ميراث الاباء للابناء في عدل ولاة المنطقة الخضراء.. الحلقة الثامنة عشرة

لما طالت حرب داعش و الخضراء ، و ازدادت حالات النزوح و الاجلاء ، قرر مجلس شورى بغداد ان يجمع اولي الامر من كل الكتل النيابية ، و الحركات السياسية ، للنظر في المشكلة و القضية ، فاجتمع الجمع ، والتئم الصدع ، و جلس المولول من خشية الله سليم الجبوري ليرأس الجلسة ، فعم الضجيج ، حتى عاط بهم فكان التبسبس خلسة .

و كان ان دعي حطامة ابن الاغبر البغدادي لتلك الجلسة الطارئة ، فحضرها ليستمع الى الحلول ، لانتشال النازحين من الامطار و الوحول ، فلما بدات الجلسة تحدث المولول من خشية الله سليم الجبوري و قال :

اما بعد :
فان لنا رعية ، سمعنا لها صرخةً و واعية ، فاسمعوني من ارائكم لانتشالهم ، و ايوائهم و اسكانهم .

فقامت ذاك اللسانين حنان الفتلاوي لتعطي من رايها الصائب ، و من لبن افكارها الرائب ، وقالت :

ان كان لا بدٌ من اسكان الورى ..
القابعين بوحلةٍ و طيانِ ..
فلأُمسكن عبائتي سقفٌ لهم ..
حتى تتمَّ صناعةِ الكرفانِ..

فلما سمع ذلك ، بكى سليم الجبوري بكاء من استؤصلت كليته بدون بنج ، فأنّ انين العابدين ، و ثغب ثغيب الوارمين ، و لما فرغ من بكائه ، قامت عالية نصيف لتمثل كتلتها التي انتقلت اليها مؤخرا ، و قالت :

بيتي لهم كي يسكنوه بدفئهِ ..
و انا لَمِنهُ الى الرصيف مهاجره ..
و لاقعدن على الرصيف ببردهِ ..
في ليلةٍ كانت شتاءا ماطره ..

فقام سليم الجبوري باللطم على ام راسه و هو يصيح : و اعدلاااااه ، و اعاليتاااه ، فبينما هو يضرب راسه ، انقض عليه نائبه همام حمودي و امسك يديه مهوناً عليه ، فبدا يضرب راسه بالميز ، حتى فقد وعيه ، و لما قام من غيبوبته قال :

يا عدلَ نوابي اقرَّ عيوني ..
كالسهم في قلبي به نجخوني ..
لا يا همام اذا رايتني لاطما ..
راسي بكفّي - لخاطر الله - دَعُوني ..

فلم يمسك هماماً يد سليمٍ بعد ذلك .
و لما انتهت الجلسة ، كان مجلس الشورى قد قرر ان يكون اليوم التالي يوم شراء الكرفانات و ارسالها الى مواطن النازحين ، و مخيمات اللاجئين ، فلما كان اليوم التالي ، ذهب حطامة ابن الاغبر الى احد المخيمات كي يشهد نصب الكرفانات ، فلم يجد غير خيمٍ بالية ، فلا عباءة حنان ، و لا منزل عالية ، و لما دخل احدى الخيم وجد فيها انجلينا جولي ، و هي تحتضن الصغار ، و تبكي على حال الكبار ، فلما راته قالت :

قلبي عليهم صار كالقوري وقد ..
لما رايت الحال كانَ مُفوّرِ ..
طلّقت زوجي (براد) كي ابني لهم ..
كرفانهم لما دفعَ لي مؤخري ..

و لما راى ابن الاغبر ذلك من انجلينا ، قال من على بغلته المطينه :

يا بنت جولي أما وقد كنتِ لهم ..
كالمرهم الجرحَ الاليم يداوي ..
من خلف بحرٍ جئتِهم فزاعةً ..
تسوين عاليةً .. او الفتلاوي ..