قانون الجنسية النافذ وتعزيزه لمبدا المساوة للمرآة |
ان احد اهم القوانين التي تتحكم بوجود الفرد في الموطن و ولائه لذلك الموطن ،هو قانون الجنسية ويعد قانون الجنسية النافذ رقم 26 لسنة 2006 من التشريعات الحديثة في العراق ،والذي حمل نمط حديث لم نعهده في مجتمعنا العراقي سابقاً، فقد حرص واضعو دستور جمهورية العراق لعام 2005م على النص في المادة الثامنة عشر منه على إن: أولا : ( الجنسية العراقية حق لكل عراقي ، وهي أساس مواطنته) وثانيا (يعد عراقياً كل من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية ) وثالثا /ا ( يحظر إسقاط الجنسية العراقية عن العراقي بالولادة لأي سبب من الأسباب ، ويحق لمن اسقط عنه طلب استعادتها ، وينظم ذلك بقانون ) والفقرة /ب (تسحب الجنسية العراقية من المتجنس بها في الحالات التي ينص عليها القانون ) وأقر الدستور مبدأ استثنائيا وهو في الفقرة الرابعة حيث نصت ( يجوز تعدد الجنسية للعراقي وعلى من يتولى منصبا سياديا أو امنيا رفيعا ، التخلي عن أي جنسية أخرى مكتسبة ، وينظم ذلك بقانون ) وخامسا (ولا تمنح الجنسية العراقية لأغراض سياسة التوطين السكاني المخل بالتركيبة السكانية في العراق ) وسادسا (تنظم إحكام الجنسية بقانون ، وينظر في الدعاوى الناشئة عنها من قبل المحاكم المختصة ) . واستجابة لهذا النص صدر قانون الجنسية النافذ ذو الرقم 26 لسنة 2006 حيث نصت المادة ( 3/أ) منه انه (يعد عراقيا من ولد لأب عراقي أو أم عراقية) وهذا النص جاءاً منسجماً مع ما ورد في فق /2 , م / 18 من الدستور النافذ وبهذا يكون المشرع العراقي قد ساوى بين الرجل والمرأة من حيث منحهم الجنسية لمولودهم بل أن المشرع العراقي في قانون الجنسية النافذ ذهب الى أبعد من افضاء المرأة لجنسيتها على اولادها بل اصبح من حقها ان تضفي بجنسيتها على زوجها، وذلك وفق نص المادة / 7 التي تنص على ( للوزير ان يقبل تجنس غير العراقي المتزوج من امرأة عراقية الجنسية اذا توافرت فيه الشروط الواردة في المادة /6 من هذا القانون ) وكما ان المشرع العراقي قد ساوى بين المرأة والرجل في الفقرة الرابعة من المادة 18 من الدستور العراقي النافذ من ناحية الاحتفاظ بالجنسية العراقية عند الحصول على جنسية اخرى، لذا نعتقد ان المشرع العراقي قد ساوى تماما بين المرأة والرجل في قانون الجنسية النافذ رقم 26 لسنة 2006 . ولذلك انقسم الفقه بصدد ذلك بين معارض ومؤيد واستند كل منه بأسانيد سنتطرق اليها. موقف الفقه المعارض لهذا المبدأ: 1-ان هذا المبدأ يتعارض مع القانون الدولي الخاص لأنه يؤدي حتماً الى ازدواج الجنسية , فلو ان شخص ولد من أب بريطاني وأم عراقية فانه سيحصل في ذات اللحظة على الجنسية الأصلية البريطانية الجنسية الأصلية العراقية. 2-أن الأب هو رب الأسرة وهو مصدر نقل الجنسية. و هو المسوؤل عن غرس شعور الولاء للوطن والانتماء للآمة. 4- أذا كان الأب أجنبيا وألام وطنية فان الأبناء لابد من أن يتأثروا بثقافة والدهم الأجنبي وعاداته وهذا ينعكس سلباً على ولائهم للوطن. 5- ان اعتماد الجنسية بناءاً على حق الدم المنحدر من الأب يحقق وحدة الجنسية في العائلة ويؤدي إلى الانسجام بين إفرادها. 6- أن منح الجنسية استناداً لحق الأم لا يمت بصلة الى المساواة بين الرجل والمرأة لان الثابت إن الجنسية هي مسألة سيادية وسياسية. 