الغبـــــــــــــــاء

سألني ماذا جلبت معك من السويد في زياتك الأخيرة فأجبته قول مأثور تعلمته او سمعته هناك يقول(ليس هناك طقس رديء وانما هناك ملابس رديئة)
سحرني هذا القول وذهبت معه وبه بعيدا لأتصور من قاله ومتى ولماذا وكيف كان موقع القول وحركة وجه ويدين القائل ولمن قاله وكيف كان رد فعل المتلقي الاول له؟
فقال لي ماذا تريد من سَرَحانُكَ العميق في هذا القول واين وصلت؟...

فقلت له وصلت الى تلك اللحظة التي تحول فيه هذا القول الى فعل وانتج بناء شامخ هو ما موجود اليوم في السويد
ثم اكملت قائلاً انه قيل ربما من مئات من السنين عندما كانت السويد او مساحة الارض التي تشكلت عليها السويد غابه كثيفه تنتشر فيها كل المتوحشات والناس قليلين ويحتاجون الى انتاج غذائهم ودفئهم ولهوهم وصحتهم وكانت تلك الارض مغطاة بالثلوج و يعصف بها و بهم والزمهرير القارص المقوقع القاسي الذي منعهم حتى من الحصول على شِرْبَتْ ماء
فانطلقوا يترجمون هذا القول ليحولوه الى سلاح يفتك بتلك القساوة ويمدهم بأسباب العيش والتقدم والرفاهية فابدعوا مما يملكون فانتجوا ما يحميهم كأشخاص... من ملابس تلائم الاجواء وما يعينهم على الحركة ويُسَّهلها فتحرروا من سيطرة البرد القارص عليهم والذي اقعدهم فانطلقوا مزهوين بنصرهم عليه فضربوا الارض وغرسوها ورعوا دوابهم وحلبوها وجمعوا الحطب وأذابوا الجليد وشَرِبوا وشّرَبوا الارض والدواب فدبت فيهم نشوه الانتصار على الطبيعة وقرروا ان يطوعونها لخدمتهم وانتشر النموذج ليعم الاعمار في تلك الغابة.
وبعد حين شعروا وهم يراجعون بشكل دوري انتاجهم وافعالهم وافكارهم انهم قسوا على التي ولدوا فيها وعليها ...الطبيعة ...فقال حكيمهم إنْ تَسَّلحنا بهمة الغباء ونشوة الانتصار الرعناء سنقتل انفسنا...فاستغرب البعض هذا الطرح المثبط للعزائم وهم يتلذذون بما حصلوا وانتجوا فطلبوا بكل احترام التوضيح فقال لهم انظروا المساحة الجرداء القريبة حولكم كم كانت وخلال موسمين كم اصبحت فقالوا تضاعفت عدة مرات فقال ستكون كذلك على مد البصر بعد عقود فلا تأخذكم نشوة النصر فتعمي بصيرتكم وتحولوا اصراركم وابداعكم ونجاحكم الى حقد قاسي على محيطكم لأنكم بذلك ستهلكون من يأتي بعدكم حيث سيفترسه الثلج المتوحش و لا يجد ما يقطعه ليتدفآ ويشرب ويروي به ماشيته
اقتنعوا بهذا القول وقالوا ارشدنا ما العمل؟

 قال لهم انا اكملت ما عندي والباقي عليكم ان تقدموه انتم فاقترحوا وناقشوا وقرروا
قال احدهم نجمع الحطب ونخزنه الى الاجيال القادمة وقال اخر نستغل حرارة التدفئة للبيوت لإنتاج منتوجات جديده وقال ثالث كلنا يعرف ان فضلات الحيوانات تعطي حراره فلنفكر في استخدامها وقال رابع لنستمر بقطع الاحراش فقط ونحافظ على الأشجار الكبيرة وقالوا الكثير
وكانوا ينتظرون الرد من الحكيم الذي وجدوه مبتسم مسرور منشرح ...

فقال لهم باستئذان نحن نسير على الطريق الصحيح وانا فخور بذلك لأننا بدانا نفكر.
كل ما قيل ضروري ويحتاج مِنْ كل مَنْ طرح فكره ان يتعمق فيها ويرسم البرنامج لها ويبدأ التنفيذ ويجعلنا بالصورة باستمرار ونحن نتعاون معه....فرحوا بذلك جميعاً...لكن احدهم وقبل ان ينفض اللقاء الى وجبه شهيه قال لمن سموه حكيماً و ما قولك ...اكيد لديك فكره فقال نعم لكنه وقت الغداء سأقولها بعده...
وبعد الغداء قال الحكيم لنقتطع من هذه الارض مساحه محدده ونحرثها معا ونقسمها بالتساوي لنعمل منها مشتل صغير ننقل اليه الشتلات الصغيرة النابتة للأشجار المفيدة من الغابة والتي نختارها لنقوم برعايتها ثم بعد ذلك ننقلها الى الغابة اي نزرعها بانتظام في الاماكن التي نقطع منها الاحراش لتكون بعد حين غابه نظاميه نظيفة نستطيع اقامة الطرق فيها والبناء عليها لمن يريد وفق اسس ونظام نتفق عليه ...

