"الربيع العربي" والتغيير في سورية ينعش آمال الأكراد بدولتهم الكردية

بغداد – أنعش أتساع رقعة الصراع في سورية وأقترابه من لحظة التغيير، آمال الأكراد في العراق وسورية بإقامة دولتهم الكردية المرتقبة، التي يجري الإعداد لها منذ فترة في إقليم كردستان العراق.

وأرتفع مؤخرا صوت الأكراد للمطالبة بتوفير الضمانات اللازمة للحفاظ على حقوقهم في أي تغيير مرتقب بسورية، لاسيما وان كلاً من النظام والمعارضة متهمان بتهميش دور المكونات في تحديد مستقبل سوريا، فالأكراد يرون أن "النظام السوري الذي عرف بسياساته اللامنهجية في هذا الاتجاه، يتماهى في هذه النقطة مع المعارضة السورية في تهميش الاقليات والتي ظهرت في مؤتمر المعارضة السورية من قبل جهات متشددة قوميا في صفوف المعارضة.

وتتخوف دول اقليمية من يؤدي الصراع في سوريا الى نتائج سياسية يحصل بموجبها أكراد سوريا على حقوقهم على شكل اقليم يقترب في ملامحه من شكل "الدول شبه المستقلة".

ويقول ماجد زيدان مدير تحرير جريدة (المواطن) العراقية "لاشك ان تحقيق الأكراد لطموحاتهم القومية في البلدان التي يتوزعون عليها يسرع بإقامة الدولة الكردية". ويتابع "يشكل اقليم كردستان العراق نموذجا وقاعدة للانطلاق نحو الهدف الاسمى وهو اقرب الى الواقع من اي وقت مضى. وهذا الامر يتوقف بدرجة اساسية على تعامل الشعوب والحكومات مع الأكراد في بلدانها".

لكن اطرافا اقليمية مثل تركيا وإيران، وأطرافا عربية اخرى لن يكونوا سعداء في اقامة اقليم كردي جديد، يرتبط بعلاقات وثيقة مع إقليم كردستان العراق، سيغيّر كثيرا من التوازنات (القومية) على الارض. غير ان الدفع نحو منح اكراد سوريا ضمانات بان وضعهم في المستقبل عبر (إقليم كردي في شمالي البلاد)، بعد سقوط نظام الأسد، سيساهم كثيرا في انجاح أي خطة مستقبلية لتحقيق استقرار في البلد.

من جانبه يرى الصحافي والمحلل السياسي اللبناني عبدالوهاب بدرخان، ان "هناك خلافاً بين أكراد سوريا وسائر فئات المعارضة السورية حول الاعتراف بـ "حق تقرير المصير"، وتعني مطالبة الأكراد بهذا الحق أنهم يعتبرون أي تغيير متوقعاً في سوريا فرصة تاريخية للحصول على إقليم خاص بهم".

وأضاف "المتداول أن هذا الاقليم الذي يشمل ثلاث محافظات سورية سيشكل اتصالاً جغرافياً مع اقليم كردستان العراق، اذا تحقق مثل هذا السيناريو فإنه بكل تأكيد سيغير أولاً خريطة سوريا اذ يتيح ويبرر اقامة (الدويلة العلوية)، كما أنه قد يستدرج ارهاصات تغيير في الخريطة الجيوسياسية ينعكس، اضافة الى سوريا، على العراق وتركيا ولبنان".

ويشكل الأكراد أكبر مكون عرقي بعد العرب في سوريا حيث يمثلون نحو 14 بالمائة من سكان البلاد.

ويقول الأكاديمي العراقي حكمت النعمة انه "أمر طبيعي أن يكون للأكراد الحق في تقرير مصيرهم كشعب له جذوره وعاداته وتقاليده ولغته وتراثه الخاص المميز كشعب كما هي باقي شعوب الارض".