7- كان بالأحرى بالمشرع ان يسبغ هذه الجنسية على الطفل المولود من ام عراقية ومن أب عديم الجنسية وليس لأب مجهول النسب لأن من شأن ذلك يجلب للمجتمع العراقي أشخاص غير مرغوب بهم، موقف الفقه المؤيد لهذا المبدأ: 1- أن هذا الحق يعطي المرأة حقوقها الدستورية تماشيا مع الاتفاقيات الدولية المناهضة للتمييز ضد المرأة (اتفاقية سيداو عام 1979 ). 2- ليس هناك نص في القانون أو الشريعة الإسلامية يمنع الأخذ بحق الدم المنحدر من الام. 3- أن دور الأم في خلق الشعور بالولاء والانتماء لا يقل عن دور الأب. 4- أن رابطة المولود لام رابطة نفسية واجتماعية لها تأثير بالغ على المولود. 5- إنما قيل بصدد ازدواج الجنسية أو تعددها أنما هي مشكلة دولية لا ترتبط من قريب او بعيد بهذا الحق. ان منح الجنسية العراقية الأصلية استناداً لحق الدم المنحدر من الأم يمثل مبدأ جديد لم يكن منصوص عليه في الدساتير العراقية ولا حتى في القانونين السابقة الخاصة بالجنسية العراقية وان العراق كان قد تحفظ على المادة 7 من اتفاقية سيدوا الخاصة بمنح الجنسية وكما أن اغلب قوانين الجنسية في الدول العربية حصرت حق منح الجنسية في الأب كما في القانون اللبناني رقم 15 والصادر في 11/1/1960 وكذلك قانون الجنسية المصري ذو الرقم 26 لسنة 1975 وقانون الجنسية الكويتي المرقم 15 لسنة 1959 وغيرها من القوانين العديدة التي نظمت الجنسية في البلاد العربية ، وان منح الجنسية استناداً لحق الأم لا يمت بصلة إلى المساواة بين الرجل والمرأة لما لتلك المساواة من نتائج خطيرة على المجتمع وعاداته وتقاليده. وكذلك يولد حالة أصبحت مرفوضة في المجتمعات الدولية الا وهي حالة ازدواج الجنسية والتي تعد وضعا شاذ يتعارض مع طبيعة الجنسية ووظيفتها .. حيث يتعذر على الشخص متعدد الجنسيات الوفاء بوقت واحد تجاه الدول التي يحمل جنسياتها لا من حيث أداء الخدمة العسكرية الإلزامية ، ولا من حيث الموقف الشخصي في حالة نشوب نزاع مسلح بين دولتين يحمل جنسيتهما ، ولا من حيث الوفاء بالالتزامات الضريبية أو في ممارسة المواطن لحقوقه السياسية كالانتخابات والوظيفة العامة ... الخ والمثال الأقرب لنا هو من صميم الواقع السياسي العراقي لمزدوجي الجنسية، وأعتقد ان الخطأ الاكثر اهمية الذي وقع به المشرع والذي جاء نتيجة التأثر بواقع التغير للحقبة السابقة وكذلك التأثيرات الغربية الواقعة على العراق في الفترة التي وضع فيها القانون هو ان يمنح المولود الجنسية العراقية الأصلية على أساس الدم المنحدر من الام دون العبرة في محل الولادة سواء كان في العراق او خارجه او دون اشتراط إقامة الشخص في البلاد وكذلك دون العبرىة بجنسية الام سواء كانت أصلية او مكتسبة بمعنى أنها لو كانت حاملة للجنسية المكتسبة أي ان الأم هي أيضا غير عراقية في الأصل فأي ولاء سيتربى علية المولود من ام غير عراقية الأصل وتعيش في خارج العراق!! وأب أجنبي الجنسية أو غير معروف والجدير بالذكر والملاحظ ان من يحمل الجنسية العراقية الأصلية يتمتع بكافة الحقوق في جمهورية العراق ومنها تولي المناصب السيادية في البلاد واتصور هذه هي الطامة الكبرى التي يجب الالتفات لها وايجاد حلول تشريعية لتدارك هذا الخلل.
|