لم يمتلك الثوار الفيتناميون اسلحة كالتي امتلكتها الانظمة العربية عام 1967، ومع ذلك حققوا انتصارا جبارا على المحتلين الامريكان، فزخم هجماتهم جعل الطائرات العمودية الامريكية تفر هاربة من ساحات القتال دون ان تتمكن من انقاذ القادة الميدانيين، بينما انهزمت الانظمة العربية في 6 حزيران شر هزيمة. والسر الكامن وراء انتصار الفيتناميين هو انسجام الارادة الوطنية والارادة الشعبية، مع وضوح الهدف الاستراتيجي وحب الوطن الذي يتطلب الدفاع عنه والشجاعة والإقدام والتضحية والإيثار، بينما غابت الارادة الوطنية عن الحكام العرب آنذاك وغيبت انظمتهم الارادة الشعبية، اذ كرست القدرات والامكانيات على حماية الانظمة المستبدة الحاكمة، التي ادارت ظهرها للشعوب. وحفظ لنا التاريخ الانساني امثلة كثيرة تبين ان مستلزمات الانتصار في المواجهات العسكرية عديدة، ولكن الاستحالة تقف أمام عدم تحقيق الانتصار إذا لم تتوفر الارادة، والتصميم ووضوح الهدف. واليوم بعد ان عبثت ما يسمى ب الدولة الاسلامية ( داعش) بالامن واستباحت مدن عديدة من العراق، واحتلت مساحة واسعة من ارضه، تبرز موضوعة الارادة كمستلزم لا مناص منه لتحقيق الانتصار. بطبيعة الحال الارادة ليست موضوعا ماديا يمكن استيراده، بل هي قوة معنوية كامنة في نفوسنا، تدفعنا لتحقيق هدف او اهداف عبر تحدي الصعوبات والمخاطر، والإرادة تدفع للتحرك والعمل والنشاط والكفاح للتغلب على العقبات من اجل تحقيق الهدف. ومن المؤكد ان الامر ستتضاعف دوافعه اذا كان الهدف عزيزا ومهما كالدفاع عن امن المواطنين والحفاظ على حياتهم وصون كرامتهم من عصابات اجرامية تعتمد الفكر الظلامي الذي يستهين بقيم الانسان، كتلك الافعال الشنيعة التي اقدمت عليها (داعش). وارتباطا بهذا اعطى لنا المقاتلون/ات، في امرلي والضلوعية وكوباني، امثلة عظيمة بدلالاتها وقوية بمفاهيمها، ملهمة بالشجاعة والبسالة في التصدي والدفاع والقتال من اجل الكرامة الانسانية. هذه الامثلة التي شهدناها وتابعنا تفاصيلها، تؤكد ان (داعش) يمكن كسر شوكته عبر مواجهة شجاعة واصرار على التصدي. وكما ثبت فان الصمود والمواجهة بقوة تقلل الخسائر، وكلفتها اقل قياسا الى الاستسلام وعدم المقاومة وهو ما يسهل دخول الارهابيين الى المدن، وترك المدنيين والنساء والشيوخ لعبث (داعش) وارهابييها ، واستباحتها دون اي وازع انساني. ما يشيع الامل بانكسار (داعش)، ليس افكارها التي هي خارج التاريخ، ومن غير الممكن تقبلها من اي انسان سوي يعيش افكار عصرنا وتواصله الانساني، انما هي مشاركة النساء في المعارك، فهاهي الشجاعة الباسلة اميمة تختار الشهادة دون رؤية استباحة مدينتها، وها هن نساء امرلي اللاتي كن من بين اهم اسباب الانتصار، وعلينا ان نذكر بسالة المرأة العراقية وشجاعتها في الظلوعية. اما نساء كوباني فنقف لهن اعجابا واحتراما، ولقاماتهن ننحني، ونقول لهن: مبارك سيركن على طريق النصيرات الشيوعيات في جبال كوردستان، الشهيدات موناليزا، احلام، ام ذكرى، ام لينا، ذكرى، ورفيقاتهن الاخريات.. اتذكرهن كلما شاهدت صورة مقاتلة في كوباني.. انها صور رائعة لنكران الذات والتضحية والاقدام والارادة ذاتها.
|