لقد استخدم النظام البائد مصطلح التسقيط السياسي لأهل الجنوب في محاولة لتشويه تراثهم وتاريخهم ,وهناك من كان ينظر ويروج لبعض الأفكار الملوثة في محاولة لتشويه سمعتهم والانتقاص من مقامهم لقاء مبالغ أو منصب معين ,بسبب موقفهم الرافض لسياسته ولأفكار حزب البعث ,ولأن اغلب الحركات المناوئة والمناهضة للحكم كانت تتخذ من الجنوب ملاذ آمن من تحركاتها ,فضلا على ان أكثر المنضمين للتيارات الفكرية وروادها كانوا منهم ,فكان لابد من أتباع أسلوب التخريب الرمزي بواسطة النكتة ,او إزالة البريق والهالة التي يتمتعون بها على امتداد التاريخ ,فقد أطلق عليهم بدل المواطن الجنوبي (بالشروكي ),وأصبحت الكلمة تشير في نظر المتخلفين فكرياً الى السراق وأرباب السوابق ,والفوضويين ,ولايمتلكون المبادئ ,بل ان البعض منهم ذهب يزيف التاريخ ويقول انهم ليسوا عراقيين ولا يمدون بأي صلة للعرب فاصلهم من الهند وهو أقوام جاؤوا واستقروا بالعراق . وان لفظة الشروك أو الشروكيين، كثيرا ما تستخدم للاحتقار والانتقاص من أهل الجنوب، وهذه الكلمة كثيرا ما تطلق في بعض مناطق بغداد وبعض المناطق المجاورة لها اذا أرادوا النيل من سكان المناطق الجنوبية، وقد ازداد استعمال هذه اللفظة باستهجان اكثر خاصة في أحداث الانتفاضة في عام 1991 بعد ان انتفضت جميع محافظات الجنوب بوجه النظام البعثي البائد , وقد ازداد استخدامها بشكل ملحوظ بعد دخول القوات الأمريكية لتصبح هذه اللفظة طائفية بالإضافة الى الاحتقار والانتقاص, في حين المصادر التاريخية تؤكد وقوف سكان الأهوار الى جانب الثوار أثناء ثورة العشرين وقد ابلو بلاء حسنا ضد البريطانيين وقد وجد جنود الاحتلال البريطاني صعوبة بالغه في اختراق الأهوار،انهم شجعان وكبار في فكرهم ومنهجهم وبرجالاتهم وليسوا جبناء كما يزعم الاقزام ,أنهم أحفاد شواي بن مذخور الفهد الشيخ الوطني الذي تصدى للانكليز عند محاولتهم تصفية رموز العشائر وأبنائها الثوار في محافظة ميسان حيث قام الشيخ شواي باهانة ضباط الانكليز ومنهم (الميجر بولي) حي تلقى هذا الضابط صفعة عربية قوية من يد الشيخ شواي الفهد عندما رفض كل محاولاتهم واغرآتهم لغرض جلب وده وتقريبه وجعله تابع لهم وقد ذاع صيت الأهزوجة الشعبية التي قالها احد أبناء قبيلة
آل ازيرج وهو يمدح شيخه الذي وقف بوجه المحتل الغاصب والذي قال فيها ( من شاوي اصكر ميجر بولي)
تؤكد الدراسات للغة السومرية العراقية القديمة بأن كلمه ( شروكي ) لها مفهوم آخر وهي جملة مركبة من كلمتين ( شرو – كين ) وتعني المواطن الأصلي في اللغة السومرية، ومما لايخفى على الكثير بأن اللهجة العراقية الحالية فيها الكثير من الألفاظ السومرية والأكدية وغيرها من لغات حضارات العراق القديم ,ككلمة ( ماكو – مشط – ماشة – مسكوف – عزا ) وغيرها من مئات المفردات التي مازلنا
