أحدهم يسعى لصيدها والآخر تحط على كتفيه

هذه ألمقولة تنطبق على من نقول عنه انه محظوظ ،وتغطي كل مناحي ألحياة، فترى في جانب منها، أن هناك من تعب وشقي ودرس ونال ألشهادة ألتي تؤهله لتقلد وظيفة تتناسب ومؤهلاته ألعلميه يطرق هذا ألباب وذاك ويتوسط عند هذا وذاك من اجل ألحصول على فرصة عمل كي يصنع مستقبله إلا أن ألأبواب تغلق بوجهه فيأخذه أليأس والقنوط ويتجه لعمل حر يعتاش منه ولايستوجب مؤهل علمي وبذلك يتساوى في فرصة العمل هو وزميله في العمل ،ألأمي ألذي لا يحمل حتى ألشهادة ألإبتدائيه وآخر جالس في البيت فيتصل به تلفونيا ويطلب منه ألتكرم والتلطف بالحضور لتقلد ألوظيفة لا لسبب ألكفاءة وألجداره ألعلميه وإنما لسبب انه ابن فلان أو أخ علان أو من عشيرة ألمسئول أو من كتلته.

ألأمر ينطبق على الثورات أيضا فتجد أن أبطالها أللذين كافحوا وعاشوا الويلات والحرمان وقتل منهم من قتل وأصيب منهم من أصيب وبالنتيجة أن من يقطف ألثمار أولئك أللذين يتخذون من فنادق خمس نجوم مقرات لهم ويصرحون لهذه الصحيفة او تلك دون أن ينزف أحدهم قطرة دم واحده من أجل قضيته وبالتالي يصبح هو البطل ألمحرر وتصفق له ألجماهير البائسة التي يهمها ديكور القضايا أكثر من واقعها ثم يتحول إلى دكتاتور ويبدأ عهده الزاهر هذا بقتل أولئك أللذين كانوا ألسبب في جلوسه على كرسي ألحكم.

في ميدان ألحب أيضا فهناك من يشقى من اجل حبيبته ويحمل بين طيات جوانحه عواطف جياشة صادقه وهدف نبيل فتبادله الحب إلى حين وبعد حضور صاحب الحضوه الممتلئ ماديا ودخوله على ألخط تطير من بين يدي ألحبيب ألمخلص لتحط بين يدي من أوعدها بأنه سيغرقها بالجاه والمال وسيلبي كل طلباتها فتختاره وتترك المخلص ألأمين ألذي أوعدته بأنها ستعيش معه في السراء والضراء ثم ما يلبث هذا أن يرميها جانبا لأنه تعود على ألأكل ألطازج وقطف ألثمار عند بلوغها ثم يبحث عن أخرى ليقدم لها نفس ألوعود فتندم على مافعلته بترك حبيبها الصادق وتلعن الساعة التي عرفت بها هذا الثري .

في الأعمال الحرة وخاصة ألتجاريه منها نقول عن الشخص الذي ينجح في عمله ويتفوق على الآخرين ( انه محظوظ حتى حينما يمسك التراب يحوله إلى ذهب ) ولايعرف زملائه في ألمهنه ان النجاح الذي حققه هو بفضل وعيه الكامل في الأمور ألاقتصاديه والسياسية فلابد للتاجرألكبير أن يكون ملما بالسياسة وحركة السوق والأحداث ألدوليه التي تقع وأثرها على اقتصاد بلده وبعضهم تتعدى معرفته كل هذه الأمور ويفهم كيف تم احتساب ميزانية البلد وماهو سعر النفط الذي احتسبت على أساسه وكميات الإنتاج وينظر إلى حركة السوق النفطية رغم عدم اشتغاله بتجارة النفط لأنه سيعرف من أسعار النفط انعكاس الأمر على الميزانية التي ستكون بعجز كبير حينما ينخفض سعر النفط وبالتالي تسعى الحكومه للتقشف مما يؤدي الى انكماش الحركة ألاقتصاديه وعزوف الناس عن الشراء لعدم وجود ألسيوله النقدية ألكافيه وبالتالي خسارة التاجر.

