مُستفيدون صِغار .. ومُستفيدونَ كِبار

كنتُ أتصّوَر بأن مجئ داعش ومن ثٌم ما يُسمى بدولة الخلافة الإسلامية ، هو وِبالٌ على الجميع بدون إستثناء .. وخسارةٌ تُصيب الكُل . لكن تَبَينَ لي بالتدريج ، أن الأمر ليس كذلك بالمّرة .. فهنالكَ مستفيدونَ مِما جرى ويجري .. وهنالك رابحون صِغار ورابحون كِبار .. يبذلون ما في وسعهم ، أن يدوم الوضع ويطول قَدر الإمكان ! . هنالكَ أنواعٌ من المستفيدين ، يتفاوتون في درجة إستفادتهم ، وكذلك في تشكيلهم عبئاً وخطورةً إضافية ، على الوضع المُتردي أصلاً : 
* هنالك مُستفيدونَ " عَرَضاً " من خلال إستغلال مأساة الأعداد الهائلة من النازحين ، ولا سيما ذاك القِسم من النازحين المتمكنين مادياً الى حدٍ ما ... بتأجير المنازل والشُقَق والغُرَف لهم .. وهؤلاء مُجّرد إنتهازيين عاديين للفُرَص . فالمئات من الفنادق والموتيلات وآلاف الشُقق والبيوت ، في مُدن أقليم كردستان ، مثلاً .. كانتْ فارغة قبل سنة .. لكن مع بداية موجات النزوح القسري من الفلوجة والرمادي .. بدأتْ فترة إزدهار لهذه العقارات .. وبعد وصول نازحي سهل نينوى والموصل وديالى وبغداد وغيرهم .. فأنه من النادر ان تجد اليوم داراً او شقة او غرفة فندق فارغة . والأدهى ، ان الكثير من أصحاب هذه العقارات ، زادوا من الإيجارات عملاً بمبدأ العَرض والطلب ، مع غياب أي رقابة او ضغط من الحكومة .
ان الكثير من النازحين ، يشكونَ من غلاء الإيجارات .. ورأيتُ نازحين إيزيديين قالوا ، ان بعض أصحاب الدور في المجمعات الإيزيدية نفسها ، فرضوا عليهم أي على النازحين من أبناء جلدتهم ودينهم ، إيجارات مُرتفعة ! .
*.. هنالكُ إنطِباعٌ " صحيحٌ الى حدٍ ما كما يبدو " ، أن النازحين الإيزيديين من سنجار وقُرى سنجار ، هُم الأكثر فُقراُ وتنتشر الأمية بين صفوفهم .. في حين ان إيزيديي بعشيقة وبحزاني وسهل نينوى ، حالتهم المادية ووضعهم الثقافي أفضل . وذلك بسبب التهميش المُزمن والإهمال الطويل الذي عانتْ منه سنجار وقُراها ، منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة ، وحتى بعد 2003 أيضاً ، ولغاية اليوم . 
هنالك مظاهِر بسيطة ذات مغزى : في الأسواق والمولات والمطاعم ، من الطبيعي ان ترى ، ( بعض ) النازحين من إيزيديي سهل نينوى ، لكن من النادر جداً ، ان تجد نازحاً من إيزيديي سنجار وقراها ، في هذه الأماكن .
القليل القليل من إيزيديي سنجار ، يمتلكون تَرف الحصول على شقة مُؤجرة . 
* بصورة عامة .. وضعية النازحين المسيحيين ، أحسن من النازحين الإيزيديين .. رُبما لأن أعدادهم أقل .. والإمكانيات المادية ( لبعضهم ) جيدة .. ونسبة الأُمية عندهم أقل .
* كمُحصلة : ان أصحاب الفنادق والموتيلات والشُقق والبيوت ، مُستفيدون بصورةٍ غير مباشرة ، من مجئ عشرات الآلاف من النازحين . وأن [ قسماً ] من هؤلاء المالكين ، يستغلون مأساة النازحين أبشع إستغلال .. في حين هنالك العديد من أصحاب المواقف المُشرفة والإنسانية ، لكن للأسف فأن نسبتهم قليلة ! . 
.........................
* ( بعض ) أصحاب الأملاك أعلاه .. مُجّرَد جَشعين وإنتهازيين ، وهُم ( مُستفيدون صِغار ). لكن المُصيبة الكبيرة ، هي في هؤلاء الذين ، يرتضون لأنفسهم ، ان يكونوا أداةً لتقوية عصابات داعش المُجرمة ، ومُساعدتها وإدامة آلَتها التدميرية ، من خلال : [ شراء النفط الخام من داعش بأسعار بخسة / وبيع البنزين والكازاويل لهم بأسعار مُرتفعة ] . ان القائمين بهذه الجرائم ، لافرق بينهم وبين الإرهابيين أنفسهم . فعندما تشتري منهم النفط ، فأنك تُنعِش إقتصادهم وتُديم وجودهم .. وعندما تبيع لهم البنزين والكاز ، فأنك تُوّفِر الوقود لهمراتهم ومدرعاتهم وسياراتهم .. التي يتنقلون بها ، ويُهاجمون ويقتلون أبناءنا ويحتلون مُدننا .
مَنْ يستطيع ان يقوم ب ( هذه التجارة العاهرة ) .. سواءً في كركوك او غيرها من الاماكن ، إذا لم يكُن مُتنفذا وذو سلطة ومدعوماً ؟ 
أمثال هؤلاء المافيا .. ( مُستفيدون كِبار ) من الوضع الراهن ، ولا يريدون ان ينتهي .. ولا أن تُغلَق منابع وارداتهم الكبيرة ، التي يجنونها ، بالمُتاجرة المُخزِية مع العدو الفاشي الداعشي .