نستخدمها في لهجتنا العراقية, وكلمة ( شروكي ) واحدة من هذه الكلمات التي مازالت متداولة في عصرنا، ولكن تم تحريف معناها من اللغة السومرية التي تعني المواطن الأصلي، ويذكر الدكتور فوزي رشيد في كتابة سرجون الأكدي في الصفحة 29 بأن الأسم الحقيقي للأمبراطوار الأول في التاريخ (سرجون الأكدي) هو (شروكين ) التي تعني الملك الصادق او الملك الثابت في اللغه الأكدية، وهذا ما يدل على ان كلمة ( شروكي ) لها معنى نبيل وشريف في اللغات العراقية القديمة، وقد تم تحريف المعنى الأصلي عن قصد وذلك بسبب الغزوات المغولية والفارسية والعثمانية التي مرت على العراق والحكومات المتعاقبة التي حكمته والتي أهملت مناطق البلد وخاصة المناطق الجنوبية منه بسبب عقيدتهم كما سنلاحظ . ويعتبر سرجون الأكدي ( شروكين ) اول حاكم يوحد العراق واقوام الجزيرة العربية في عام 2340 قبل الميلاد وأقام إمبراطوريته الأولى في التاريخ , وهو يعتبر بذلك ابو العراق القديم لذلك قام المستعمرون بتسمية كل ابناء العراق بالشروكيين اي ابناء سرجون، حتى يتم تمييزهم عمن جاء مع المستعمر وبذلك يصبح البابليون والكلدانيون والسومريون والأكديون وكل الأقوام التي عاشت على ارض العراق شروكيين اي سكان البلد الأصلي لأنهم يعودون الى موحدهم سرجون الأكدي ( شروكين )، وكما هي عادة المستعمر بالانتقاص من ابن البلد الأصلي اخذوا يسمون العراقيين الأصليين بالشروكيين وبمرور الزمن اصبح هذا الأسم انتقاص من العراقيين كلهم الى ان انحصر فيما بعد بكل ماهو جنوبي .
ان ملحمة كلكامش هي المشهورة تاريخياً ملحمة سومرية مكتوبة بخط مسماري وجدت بها كلمة اسمها شمخات، وهي امرأة تعمل خادمة في معبد الآلهة قامت بتعليم أنكيدو الحياة المدنية؛ مثل كيفية الأكل واللبس وشرب النبيذ,فشامخ وشمخي
وشميخ ,لها صلة مباشرة بتاريخ أسماؤنا وأسماء إباؤنا وأجدادنا,فكيف يقولون على اهل الجنوب دخلاء على العراق وترابه .
ان أصل تسمية محافظة ميسان هي مملكة ميشان تشير أغلب المصادر إلى أن (ميسان) دويلة نشأت في جنوبي أرض بابل تحت حماية السلوقيين (311 ق. م ـ 247 ق. م) عندما ضعف شأنهم في الفترة الواقعة بين عامي (223 ق. م ـ 187 ق. م) استقلت ثم تدرجت في سلم القوة وأصبحت دويلة مهمة ..حكمها ثلاثة وعشرون ملكا ما يقارب ثلاثة قرون ونصف وبالتحديد ما بين عامي 129 ق. م ـ 225 ميلادي... وأنها أدت دورا بارزا في الأحداث السياسية والاقتصادية في العراق خلال الفترة من منتصف القرن الثاني قبل الميلاد إلى الربع الأول من القرن الثالث للميلاد.وميسان في الآرامية تعني (مي آسن) (مياه المستنقعات) ,على الألسن التي زيفت وشوهت الحقيقة ان لا تتكلم مرة أخرى والدليل في ذلك كله هو ما يقوم به أهل الجنوب في الدفاع عن بلدهم من الارهاب ,وهم متطوعون يدافعون عن حياض الوطن ومقدساته من أقوام المغول الجدد ,وهل هناك برهان أكثر من هذا وقوافل الشهداء هي عرس لا ينتهي من بيوتهم العتيقة .