وافقوا على ذلك وحددوا الارض وانطلقوا.
وفي ختام هذه الرسالة لصاحبي التي اخذت الوقت ومع الفارق في التوقيت وجدت صاحبي قد ترك لي رساله يقول فيها تصبح عله خير سأذهب الى النوم وطلب ان اكتب له (الزبدة) من هذا ووعد بالإجابة...فكتبت له لماذا لا تطبقون هذا القول هناك انه حكمه؟

 و اعدت عليه القول(ليس هناك طقس رديء وانما هناك ملابس رديئة).
وانطلقت انا في ذكريات قريبه وبعيده حول المطر والعمل والنشاط فتذكرت ما اضحكني وخفف عني حيث كنا نعتذر عن موعد متفق عليه لان الجو اصبح غائم وان نزلت قطرات المطر نقول ستنقلب الدنيا.

 قال لي من كان بجانبي لماذا تضحك ؟

قلت له عن تلك الحالات...

 فضحك وقال لو يطبقون ما طبقتم لجلسوا في بيوتهم كل ايام السنه.
المهم في اليوم التالي وجدت جواب صاحبي على البريد الالكتروني حيث كان من سطرين وكان جواب ذكي و كسول حيث كان السطر الاول ما يرمز الى ضحكة طويله كالتالي::
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
والثاني قال فيه التالي: انهم يتكلمون عن برد وثلج ومطر وغابات كل هذا يمكن معالجته بالملابس والحركة او اشعال النيران.... لكن الحر القاتل والغبار واليورانيوم المنضَّب والحرام والحلال كيف نعالجه ؟ بالملابس...يا..........(املاء الفراغ)(انتهى جوابه)
وكان عليّ ان املاء الفراغ بما يناسب المقطع وحسب ما تصورت فقد وضعت كلمة( غبي) في الفراغ لتصبح(يا غبي).
فأجابني من هو الغبي منا؟...فقلت له انا  الغبي اولاً : لأنني نقلت قول عنهم دون تدقيق او تفكير وطلبت منك الاستفادة منه وهذا ما يقع فيه الكثيرين مع الاحترام للجميع حيث يتلقفون الكلمات والعبارات والامثال ويبنون عليها ويعيدون استعمالها وتصبح مفردات اساسيه فيما يكتبون ويقولون مثل:
مناطق الحضر الجوي في العراق بعد العام1991 وعدم الايمان بنظرية المؤامرة وعبارة الربيع العربي والجيش السوري الحر و دولة الرئيس و سعادة النائب...و الغاية تبرر الوسيلة...و التاريخ يعيد نفسه مرتين...و مكر التاريخ... وتحرير ليبيا وغيرها.
وانت غبي ثانياً : لأنك اخذت التفسير الحرفي للكلام ولم تبني عليه وتستنتج منه (الزبدة).انتهى الجواب
هذا دفعني لأسأل من بجانبي وهو طالب جامعي يتخصص في علوم الكومبيوتر فقلت له ما هو الغباء؟

 فقال ان نعتبر الغبي ذكي ...فطلبت ان يوضح

فقال انت الان جالس امام اغبى شيء الا وهو الكومبيوتر

 فقلت له هذا الذي يتغنى به العالم اليوم

 فقال هو جهاز مشفر كله0 و1 لا غير

 اردت ان يشرح لي ذلك فقال هذا هو الغباء تريد ان يشرح لك شخص اخر...قلت لك هذا فعليك ان تتذكر كم مره قلت لجهاز الكومبيوتر يا غبي ومتى وعليك ان تبحث عن الجواب بنفسك لتكون ذكي.

