تعود العرب على الانكسارات المتوالية، وهم يعدون النكبات الواحدة تلو الأخرى، فلو تركنا الماضي البعيد وبدأنا بالقرن العشرين، للاحت أمام أعيننا نكبة فلسطين، ونكسة حزيران، وتمزيق جسد الشعوب العربية وتبددها إلى أوطان صغيرة، ثم تفرقها طرائق قددا، ثم الاستعداء المستمر والحاصل بينها، وأخيرا ما تم إنجازه في مشروع (رايس) أو الربيع العربي، من حرب سياسية وعسكرية بين العرب أنفسهم.
مثلا؛ وبعد 2003 تحول النظام السوري إلى مدافع عن الشعب العراقي، وبدأ بضخ السيارات المفخخة الى داخل العراق، لتأخذ مأخذها من أجساد العراقيين وخاصة الكسبة منهم والفقراء، ثم تحول الإمداد بالشباب المتشددين القادمين من دول الخليج والمغرب العربي، بعد تلقيهم التدريب في معسكرات اللاذقية ودمشق، والهدف المعلن هو الاحتلال، أما ما رأيناه فهي أجساد تتناثر لأطفالنا ونساءنا وشيوخنا.
وبعد وصول الربيع العربي المخطط له في دهاليز البيض الأبيض، إلى سوريا ليهدد نظام الأسد نفسه، الذي تكوى بما كنا نصرخ منه لسنوات، تحولت بنادق "المرتزقة" وأجسادهم العفنة المفخخة بين ليلة وضحاها من العراق الى سوريا، وبدءوها بإحتجاجات والى ثورة شعبية، ثم الى فصائل تكفيرية وهو المطلوب النهائي، ثم يتحول هذا المخلوق الى نصرة وداعش وربما خراسان وغيرها، وما كان من نظام الأسد إلا أن يستنجد بمن ذبحهم بالأمس، ويدافع عن دمشق العاصمة ويترك الباقي متمزقا بين الحيش الحر وجبهة النصرة وداعش والأكراد وغيرهم.
اليوم وبعد نكسة حزيران الجديدة، وسيطرة داعش على ثلث مساحة العراق وثلاث محافظات، تمددت داعش لتصل إلى شمال سوريا، وتقتحم كوباني كما يسميها الأكراد، وعين العرب كما إعتاد عليها أهل الشام، والمقاومة مستمرة من قبل وحدات الدفاع الكردي او ما يسمى بـ ( البَيَدا)، فالأتراك يريدون إضعافهم في أي مكان، لأنهم انفصاليون بنظرهم، ونظراً لنفوذهم القوي في ديار بكر وغيرها من كبرى المدن التركية، بقي اردوغان ودباباته ينتظرون على التل حتى تنتهك حرمة كوباني.
فهل ستقف كوباني بوجه المد الداعشي المرحب به في تركيا وأحبابها من العرب والغرب؟ أم أن التاريخ سيسجل موقف مشرف لكوباني وأهلها مثلما سجل للضلوعية وآمرلي، أو أن داعش وكما فعلت بالموصل وصلاح الدين والانبار، ستحتل كوباني لتفقأ عين العرب.
|