الأيزيدييون ومسـك العصا بمنتصفها مصيبة کبــری بعد كارثه شــــنگال |
إن الأوضاع المأساوية الصعبة التي عانى منه الأيزيديون في العراق عامة وفي كوردستان على وجه الخصوص هو خارج عن إرادة الجميع، وباعتقادي ان الأيام القادمة تشير الى صعوبة الأمر اكثر على الأقليات الدينية والأثنية في العراق . أنني على يقين بأن معتنقي الأديان الصغيرة يتحدثون اليوم عن مأسيهم ويظنون بأن الماضي كان أفضل لهم من اوضاعهم الحالية وهم في القرن الحادي والعشرين، مثلا المجتمع الأيزيدي يتمسك بدينه ويكون اكثر صلابة وليس لديه أي استعداد ليأخذ الإسلام دينا لهم كما فعلوا الكورد المسلمون عبر التاريخ . إن الديانة الأيزيدية " الأزدائية " کما وردة في الکتب التاريخية ومبين من عاداتهم وتقاليدهم وتأدية مراسيمهم وطقوسهم الدينية وکذلك لغتهم وتاريخهم وتراثهم وأرضهم وثقافتهم انهم أصل القومية الكوردية، والجميع يشهد بذلك دون شك، لان معبدهم الرئيسي (لالش النوراني) مفردة كوردية وهي تقع ضمن أراضي كوردستان وهذا دليل على إن اصول الكورد حسب الأبعاد التاريخية يعود الى الأيزيدية ، والأيزيدياتي هي جذور الكورديايتي، ولكن بعد ظهور الدين الأسلامي في منطقة ميزوبوتاميا تغيرت مسارها الى اتجاه اخر، واصبح الرابح الأكبر من المعادلة هم ابناء القوميات الفارسية والتركية والعربية بما ان الخاسر الأكبر هم ابناء القومية الكوردية أنفسهم . هكذا تعرض الشعب الكوردي على مر التاريخ الى الكثير من الفرمانات والغزوات باسم الدين تارة كما باسم القومية تارة اخرى، ولايزال خلفية تلك الفرمانات لم تنتهي وتتجه نحو الاستمرارية وتكملة تلك الغزوات التاريخية ناتجة وخير دليل على ذلك تنظيمات " داعش " التي نشاهده اليوم والتي تعتبر من غزوات العصر الحديث والهدف من وجودهم مسح واقلاع الجذور التاريخية للشعب الكوردي . أن فكر بعض الحكومات وبمساعدة بعض من الخلايا الارهابية داخل الوطن هدفه تفريخ منطقة ميزوبوتاميا من مكوناته الأصلية ، وبدأت ذلك بأنشاء قوى ظلامية إرهابية من أجل منفعتهم الذاتية لهدم الكيان الكوردي باسم الدين وتبين هذا منذ ظهورها، وأدى ذلك الى تهجير أكثر من 85% من أبناء الديانة الأيزيدية عن ديارهم وتركهم مناطق سكناهم وتلاشت اوضاعهم المعيشية هناك، ليتوجهوا الى المناطق الأمنة في أقليم کوردستان وخارجها من أجل الحفاظ على سلامتهم، هذا بعد ان سحب قوات البيشمرگە الکوردستانية بدون قتال من شنگال وسلم أهاليها وأراضيها المعقل الرئيسي للأيزيدخان بيد هٶلاء التفکيرين والراديکاليين المتشديين وتحويل المدينة جراءها الی معقل الأشباح ، منهج هؤلاء الأرهابيين انهم لا يعترفون غير الدين الإسلامي كما هدفهم الاساس و بالدرجة الأولى هو البحث عن الأيزيديين العزل لانهم حسب نظرية هؤلاء كفار، وإن كان تحليلي ليس في محله يا ترى لماذا هذه المجموعة الضالة لم تتعامل مع غيرهم من الأديان والمذاهب العراقية والكوردستانية الاخرى بهذه الطريقة الوحشية حيث القتل وذبح الأطفال والشيوخ وأغتصاب النساء وإنتهاك الأعراض والتهجير والتجويع والتخويف والسبي والسرقة ... إلخ من الأعمال التي لا يليق الإنسانية أبدا . ماحدث في شنگال هزت ضمير الإنسانية، وحتى هنود الحمر في جبال الأنديز شعروا بألامهم، ويبقى السؤال الذي يوجه للإنسانية جمعاء ؟ هل بعد کل هذە الأعمال الوحشية واللاإنسانية يحق لأبناء المعتنق الأيزيدي ولايزال هناك ألاف المختطفات الأيزيديات بيد أعداء الإنسانية ويبيعن في سوق النخاســـة، وبالرغم من مأساة النازحين الشنكالين الذين تتراوح اعدادهم قرابة ( 400000 ) أربعة مائة الف نسمة منقسمين في مدن وقصبات إقليم كوردستان وخارجها يعيشون في الخيم وتحت ظلال الأشجار والشتاء على الابواب حيث البرد القارس والظروف المعاشية والصحية السيئة التي لامثيل له، وبالرغم من مرور والقت الطويل على احتلال شنگال ولا زالنا نفقد الأمل في تحريرها من قبل البيشمرگە ويدعى بأنها تستطيع تحرير الموصل وترسل قواتها الی خارج الإقليم ، إن عدم وصول الإمدادات العسکرية والسلاح والطعام الکافي الی الـمحصورين في جبل شنگال ولوحدات حماية الشنگال التي تحمي الجبل، إضافة الى الخوف والتهديد في المستقبل من الأرهابيين والراديكاليين، وتهميش حقوق الأقليات والمکونات الصغيرة علی أساس الدين أو المذهب في العراق وإقليمه، إضافة الى العامل النفسي والتأثرات الاخرى على نفسية كل فرد ويجعله ترك أرض أبائه وأجداده والبحث عن وطن بديل له، لقد سأل احدهم سقراط ذات مرة ما معنى الخير، قال عندما يكون كل شيء في مكانته وهذا خيرا، ياتری هل بقی خير للأقليات الدينية ومن ضمنهم الأيزيديين في وطن الأم بعد کارثة شنگال؟ . باعتقادي الشخصي التصريح الأخير التي خرج عن الأمير تحسين بك لم يکن إلا نتيجة رد فعل لتلك العوامل النفسية التي ذكرناه ولم يكن واردا مسبقا، توجه النقد الشديد المتواصل من قبل إبناء الأيزيديين أنفسهم الى الامير نفسه والمطالبة بالإسراع لمعالجة الوضع الحالي، بعد كارثة شنكال لأنه وصل السكين على العضم، مقابل الصمت للحکومات المرکزية والأقليمية في منطقة شنگال وتحريرها. هنا سٶال يسأل نفسە ؟ هل بقی ديانة أو مذهب في كوردستان غير الديانة الأيزيدية ونصوصه مكتوبة جملة وتفصيلا باللغة الكوردية، لأن مسألة القومية الكوردية الأيزيديين هي من الثوابت التاريخية ولا يستطيع أحد المساس به وليست من صلاحيات الأمير أو المجلس الروحاني التكلم في هذا الشأن مع احتراماتي الشديدة لجميعهم، وخاصة في هذا الظرف الحساس الذي يمر به شعب كوردستان، وهنا السؤال الذي يطرح نفسه هل من المنطق الجميع لم يفكر بما قاله الامير، يجب التفكير بما قاله لابد وراءها قصد كان!!! لأن الحديث عن القومية الجديدة لنا لم يحدث بشيء جديد سوى خلق المشاكل والتصادمات الداخلية بين الأيزيديين أنفسهم ولاهي تخدم سوى أعداء كورد وكوردستان، هل الفرد الكوردي الأيزيدي أو المسلم يحب قوميته وينتمي اليها من أجل المير أو من اجل الرئيس أو الشخص المسؤول مع أحرامي الشديد للجميع، أم ان الانتماء القومي عرق وتاريخ لا يساوم عليه. أما عن الوفد الأيزيدي الذي يرأسه سماحة بابا شيخ في المدن والعواصم الأوروبية والتوجه الى البيت الأبيض في امريكيا، وحضور الوفد الأيزيدي الى الاتحاد الاوربي في بروكسـل كما الوفد الذي حضر في مؤتمر جنيف، هل حضور هذه الوفود جاءت من باب الصدفة، ألم يشعر رئيس اكبر دولة في العام بمأساة العصر الحديث الذي لحق بأبناء هذه الديانة المسكينة وما حصل لهم من الإبادة الجماعية والقتل على الهوية الدينية والقومية . أخير وليس أخرا وبعد کل هذە المعاناة والمأسي اللاإنسانية والفرمانات التاريخية، واجب على كل من يدعي نفسه سنبلة للمجتمع الأيزيدي، ان يبحث قبل غيره على مستقبل بني جلدته وحماية وجود هذه الديانة الكوردية العريقة من الانقراض وعدم مسك العصا من منتصفه بعد كارثة شنكال لأنه سوف تكون مصيبة وقتها، كما يجب ان يدار الأيزيديون شؤونهم بأنفسهم ويفتح لهم الطريق لتقديم مشاكلهم وطلباتهم الى الجهات المعنية داخل المجتمع الدولي صاحب القرارات لإيجاد الحلول، لأن الديانة الأيزيدية بأعتقادي اليوم أمام خياريين لا أکثر الأول المطالبة بحماية دولية لخصوصيته الدينية في المناطق التي تتواجد فيها الأيزيديين في وطنهم الأم کوردستان ، والثاني هذا ما لا أتمناه وهو البحت عن الوطن البديل لهم لضمان أجيالهم القادمة . |