الاداة داعش والعقدة نبوخذ نصر والهدف الغاز! |
إن فشل الدول الاستعمارية (فرنسا،انجلترا، المانيا، النمسا-المجر، ايطاليا، روسيا) في تصفية مشاكلها مطلع القرن العشرين هو الذي أدى الى تصاعد حدة التنافس المحموم بين هذه الدول ودخولها في أحلاف عسكرية، ومن ثم تسابقها نحو التسلح، مما جعل العالم يسير في اتجاه الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) السبب الرئيسي لذلك التنافس (الزعامة الاقتصادية العالمية)، حيث ظلت بريطانيا أول قوة صناعية وتجارية في العالم إلى حدود نهاية القرن التاسع عشر، لكنها أصبحت مهددة في بداية القرن العشرين من اطراف دولية اخرى شهد اقتصادها تطورا سريعا، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية التي تولت الزعامة الاقتصادية العالمية لاحقا. كان من نتائج هذا التنافس تقسيم المشرق العربي وفق مصالح القوى الدولية المتنافسة وفرض خارطة سياسية جديدة حسب مضمون اتفاقية سايكس بيكو 1916، بهدف زيادة هيمنة هذه القوى على منابع النفط عامة في المنطقة، فكان استثمار النفط العامل الرئيس والاساس في رسم معالم البلدان العربية وتشكيل حكوماتها . هذه النظرة السريعة على الاحداث التي شهدها العالم خلال القرن الماضي تظهر للمهتمين بهذا الشأن وبإجماع المختصين، أن عوامل جيوسياسية كانت وراء التصاعد الدراماتيكي لأهمية السيطرة على منطقة الشرق الأوسط . اليوم يعيد التاريخ نفسه على وفق السيناريو السابق فاللاعبين لم يتغيروا لكن حدث تبادل لبعض الادوار فتركيا (الدولة العثمانية سابقا) اليوم هي حليف، والعكس بالنسبة لروسيا .اما منطقة الصراع فهي نفسها (الشرق الاوسط) وحتى التوقيتات متشابهة وهي بداية كل قرن فاليوم نحن على اعتاب سايكس بيكو جديد (2016) فما اشبه اليوم بالأمس .لكن الهدف هذه المرة الغاز الطبيعي.
حقائق موجزة: في 9 أيار/ 1992، صدَّق 191 بلداً على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والتزمت تلك البلدان بوضع استراتيجيات وطنية لمواجهة الاحترار العالمي، وصدَّق 174 بلداً على بروتوكول كيوتو الملحق بالاتفاقية، الذي يحدد أهدافاً وجداول زمنية للحد من الانبعاثات في البلدان الصناعية، وتتمحور اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وبروتوكول كيوتو الملحق بها، على مكافحة التلوث المناخي وصيانة الغلاف الجوي للكرة الأرضية، والعمل على إنتاج وتطوير تقنيات صديقة للبيئة والتقليل من انبعاثات الغازات الضارة. بدأ نفـاذ الاتفاقية في 21 آذار/ 1994 وادى تطبيق الدول لها وخصوصا الدول المتقدمة الى زيادة في استهلاك الغاز، ومن المتوقّع أن يتضاعف الطلب العالمي على الغاز الطبيعي الذي اصبح يشكَّل فعلياً مادة الطاقة الرئيسة في القرن الواحد والعشرين سواء من حيث البديل الطاقي - لتراجع احتياطي النفط عالمياً - اومن حيث الطاقة النظيفة، بحيث اصبح الغاز الطبيعي أحد مصادر الطاقة البديلة عن النفط وهو من المحروقات ذات الكفاءة العالية القليلة الكلفة والقليلة الانبعاثات الملوّثة للبيئة، ويعتبر من موارد الطاقة المهمّة للصناعات الكيماوية.
