع القوى السياسية في العراق على نقطة واحدة اساسية وهي ازالة هذا الرجل عن الحكم قبل الشروع في اي شيء، قبل تقاسم السلطة وقبل الاختلاف على مواد الدستور وشكل الحكم ونوع النظام الديمقراطي، كل الاصلاحات السياسية لامعنى لها بوجوده وفي ظل حكمه الاقصائي الطائفي.. والامر اولا واخيرا مناط بالعراقيين.