حكاية (بَلّوص) ومجالس المحافظات

بلوص رجل ستيني ضعيف البصر سريع البديهية نادراً ما يتنازل عن حقه ولو كلفه ذلك ان يدفع اكثر من حقه نفسه ابتلاه الله بمدير ناحية الدواية محافظة الناصرية حيث يسكن هو وعائلته وذلك في عهد النظام السابق فهذا المدير لا يكاد يراجعه احد في صغيرة ولا كبيرة الا طالبه صراحة او تلميحاً برشوةٍ (مجزية) وبما ان بلوص كثير المنازعات لاسترداد الحقوق فقد افلس من كثرة الرشاوى ولم يعد لديه ما يخاف عليه فقرر الذهاب الى قضاء الشطرة (حيث تتبع الناحية) ليشكو مدير ناحيته عند القائم مقام لعله يضع حداً لهذا المدير الفاسد واستقرض بلوص اجور السفر وأخذ معه ( طاسةً) كبيرة وبعد توسل والحاح سُمح له بان يقابل القائم مقام وقبل ان يقول الاخير تفضل واسترح باشر بلوص بسرد حكايته مع المدير المرتشي وكيف انه لم يبقِ على حاله من حال واستخرج (الطاسة ) من خرجٍ كان معه ، انظر سيادة القائم مقام هذه طاستي التي غدوت استجدي بها من الناس وارجوك ان تضع لنا حلاً فهذا الرجل الفاسد سبى العباد وخرب البلاد ولم يدع احداً الا ارتشى منه قال بلوص ذلك وهو يزبد ويرعد فاجابه القائم مقام بهدوء وراحة بال : استرح استرح يابلوص على مهلك على مهلك فصحبتنا طويلة والزاد والملح لها اعتبار ( الصوت صوت المدير عينه وعيانه ) وادرك بلوص المأزق فمدير ناحيته هو القائم مقام لان الاخير مجاز هذا اليوم وهو يداوم محله فأدار بلوص الموجة ١٨٠ درجة ولكن دون تراجع قائلاً : سيادة المدير انا جئت اشتكي اليوم عندك منك ولكن ( عكبيش) فلقد اضمرها له المدير الفاسد . هذه الحكاية تذكرنا بواقع بعض مجالس المحافظات فأينما يفر المواطن ليشتكي في مكان ما في المحافظة على المجلس إلا ويجد عضواً له بالمرصاد وإذا عاد الى القانون وجد عبارة ( مجالس المحافظات تؤدي عملها دون اشراف اية وزارة ) والبرلمان هو الوحيد الذي له صلاحية حل المجالس ومراقبتها واذا كان البرلمان لم يستطع حسم خلافاته على قانون النفط والغاز ولا قانون الاحزاب ولا المحكمة الاتحادية ولا.…ولا… فكيف يسمع الشكوى ويحل المشكلة ولم يبق سوى طريقة بلوص ان نشتكي عند المجالس عليها إن أخفقت والله المعين .