(شركة غاز بروم Gazprom) الروسية: في شهر آب من عام 1989، قامت (وزارة صناعة الغاز) في الاتحاد السوفيتي السابق بتحويل نفسها إلى شركة الدولة للغاز (غازبروم)، وهي أول مشروع لشركة خاصة بالدولة، والتي اصبحت اكبر مستخرج للغاز الطبيعي في العالم، وهي اليوم الحاكم الفعلي لروسيا . عملت موسكو على احتكار الغاز الطبيعي، فقد ادركت ان السيطرة على منابع الغاز تعني عودة روسيا بقوة إلى المسرح العالمي وإحكام السيطرة على الاقتصاد الأوروبي ومحاصرة الولايات المتحدة الامريكية ومنعها من مد نفوذها باتجاه آسيا الوسطى ومن ثم الزعامة الاقتصادية على العالم الذي سيعتمد لعقود قادمة على الغاز بديلاً عن النفط، خاصة وان تقديرات وزارة الطاقة الامريكية تشير الى ان هذه المنطقة وبحر قزوين المتاخم لها يحتويان على ثاني اكبر احتياطي للنفط بعد الخليج الفارسي (17،6 مليار برميل) والأول للغاز الطبيعي في العالم (65 تريليون قدم مكعب) . وعلى هذا الاساس فقد اصبح واضحا وجليا أن السيطرة على موارد الغاز الطبيعي، وشبكاته عنصرا فاعلا ومهما لمعايير القوة الجيوسياسية في عالم اليوم، اضافة الى تحول النظام العالمي من هيمنة القطب الواحد إلى نظام آخر متعدد الأقطاب، هذا ما دفع روسيا لتكثيف الجهود من اجل تحقيق اهدافها الاستراتيجية المرسومة عن طريق مد شبكة انابيب غاز عملاقة، وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد اشرف بنفسه على تحقيق هذا الهدف من خلال قيامه بجولة في دول آسيا الوسطى على رأس وفد كبير، يضم ممثلين عن شركات الطاقة الروسية الكبيرة في اطار محاولات بلاده تقريب هذه الدول الى سياستها وإبعادها عن فلك السياسة الأوروبية والأميركية ،استطاع من خلالها تحقيق غاياته بتوقيعه عدداً مهماً من الاتفاقات في مجالات النفط والغاز مع تلك الدول تقضي بتصدير القسم الأكبر من نفطها وغازها بواسطة شركة غاز بروم التي بادرت الى الاعلان عن الاستثمار في مجموعة من المشاريع العملاقة واهمها: (السيل الشمالي) (نورث ستريم) والذي يوصل الغاز من شمال روسيا الى ألمانيا عبر البحر دون المرور ببيلاروسيا و(السيل الجنوبي) (ساوث ستريم) بطول ألفين و380 كيلو مترا يمر تحت مياه البحر الأسود، ويخترق أراضي بلغاريا وصربيا والمجر وسلوفينيا قبل أن يصل إلى إيطاليا التي من المفترض أن يتم تزويدها بالغاز، إلى جانب اليونان والنمسا اعتبارا من عام 2015. وبدأ بناء هذا الانبوب الذي تقوم به شركة غازبروم النفطية بمشاركة مجموعات اوروبية والذي قدرت كلفته بـ16 مليار يورو والذي انطلق في حزيران 2007 ؛ الأمر الذي دفع صحيفة (زود دوتش تسايتونغ) الألمانية التأكيد على أن بوتين (مرّغ أنف الغرب بالتراب).
الموقف الاوربي الامريكي: تعتبر روسيا من أكبر مزودي الغاز للاتحاد الأوروبي اذ يتلقى منها ما نسبته 25 % من امدادات الغاز، وهو ما يمثل 40 % من إمدادات الكتلة المستوردة ؛ يشار إلى أن أوروبا تعد الشريك الأكبر لروسيا، حيث وصلت نسبة الصادرات الروسية إليها إلى أكثر من 52% في 2008 من مجمل التجارة الروسية. كما وصلت قيمة صادرات الاتحاد الأوروبي لروسيا في عام 2008 إلى 105 مليارات يورو وبلغت قيمة واردات أوروبا من روسيا 173.2 مليار يورو . ان من ينظر بعناية الى مشاريع الطاقة الاستراتيجية الروسية الجديدة يجد انها تعمل على زيادة الاعتماد الدولي على الغاز الروسي ولعقود قادمة وبالتالي إضعاف وحدة الاتحاد الأوروبي وخلق المزيد من الانقسامات بين الدول الـ (27) الأعضاء ما يعني زيادة