لقاءات ثنائية لترميم جسور الثقة بين المتخاصمين السياسيين يمهد لطرح ورقة الإصلاح وأنهاء الأزمة

بغداد –يعيش المشهد السياسي العراقي هذه الأيام حالة من الحراك الثنائي تشمل أغلب الكتل البرلمانية والسياسية الفاعلة في البلاد والتي هي أطراف في الأزمة السياسية التي يمر بها العراق منذ عدة أشهر، وذلك بهدف ترميم جسور الثقة التي فجرتها الأزمة السياسية الجارية حالية في البلاد على الرغم من رؤية الأطراف السياسية لهذه الورقة واللقاءات الثنائية.

فقد عقد رئيس التحالف الوطني العراقي الحاكم في البلاد إبراهيم الجعفري سلسلة لقاءات مع قادة القائمة العراقية، والتحالف الكردستاني وذلك في إطار عرض ما يسمى المشروع الإصلاحي الذي تضمنته ورقة الإصلاح، وإزالة الهواجس والشكوك لدى الكتل السياسية المعارضة لنوري المالكي.

فيما يجري الترتيب لعقد لقاءات ثنائية أيضا بين زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر وزعيم القائمة العراقية أياد علاوي، وترتيبات أخرى للقاء نوري المالكي برئيس البرلمان اسامة النجيفي.

وفي الوقت الذي أكدت فيه القائمة العراقية أن سلسلة اللقاءات الجارية مع قادة التحالف الوطني لن تثنيها عن المضي في مشروع استجواب نوري المالكي، وأنها بصدد استكمال كافة الوثائق القانونية المطلوبة بهذا الشأن، شككت ببرنامج الإصلاح الذي يقوده التحالف الوطني، محملة ائتلاف دولة القانون مسألة فقدان الثقة بين القوى السياسية بفعل تنكرها للاتفاقيات السابقة.

وشاطرها في هذا الأمر التحالف الكردستاني الذي أكد على مصداقية تنفيذ الوعود والاستمرار بمشروع الاستجواب، مشددة على ضرورة أن يكون الإصلاح شاملا، نافيا تسلم أي ورقة إصلاحية بشكل رسمي لحد الان، بالرغم من تشجيعه لعقد اللقاءات الثنائية بين الكتل.

من جانبه أظهر التيار الصدري توجسا إزاء حيادية ومهنية لجنة الإصلاح، معتبرا الحراك السياسي نتيجة طبيعية للتهدئة، وأكد على تطبيق بنود أتفاقية أربيل وتوصيات السيد مقتدى الصدر.

دولة القانون لم تقف من دون حراك بل سارعت إلى رد التهم التي وجهها خصومها لها بالقول أن مشروع الإصلاح ليس بديلا عن الإستجواب. وقال النائب عن إئتلاف دولة القانون عباس البياتي وعضو اللجنة الاصلاحية في التحالف الوطني أن "مشروع الاصلاح ليس بديلا عن الاستجواب، أو ردة فعل عليه، الا أن طريق الاستجواب شائك ومغلق، رغم أن الأطراف التي لازالت تتمسك به تؤمن بعدم جديته، ولكنها تحاول أن تجعل منه ورقة ضغط على كتلة التحالف، بدليل أنه لا يوجد هناك طلب رسمي للبرلمان بهذا الصدد"، عازيا تأخير الاستجواب الى "عدم امتلاك الأطراف الأخرى وثائق بهذا الخصوص، وما مطالبها الحالية، الا كمن يضع العربة امام الحصان".

واعتبر البياتي أن "اللقاء بين الجعفري والعيساوي، وقبله بين الجعفري والنجيفي، يأتي في اطار عرض المشروع الاصلاحي بخطوطه العريضه، مثلما تم عرضه على فؤاد معصوم ونوري شاويس قبل يومين، فالجعفري بدأ بعرض المشروع الاصلاحي على الكتل الرئيسية، لغرض تعريف هذه الكتل بأولويات هذا المشروع وطلب التعاون مع اللجنة في سبيل إنجاز المشروع وتحقيق أهدافه".

وأضاف "بعد عرض مشروع الاصلاح على الكتل، لمسنا استجابة اولية، لكن كان لديهم أسئلة واستفسارات وهواجس، واللقاءات القادمة عندما تتكرر وتتوسع، ستسهم في تبديد هذه الهواجس وستطمئنهم بأن المشروع الإصلاحي هو مشروع حقيقي وجدّي وفاعل، وبالتالي فمن الممكن أن يعولوا عليه في تحقيق جزء من هذه المطالب التي تضمنتها مجمل الأوراق".