فيا ترى هل ألموضوع مجرد حظ؟ فنقول هذا محظوظ وذاك صاحب حظ عاثر، أم ألقضية تتعدى موضوع الحظ، وإذا قلنا تتعدى،بماذا نصف ذلك الذي حطت بين يديه ألفرصه واتصل به هاتفيا من اجل تقلد الوظيفة كما أن الأمر يعني أن النموذج الآخر هو صاحب الحظ ألعاثر أم نقول إن الموضوع خارج نطاق الحظ وان ما يحدث هي تصرفات إنسانيه تعكس طبيعة الإنسان فهذا الذي اتصل به هاتفيا من اجل الوظيفة، مكنه من الحصول عليها السلوك البشري غير السوي للمسئول وبالضرورة ان هذا المسئول سيكون أمي وجاهل حتى لو كان صاحب شهادة لأنه سرق فرصه الغير وأعطاها لأقاربه او احد معارفه وينطبق عليه وصف السارق أكثر من وصف المسئول.

كذلك الأمر بالنسبة للثورات فأولئك اللذين في ساحات الوغى ويبذلون دمائهم من اجل وطنهم جلهم لا ينفذون أجندات أجنبيه وكما يقول المثل ( قرؤوها بالصحيح )أما أولئك اللذين جلسوا في فنادق الخمس نجوم وينتظرون موعد القطاف ليجلسوا على الكرسي بالتأكيد إنهم ينفذون أجندات أجنبيه وإلا كيف يحصلون على هذه الموارد ألضخمة كما ان مالك ألأجندة سيملك قراراتهم اللاحقة وسيمكنهم من تسلم السلطة والقضاء على من قاتل من اجل قضيته لان بقاء هؤلاء سيشكل خطرا على صاحب الأجندة وخير مثال القضية السورية فغالبية من يعارض الأسد الآن يسكنوا منذ عدة سنين في فنادق خمس نجوم، وهناك حساب مفتوح يلبي كل طلباتهم وبالمقابل من يقاتل بشار معتقدا انه باحث عن الديمقراطية لشعبه وهذا إيمانه نجده يحمل السلاح ويقاتل بغض النظر إن كان مصيبا في رؤاه أم لا لذا لايمكن القول أن الحظ هو اجلس فلان على كرسي الرئاسة وإنما هي الاجنده الاجنبيه.

في جانب الحب أيضا الموضوع لا يوصف بوصف الحظ فنقول أن حظ حبيبها عاثر لأنها لو أحبته حب حقيقي نابع من وجدانها لما تركت حبيبها وذهبت لشخص آخر أغواها بثرائه فمص رحيق شبابها ورماها جانبا في حين لو تزوجت حبيبها ورضيت بالعيش معه لدامت العلاقة حتى يفرقهما الموت.

إذن المسائل كلها ليست حظ وإنما النفس البشرية ألأمارة بالسوء والمصالح التي تسعى لها وتطلق كلمة الحظ مجازا فنقول هذا محظوظ ناجح في عمله وذاك غير محظوظ ويعاني من الإخفاقات دائما.

في المجتمع السليم فكريا والذي يعيش في ظل ديمقراطيه حقيقية ويأخذ كل فرد فرصته في الحياة دون أن تسرق منه هذه ألفرصه وتعطى إلى غيره ويدلي الإنسان بما يعتقده دون وجل او خوف مجتمع قائم على الصراحة والمكاشفة في كل الميادين سوى التي تشمل العلاقات الإنسانية بين الشخص وعائلته وأصدقائه أو حبيبته لا نجد في قاموس هذه الشعوب كلمة الحظ لأنها لم تعد مأسورة بتراكمات الماضي وان فنجان القهوة يقرر مصير إنسان عند قراءة مخلفاته أو بعض الحجر أو ما شابه ذلك وإنما من يقرر مسعى الإنسان ذاته ومقدار ما يحمله من ثقافة تؤهله لشق طريقه في الحياة.

أهناك بصيص من الأمل لمغادرة هذه المفاهيم أم نحن نبقيها لأنها العزاء الوحيد لنا والشماعة التي نعلق عليها إخفاقاتنا.