النفوذ الروسي على تلك الدول، وقد تأكد هذا الانقسام في دعم دول أوروبية وفي مقدمتها إيطاليا، لخط (ساوث ستريم)، وتبنّت ألمانيا خط (نورث ستريم) لتأمين مصالحها الغازية مع الروس؛ اما بلغاريا والتي تعتمد بشكل شبه كلي على إمدادات الطاقة القادمة من روسيا اصبحت في قلب النزاع بين موسكو والغرب، ذلك لان الحكومة الاشتراكية في بلغاريا تؤيد خط الأنابيب ساوث ستريم الذي سينقل الغاز الروسي تحت البحر الأسود إلى أوروبا والذي سيمر بالأراضي البلغارية لكنها أوقفت الإنشاءات على مضض وسط تهديدات بفرض عقوبات من أوروبا التي يساورها القلق من أن المشروع لا يتوافق مع قواعد الاتحاد الأوروبي، هذا على الرغم من الحديث المستمر حول صياغة سياسة خارجية موحدة للطاقة داخل الاتحاد الأوروبي الا انهم لم يتمكنوا من التوصل إلى توافق بسبب الأولويات المختلفة الخاصة بهم. اما بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية فقد ادركت ان الغاز القطري اصبح عاجز عن المنافسة في السوق الأوربية فالفرق واضح بين الغاز القطري الذي ينقل بحرا وبين الغاز الروسي المنقول عبر الانابيب، فضلا عن ان النفوذ الروسي في تزايد مستمر في اوربا مع ازدياد الطلب على الغاز ليس هذا فحسب انما بدأت موسكو بالانتعاش الاقتصادي وتستعيد عافيتها كل هذه الامور عجَّلت في قرع جرس الانذار داخل كواليس السياسة الامريكية من الخطر القادم والذي اصبح يهدد استمرار سيطرتها وانفرادها وبقائها قطب واحد يدير العالم.
المناورة الامريكية الاوربية: ان احتلال افغانستان من قبل الولايات المتحدة الامريكية ومحاولة تغلغلها في اسيا الوسطى والازمة الجورجية وبعدها الاوكرانية وتلويح الاتحاد الأوربي بضمها الى المنظومة الاوربية، كلها في واقعها محاولات امريكية اوربية لتنويع مصادر الطاقة والوصول الى بوابة الغاز المتمثلة بأسيا الوسطى والتي تتركز حول بحر قزوين، وقد عمد فعلا الاتحاد الاوربي للبحث عن بدائل للغاز الروسي ومحاولة الحصول على مزيد من الغاز من شمال أفريقيا والشرق الأوسط ومنطقة بحر قزوين لتخفيف الاعتماد على روسيا، خاصة بعد الأزمة الروسية ـ الاميركية في اوكرانية والتي ادت الى قطع موسكو إمدادات الغاز عن كثير من الدول الأوروبية. حينها عملت واشنطن على إقناع الأوروبيين بتحصيل قدر أكبر من الطاقة التي تعود إليهم والتي تتواجد في حوض بحر قزوين من خلال مدّ أنابيب جديدة إلى تلك المنطقة عبر جورجيا وتركيا، وكانت الفكرة أن يتم تجاوز روسيا عبر إقناع أذربيجان وكازاخستان وتركمانستان بتصدير غازها عبر هذه القنوات وليس عبر تلك الأنابيب التي تملكها غاز بروم الشركة الاحتكارية الروسية التي تديرها الدولة، وعلى هذا الاساس بدأ الطرفان العمل على مخطط جديد يسمح لهم بالالتفاف حول امدادات الغاز الروسي، وجاء تطبيق هذا الأمر في منتصف تموز من عام 2009 بالتوقيع على اتفاقية تمهد الطريق أمام إقامة مشروع خط أنابيب غاز ضخم لنقل الغاز من آسيا الوسطى مروراً بتركيا ونحو عمق الاتحاد الأوروبي والذي من المفترض أن يمتد الى ما يقرب من 3300 كيلومتر، وقد أطلق القادة الأوروبيون عليه "مشروع القرن" ودعمته الولايات المتحدة، إلا أنه واجه ضغوطاً روسية تسببت في تراجع دول وسط آسيا عن انضمامهم للمشروع، فقد وصفته موسكو بأنه (مشروع معادي لروسيا)، لأنه يعد منافسا لمشروع خط الأنابيب الروسي المعروف بـ (ساوث ستريم) والذي تعمل على انشاءه شركة غاز بروم الروسية - كما اسلفنا - هذا يعني ان المشروع الامريكي ولد ميتا !!!
