بعد استقرار الآنتفاضة في محافظة البصرة وتحديدا في 4 اذار عام 1991 تضافرت الجهود وبتفكير عميق على ديمومة استقرارها, نصبت نقاط تفتيش بسيطة ثم تطورت على ان تكون نقاط مواجهة ,بعد التفكير في مداخل المنطقة وكيفية حمايتها اذا تعرضت لعمل مسلح محتمل من قبل قوات الجيش النظامي كان هذا التفكير صائبا حيث عرفنا قيمته بعدما تعرضت المدن لعمليات قنص واسلحة مختلفة خفيفة وثقيلة ورغم الافتقار الى مواد الحماية كما هو متعارف عليه اثناء الحروب من اكياس الرمل والاتربة وما كان بحوزة الثوار يكفي بشكل نسبي على حماية البعض اي تم استخدام ما هو متاح من سكراب ونفايات واكياس الرز والطحين وعلب الزيت(الراعي)وما وقعت ايدي الثوار من مواد تفي بلغرض , كانت اكثر الظروف المؤلمة هو تصرف بعض البعثيين حينما اختبأ بعضهم في البنايات المرتفعة مستخدمين اسلحة القناصة بشكل غير انساني حيث كان اختيارهم لآهدافهم يعطي الدليل على انه عشوائي وعملية انتقام من جميع العراقيين , الكثير من ابناء المنطقة وقعوا ضحية تلك العمليات الاجرامية التي تبناها البعثيون لم تفرق ما بين رجل وامرأة شاب او شيخ او طفل , اتذكر بعض الشوارع التي كانت مفتوحة وتطل على بعض البنايات المرتفعة يصعب تجاوزها , فكان الخروج من الدار في تلك المناطق يتطلب خبرة وسرعة في الحركة كي لا تكون هدفا بسيط لجلاوزة النظام
مجموعة من الاصدقاء اخذت على عاتقها جمع التبرعات المالية كي تساعد بعض العوائل الفقيرة , حيث كانت الاسواق معطلة وغلاء
الاسعار تضاعف لعشرات المرات بسبب بعض التجار الذين حاولوا استغلال الظروف وتكونت فكرة جمع التبرعات بعدما سمع احد الاصدقاء ان هنالك عائلة لا يوجد لديها اي طعام فجمع مبلغ من المال من اربعة اشخاص كانوا حوله واهداها لتلك العائلة وبعد اشاعة الخبر فيما بينهم تكفل البعض ان يتحرك وسط الاصدقاء المقربين لجمع ما تيسر وجاد به الخيرين وكون المنطقة فقيرة جدا لم يستطع الثوار من جمع ما يكفي لسد حاجة العوائل, ومن المواقف في جمع التبرعات كانت حادثة الشهيد صباح كانت زوجتة على وجة الولادة وكان حائرا في الحصول على ماء نظيف وعندما اراد تجاوز الشارع استشهد بسلاح قناص غادر ,ترك زوجته والمولود الجديد فأثارت الحادثة حزن الجميع ففكر الاصدقاء على عدم ترك عائلة الشهيد صباح والمؤسف هو لم يتبقى اي من اموال التبرعات , كان بعض الشباب من ابناء المنطقة مشغولون بلعب القمار وعند مرور الاصدقاء قربهم تعرف على بعظهم فطلب منهم المال لحاجة ماسه شارحا الامر توعد بعظهم على جعل هذه اللعبة (الخونه)حسب تعبيرهم هي من حصتنا وفعلا جمع رابح اللعبة ودفعها الى الاصدقاء بكل سخاء مما يدل على ان حكومتنا الحالية لم تستطع ان تجابه سخاء (قمرچية) ابناء المنطقة
صابئة ومسيحيون
تتكون المنطقة التي اسكنها من خليط متجانس اجتماعيا اخذ واجهتها الاخوة من الصابئة اما جانبها الايمن يتكون من المسحيين واما اغلبيتها هم من الشيعة مع عدد ليس بقليل من السنة لم يسجل تاريخ المنطقة اي حادثة طائفية او دينية او قومية على غرار ما هو حاصل اليوم , بعد السيطرة التامة على اكبر مقر للبعث تبين فيما بعد من وجود مخزن كبير للمواد الغذائية كانت اغلب المواد هي من الرز والطحين والزيوت والشاي والسكر وعلب الحليب(النيدو)ولصعوبة السيطرة على المخزن قام اهالي المنطقة في الاستيلاء (فرهود)على موادها,بادر بعض الاخوة ممن يعي الاحداث ولم يكن ببالهم غير الانتفاضة وتحمل مسؤلياتها القتالية والاجتماعية على عزل بعض المواد الغذائية في احدى عجلات الجيش المستولى عليها وتوزيعها على عوائل الاخوة من الصابئة والمسيحيون ولم تكن تلك المواد كافية الا انها احدى المبادرات الجميلة من ابناء الانتفاضة , اود التسائل هنا اذا كانت حكومتنا اطعمت عوائل شهداء الانتفاضة بعد استلامهم السلطة طبعا لا بينما نرى توسلهم بجلادينا ان يأخذوا جميع حقوقهم ومنحوهم مناصب رفيعة في الدولة التي تسلق رفاق الامس على اكتافنا
|