وقال النائب عن القائمة العراقية سالم دلي إن "اللقاء بين العيساوي والجعفري جاء على إثر دعوة الاخير، وهو لقاء على صعيد الأزمة، لكن هذه اللقاءات الجارية لا تثني العراقية عن مشروع الاستجواب، وإنها اليوم ليست وحدها صاحبة القرار في هذا الموضوع، وإنما كل أطراف أربيل والنجف معنيون بهذا الموضوع"، مؤكدا أن "قوى أربيل والنجف جادة في بحث الملفات، وإكمال المساند القانونية الخاصة بالاستجواب، ونعتقد أن الايام المقبلة ستشهد استكمال تلك الملفات لتقدم الى رئيس مجلس النواب".

وأوضح دلي أن"اللقاءات تتناول التباحث حول ملفات الاستجواب، لأن هناك خروقات كثيرة سواء على التجاوز في الصلاحيات، وانتهاك حقوق الانسان، والوضع الامني، وملف الخروقات الدستورية، وهو ملف مهم جدا، وكلها مضبوطة بوثائق"، لافتا الى أن "الإصلاح بحاجة الى إجراءات، وأن الكرة اليوم في ملعب دولة القانون كطرف داخل التحالف الوطني، ونحن في العراقية لا نثق بالذهاب مرة اخرى الى طاولة الحوار، ونرى أن الكلام عن ورقة الإصلاح هو مجرد إضاعة للوقت، لأن هناك اتفاقات سابقة لم تنفذ، ونرى أن استجواب المالكي هو جزء كبير من إصلاح العملية السياسية".

وأضاف أن "دولة القانون لم تتمكن من بناء جسر من الثقة مع القوى السياسية الحالية، وهذا ما جعلها بعيدة كل البعد عن التباحث حول ورقة الاصلاحات"، منوها إن "الاستجواب استحقاق دستوري، وهو احد الادوار الرقابية للبرلمان، وأن الحديث عن انتهاء أمر الاستجواب، لا بأس به، باعتبارنا في ساحة ديمقراطية".

ولفت الى ان"طلب استجواب المالكي يختلف عن استجواب علي الأديب، لأن هناك مساند قانونية تدين إجراءات الأخير في وزارة التعليم، وبعد استكمال تلك المساند، سيرفع الطلب الى المحكمة الاتحادية، ويستدعى الاديب مرة أخرى، والتأخر في ملف استجواب المالكي جاء لأننا بصدد استكمال كافة المساند القانونية للاستجواب، حتى تحصل الموافقة مباشرة من قبل المحكمة الاتحادية".

وشدد محما خليل النائب عن التحالف الكردستاني، على "شمولية الاصلاح"، نافيا "تسلم ورقة الاصلاحات رسميا، وقد اطلعنا عليها عن طريق الاعلام، وانا اعتقد ان الإصلاح لا يحتاج الى مفاوضات، بل يحتاج الى تطبيق عملي على الأرض، وأن لا يكون عمل اللجنة محاولة للالتفاف على قضية الاستجواب".

ونوه خليل إن"الدعوة الى الاصلاحات لو كانت جدية، فلماذا لا تطبق الاتفاقيات السابقة كاتفاقية اربيل والاتفاقيات الثنائية، رغم انها وقعت والزمت بسقوف زمنية، ونحن نقول إن هنالك أزمة ثقة بين الكتل السياسية وشك من قبل الكتل بأن هذه الورقة مجرد كسب للوقت لا اكثر"، متمنيا أن "تكون هنالك لقاءات وطنية من اجل حل المشلكة، ولكن لا احد يستطيع منعنا من الاستجواب وسحب الثقة، لان استجواب أي شخصية تحتاج الى اليات دستورية، ونحن نسير وفقها، ونحن لن نتراجع عن هذا الموقف ابدا".

وأشار النائب في البرلمان عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري رياض الزيدي الى أن "الحراك السياسي الاخير هو ثمرة اللقاءات السابقة، وهو مكمل للاجتماع الاخير للتحالف الوطني الذي وضعت فيه آلية عمل لجنة الاصلاح، وعندما وصلت هذه الآلية الى الكتل الأخرى رحبت به، ولكننا (كتلة الاحرار)، لدينا توجس من أن لجنة الاصلاح هل ستعمل بحيادية وبشفافية ودقة، بحيث تضع يدها على الأخطاء وترضي جميع المكونات الاخرى"، مضيفا أن "القائمة العراقية عندما لاحظت الكم الهائل من اللجان والاجتماعات بدأت تتناغم مع التحالف الوطني ولجات الى رموزه مثل الجعفري".

وأوضح الزيدي أن "هذا الاجتماع تكرر مع الاكراد، وهو نتيجة طبيعية للتخفيف والتهدئة التي حدثت في الفترة الأخيرة"، نافيا "تسجيل ملاحظات على الورقة الاصلاحية، سوى التاكيد على ان تكون الاصلاحات حقيقية وسريعة، وبخلافها قد ننسحب من اللجنة". وأكد أن "عمل اللجنة لن يخلو من قرارات أربيل وتوصيات السيد مقتدى الصدر".