الغاية الحقيقية والتسمية الخبيثة: اعتقد الكثير وعلى رأسهم موسكو ان المشروع الامريكي الاوربي لمد انبوب غاز نحو اسيا الوسطى قد ولد ميت بل ان روسيا لم تتردد من سخريتها من المشروع، في المحافل الدولية وأيقنت أن استراتيجيتها بمحاورها وبأبعادها المتعددة قد نجحت نجاحاً باهراً، وأنها أجهضت المشروع وجعلته يولد ميتاً بعد أن جففت كل المصادر المحتملة لأي شكل من أشكال هذا المشروع، بعد أن اتضح جلياً أنه ليس من المعقول بناء أنبوب لنقل غاز لا يوجد له من يزوده أو يمده بالغاز أو حتى يقبل بحق المرور عبر الملك المشاع. اذا ما الجدوى وما هو الهدف من إنشاء خط أنابيب لنقل غاز جفّفت روسيا كل مصادره ؟ من دون شك ان واشنطن تدرك ان الغاز في اسيا الوسطى محال ان يصلها لكن ما كانت لم تدركه موسكو ان غاز البحر المتوسط هو ما كانت تريده واشنطن او تخطط له، خاصة وان الولايات المتحدة الامريكية تعلم جيدا ان خريطة الغاز وثرواته الهائلة تتركز اليوم في ساحل البحر المتوسط وبالتحديد مصر وسوريا و فلسطين ولبنان وقبرص وإن معرفة السر الكامن في الغاز السوري سيفهم الجميع حجم اللعبة على الغاز لأن من يملك سورية يملك الشرق الأوسط وبوابة آسيا، اذا تقسيم وتدمير سوريا تعني استمرار سيطرة واشنطن وانفرادها وبقائها قطب واحد يدير العالم، وفقدان موسكو نفوذها في المتوسط وأوروبا ووسط آسيا دفعة واحدة، فروسيا لم تعرف أن الاستراتيجية الأمريكية المضادة كانت تعتمد على الاستعاضة عن مصادر الغاز المفقودة في وسط آسيا بمصدر آخر جاء من البحر المتوسط ومن الجزيرة العربية، ومن قطر، فمن هنا جاءت فكرة مشروع خط الغاز القطري والمقرر له أن يخرج من قطر مرورا بالمملكة العربية السعودية ثم يتجه غربا إلى الأراضي السورية حيث يلتقي بخط الغاز المصري – وحديثا الإسرائيلي – هذا بالإضافة الى خطين قادمين من العراق سينظمَّان لاحقا احدهما من محافظة الانبار غرب العراق والتي تحتوي على حقل ضخم للغاز الطبيعي في الصحراء الغربية وتقدر طاقته بنحو53 تريليون قدم مكعب في حين أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده لاستثمار هذه الحقل، وهذا ما اعلنته وزارة النفط العراقية على لسان مدير اعلام الوزارة عامر جهاد لراديو سوا بتاريخ 2/12/2007 حيث قال: (تسعى الوزارة إلى الاستثمار الأمثل لحقل عكاز والذي يحتوي على كميات كبيرة من الغاز الطبيعي بالتعاون مع الشركات العالمية وقد أبدت عدد من الجهات استعدادها لإخراج هذه الكميات ومنها الاتحاد الاوربي، ومن ضمن الخطط الاستثمارية هي أن يصدر هذا الغاز عبر الأنبوب العربي المشترك الذي يمر بعدة دول عربية ومنها إلى تركيا، ومن تركيا إلى أوروبا، ويعتبر هذا المشروع من المشاريع الكبيرة التي ستحول العراق إلى أحد البلدان الرئيسية المصدرة للغاز). اما الخط الاخر فيأتي من كردستان العراق، حيث اعلنت (شركة هيرتج) للنفط والطاقة لراديو سوا بتاريخ 26/1/2011 (أن كوادرها العاملة في إقليم كردستان اكتشفت حقلا جديدا للغاز الطبيعي شمال شرقي الإقليم، وأوضحت الشركة في بيان لها أن الحقل يحتوي على نحو 12 ترليون قدم مكعب من الغاز، ويتميز بطاقة تدفق عالية، ما يجعله من كبريات حقول الغاز في العراق، وقالت الشركة التي تملك نسبة 75 % من عائدات تشغيل الحقل إنها تبحث عدة خيارات لاستثمار الحقل الضخم، من بينها ربطه بشبكة أنابيب من المخطط أن تبدأ نقل الغاز إلى تركيا وأوروبا عام 2015). وعلى