ويضيف "أنا عراقي عربي عملت في كردستان العراق أكثر من أثني عشر عاما، ورأيت الأكراد في منتهى (البساطة) والطيبة وحسن المعشر رغم تلك الظروف والظلمة التي عاشوها كباقي المكونات العراقية التي عانت من التهميش والاقصاء". ويستطرد ان "تمتعهم بحقوقهم كشعب له مواصفاته الخاصة وجغرافيته المحددة حق طبيعي تكفله القوانين الدولية سواء كانوا في العراق أو في سوريا أو إيران أو تركيا، ومن حقهم تقرير مصيرهم بشكل النظام سواء كان فيدراليا أو كونفدراليا أو حتى الاستقلال".

من جانبه أكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني محمود محمد، على هامش ندوة عقدت باربيل عن الدولة الكردية، تحت عنوان (سؤال الدولة الكردية بين اليوتوبيا والتاريخ) "يجب أن نتحدث عن العوامل التي سوف تعطي لقوميتنا القوة كي نؤسس دولتنا من موقع  القوة كيف نقف بعدها على أرجلنا".

ويقول ملا بختيار القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني إن "وجهات النظر المختلفة حينما نطرحها الآن تخدم الجدل السياسي والاقتصادي والجغرافي والإستراتيجي حول كيفية استنباط المسائل المشتركة بين القوى السياسية والمثقفين". وما يدفع الأكراد أو يسرع مساعيهم في إعلان الدولة، هي السياسات التي تنتهجها الحكومة الاتحادية والتي يعتقدون أنها دكتاتورية بقيادة نوري المالكي.

وكان رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني لوح في أكثر من مناسبة بان الأكراد سيقررون مصيرهم في نهاية المطاف، ولن يقبلوا البقاء تحت أي حكم دكتاتوري.

ويؤكد شاهو سعيد المتحدث باسم حركة التغيير المعارضة إن "تشكيل الدولة الكردية حق من حقوق الشعب الكردستاني". واستدرك قائلا "لكن يجب عدم استخدامها كفزاعة لإخافة الآخرين أو لإخافة الدول الأخرى لان اغلب السياسيين الأكراد عندما يتحدثون عن الدولة الكردستانية الهدف منها هو إخافة الدول الأخرى".

ويعتقد الكثير انه يتعين على القادة الأكراد تعزيز علاقاتهم بدول الجوار وبخاصة إيران وتركيا وسوريا، قبل اتخاذ أي خطوة من جانب واحد للإعلان عن الدولة، وذلك بسبب عدم وجود منافذ بحرية للإقليم سوى البرية الرابطة بتلك الدول، والمنفذ الجوي.

ويشير المحلل السياسي الكردي عبد الرحمن صديق إلى "كثرة الحديث في الآونة الأخيرة عن قيام الدولة الكردستانية نظرا للمتغيرات التي تمر بها المنطقة". وقال "نتوقع أن تؤدي هذه التغيرات السياسية (في الدول العربية) إلى تغيرات جغرافية في المنطقة وبالتالي كون الحديث عن دولة كردستان مطلب داخلي للمكون الكردي والمكونات الأخرى مع الشعب الكردي".

واستطرد قائلا "إذا أصبح هذا المطلب الداخلي مطلبا خارجيا للدول الكبرى فسيتم الإعلان عنها (الدولة)... ستعلن الدولة الكردية عندما تتوحد مصالح إقليم كردستان مع مصالح الدول الكبرى".

أما الأكاديمي ريبوار سويلي فيدعو إلى تغيير "ذهنية الإنسان الكردي من حالة المطالبة بتشكيل الدولة الكردية إلى حالة وجود حاجة للدولة". وقال إن "الأوضاع العالمية تطالبنا بتشكيل الدولة الكردية واذا كنا على استعداد لتحويل  مسألة  من الإعلان على الواقع فينبغي التركيز على بناء الدولة الكردية وصياغة سياستنا على ثلاثة أسس داخلية وإقليمية ودولية".