الإخطبوط وأذرعه البعثية

العمل السياسي عالمياً؛ هو تولي منصب مهم في الدولة, إما عن طريق الترشح أو التعيين, والترشح إما مستقلاً أو عن حزب, وفي كلتا الحالتين يكون قد وعد الناخبين أو من ولاه المنصب, بتحقيق برنامج معين, وإذا لم يفي بما وعد فأن مستقبله ربما ينتهي نهائياً من السياسة.

العراق والدول العربية, تم تولية الحكام على الشعوب, من قبل جهات متآمرة, ومن الجدير بالملاحظة, أن معظم القادة العرب قد استولوا على السلطة في نفس الفترة, (السبعينيات من القرن الماضي), وبنفس الطرق إما انقلابات أو ثورات, وقد نفذوا برامج أسيادهم بمنتهى الدقة, إذ حولوا الشعوب العربية إلى شعوب جاهلة مستهلكة, وغير منتجة, وحتى القراءة والثقافة انعدمت لأسباب الفقر والفساد, (إلا كتب الطبخ وتفسير الأحلام), وهذا إن دل على شيء, فإنما يدل على أننا أصبحنا نأكل وننام.

العراق له التجربة الخاصة, فهو كان النموذج الأول في تغيير هؤلاء الحكام, فقلع من أعتقد أن جذوره ممتدة إلى الأعماق أولاَ, أدى إلى تهاوي العروش الواحد تلو الآخر.

فبدأت مرحلة الديمقراطية المسيرة, التي تعمل كمبدأ النهر, فأنه وإن تلاطمت أمواجه, إلا أنه في النهاية يجري إلى نفس المصب.

فتولى الحكم في العراق أنموذج مشبوه, قام بلملمة نفايات المرحلة السابقة, وباستخدام مبدأ الترهيب من تاريخهم السابق, والترغيب بأموال الحرام الطائلة, أمسك بهم وبزمام الأمور بقوة.

فتمت عملية غلغلة هؤلاء الناعقون مع كل ناعق, إلى أصغر تفرعات الحكومة, ثم أصبحوا مكشوفين بعيد عملية التغيير, وما يبدر منهم إلا محاولة الرجوع بسدادة البالوعة, إلى الحكم مرة أخرى, حيث نرى بعثية العصور الغابرة, يدافعون عنه مستميتين (ومنهم الدكتورة), أكثر من رفاقه في الحزب.

صحيح أن بعض هذه الأذرع تم قطعها, إلا أن الرأس لا يزال طليق, بكل ما يحمل من أفكار ممسوخة, وسيحاول استعادة السيطرة, بالأذرع القديمة, أو إنماء بدائل عنها, بالإضافة إلى أن مرور هذه القضية مرور الكرام, بدون محاكمات ولا عقاب, سيؤدي بنا مستقبلاَ, إلى أن نصبح عرضة لإخطبوطات جديدة, وبأنواع ومشارب ومذاهب ومعتقدات متنوعة, لا يعلمها إلا هو تعالى.