اخرسني فتسلسلت أسئلة واجوبه وجمل وعبارات عن الغباء
ما هو الغباء؟
هل هو ضعف فسيولوجي ام خلل سيكولوجي؟
هل هو مرض يمكن معالجته؟ هل ينتقل بالوراثة ام هو مكتسب؟ هل هو عاهة؟
هل هناك درجات له؟ هل هناك مقياس للغباء؟ 
هل هو تصديق غير المعقول والبناء عليه؟ ام هو التهور في ردود الافعال؟ ام هو انبهار من شيء معقول وعادي؟
هل هو نقل حال لتطبيقه على اخر رغم اختلاف الارض او الاجواء ؟
هل له علاقه بالتعليم؟ وهل هو جزئي ام شامل؟
هل الغباء ذكاء وفطنه في لحظه معينه؟
هل يمكن تّصنُع الغباء في لحظه معينه؟
هل هو عام ام خاص؟ اي هل هناك مجتمعات غبيه او شعوب غبيه؟
من السهولة تمييز الغبي في وسط اذكياء لكن هل بنفس السهولة تمييز الذكي في وسط اغبياء؟
هل الغباء من المواهب؟ ام هو من القابليات التي يمكن تنميتها؟ وهل هناك معاهد او مدارس او متخصصين لذلك؟
هل هناك سقف او قمه للغباء ؟ونحن نسمع مثل هذا الوصف احياناً
هل للغباء اسرار؟
هل يمكن اعتبار الغباء درجه متقدمة من الذكاء؟
هل هو ضروري للحياة والتقدم؟
هل عدم احترام العلم والعلماء شكل من اشكال الغباء؟
هل استعجال النجاح غباء؟
هل الغباء تخلف؟ اي هل الغبي متخلف ام المتخلف غبي؟ ونحن نلاحظ الكثير من العلماء متخلفين كأن يكون عالم في الجيولوجيا ويصدق خرافات و خزعبلات وأخر حائز على جائزة نوبل في فرع علمي ويصلي خلف امام جامع امي...وهل من قتل 13 من زملاءه وهو طبيب غبي ام متخلف؟...وهل بوش الابن متخلف ام غبي وكان رئيس دولة العلم كما يقولون؟
هل اطبائنا اغبياء للدرجة التي لا يوصون مرضاهم او عامة الشعب في العراق مثلا بشرب ستة لترات ماء يوميا ليعالجوا امراض السمنة وعسر الهضم وامراض القولون التي تفتك بالشعب ونحن هنا كل يوم يذكروننا بشرب ما لا يقل عن ثلاثة لترات ماء(ضمنه ما نحصل عليه من العصائر او الشاي...) في هذه الظروف الجوية التي لا تقاس بما هناك؟
في كل مجله اعلانيه للأسواق هنا وهي اسبوعيه يفردون صفحه كامله يقولون فيها عليك بتناول خمسة انواع من الفواكه والخضروات يوميا وعليك بتقليل استهلاك السكر والملح وعليك بممارسة الرياضة يومياً...هل نجد مثل هذا هناك...وهل الاستمرار في نفس النظام الغذائي المتعب غباء؟
هل عدم الاستفادة من المخلفات المنزلية اليومية وفصل مكوناتها مظهر من مظاهر الغباء؟.
هل عدم تفكير مهندسينا بإعادة النظر في مواد البناء في العراق او اشكال بناء المنازل واستمرارهم على ما هو سائد غباء؟ علما كنا عندما يطلب منا رسم منزل كنا نرسم كوخ وفيه شباك وعلى ضفاف نهر او ساقيه وخلفه نخله وفي الفراغ عدة طيور
هل السطو على دروس الرياضة والموسيقى في مدارس العراق غباء؟ ونحن نشاهد هنا انهم يركزون عليها ويقيمون المنشآت اللائقة لها وتشجيع حتى الكبار على ممارستها؟
هل ان بلد تخترقه انهار مثل العراق واكثر من الثلثين من شعبه لا يعرفون السباحة او يمارسونها من الغباء؟
هل عدم تنظيم الهوايات ونشر ممارستها في العراق غباء؟
هل الغباء موهبه ام قابليه يمكن ان تُنمى؟
هل يحتاجه الانسان في لحظات معينه وحرجه؟
هل الغباء منقذ؟
مره قرات لاحد الزملاء موضوع يقول فيه ان الانسان اذكى من الحيوان والغباء يقترن بالحيوان...لكني اعرف ان الحيوان يعرف ما يفيد وما يضر ويأكل ما يناسبه ولا يفرط في الاكل والحيوان يعرف الجنس ويمارسه ويعرف مع من يمارسه و متى ويعرف طريقه في الذهاب والعودة
الحيوان لا يحسد و لا ينم و لا يسرق و لا يغدر بأصحابه ويدافع باستبسال عن اطفاله و لا يتجاوز على حقوق الغير وهو قانع مجد...لا يخلف موعد و يحب من يحبه سواء كان من الحيوانات البشرية او غير البشرية 
الحيوان لا يتملق ولا يخون و لا يتجسس و لا من صفاته النذالة
و في الختام هل الغباء حرام؟ ام جائز شرعاً؟ وهل الغبي معذور؟ اي يسقط عنه الجهاد او حتى الفرائض.
أسئلة كثيره ومحيره