هذا الاساس ستصبح تركيا نقطة لجمع غاز المنطقة ومن ثم يصدَّر إلى أوروبا،من هنا يمكن أن نفهم سر هذا الارتماء القطري السعودي التركي في أحضان السياسة الأمريكية كذلك مطالب اقليم كردستان والمنطقة الغربية في العراق بالانفصال وتكوين اقاليم مستقلة والدعم الامريكي والواضح لهذه المطالب. لقد تم الاتفاق على تسمية هذا المشروع بـ(Nabucco Pipeline ) واختصارا (Nabucco) (نابوكو)، هذه التسمية تم استلهامها من مقطوعة موسيقية كلاسيكيه أوروبية، تدعى (أوبرا نابوكو) للموسيقي الإيطالي (جوسبيه فيرديGiuseppe Verdi) (القرن التاسع عشر)، وتستلهم أوبرا نابوكو قيمة التمسك بالتعاليم الدينية انطلاقًا من إحدى القصص الواردة في العهد القديم والتي تحكي عن جزء من تاريخ اليهود خلال حكم الملك نابوكو الثاني (نبوخذ نصّر 605–562 ق.م) و(نابوكو) صيغة تصغير و(تحقير) باللغة العبرية للملك البابلي (نبوخذ نصر)، ويبدو أن الأطراف التي خططت لهذا المشروع، قد تعمدت استعمال اسم الملك البابلي لدوره في إنهاء مملكة يهوذا وفي ما عرف بالسبي البابلي بعد تصغيره، ثم قامت بإلصاقه على المشروع الذي ستنسف فيه اقتصاد البلدان العربية، وتتلاعب بمصيرها، ويبدو أن التسمية جاءت بهذا الشكل لإنعاش الأحقاد اليهودية القديمة، والانتقام من نبوخذ نصر، فضلا عن الاستخفاف بالحضارة البابلية التي سحقت اليهود في أورشليم واستعبدتهم في الأزمنة الغابرة، اذا حتى الأسماء حين يختارها الأمريكي لا يختارها عبثا، لذلك لا غرابة عندما نجد ان الاحتلال الامريكي للعراق ومن ثم التنظيمات الارهابية عملوا على تخريب الاثار العراقية مدفوعين بتأثير افكار دينية متطرفة وانهم يمكن أن يرسموا سياستهم بناءً على معتقداتهم الدينية والاسطورية، وهكذا فالتاريخ السياسي للمشروع يسجل: أن الإعلان عن نابوكو كان مقدّمة لتدمير العراق وسوريا وتقسيمهما، بمعاول أمريكا وأنصارها من بعض حكَّام العرب الذين توافقت مصالحهم وموروثاتهم العقدية والبيئية مع مصالح الغرب واطماعه فتلاقح الفكر اليهودي التلمودي المتطرف والاستئصالي والدموي مع جلافة البداوة فكانت الولادة فكر ممسوخاً هجيناً متمثلا بـ(داعش). اذا كل ما يحصل اليوم في المنطقة حقيقته هو مشروع الشرق الأوسط الجديد والذي يهدف لإعادة فك وتركيب الأنظمة الموجودة بما يسمح بعبور هذا الخط بأمان وبما يحقق المصلحة الأمريكية والأوروبية المرجوة منه، فالمعادلة قد أصبحت صفرية، و هذا يعني إما تفكيك المنطقة وسقوط انظمتها أو سقوط المخطط الأمريكي. .................................................................. المصادر : - حرب أنابيب الغاز : الوجه الآخر للصراع في الشرق الأوسط اللعبة الجيوسياسية، موقع Mohammed Haffz على الفيس بوك . - خط العرض 33 مفتاحه سورية، salmaan، منتديات جابر البلوشي، 9-12-2011. - كوابح الصراع الخفي وتبديل الحرس، عبدالكريم صالح المحسن، الحوار المتمدن-العدد: 3704، 21 / 4 / 2012 . - نص بروتوكول كيوتو الملحق باتفاقية الامم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، موقع منظمة الأمم المتحدة. -The limits of the EU direct foreign gas policy Autopsy of the stillborn Southern corridor project Nabucco، Dominique FINON، CNRS-CIRED& GIS LARSEN . SECURITY ASPECTS OF THE SOUTH STREAM PROJECT، -Zeyno Baran Director Center for Eurasian Policy (CEP)، Hudson Institute |