الحريات في ذكرى استشهاد الحسين!!

يترحم الجميع على الامام الحسين عليه السلام ، لكن الغالبية العظمى لا يتعضون بقيمه و مبادئه، التي يحاولون توظيفها عكس عقارب الساعة بما يخدم مشروع سياسي هنا و مظلومية في غير محلها هناك، و لأن سيد الشهداء هو" الباب العالي" في الوفاء للمباديء و حقوق الانسان، فاننا ندعو صناع القرار في العراق ، بمناسبة استشهاده ، عدم التباكي عليه بل الاستنارة بمفاهيم العدل التي ضحى من أجلها، لكي لا نظلم سيد الشهداء و لا " نحتال" على عواطف المحرومين.
وفي هذه المناسبة نسأل السياسيين العراقيين عن حجم التضحيات التي قدموها للدفاع عن حقوق المواطنين، و مقدار الانتصار لمطالبهم و احتياجاتهم مقابل مليارات تطير فوق رؤوسهم و لا يستطيعون حتى مشاهدتها، مواطنون يشكون ضعف الحال في بلد الخيرات، ومئات السيارات المصفحة لحماية مسؤول لا يعرف اسم المنطقة التي يمر موكبه بالقرب منها، ثم على أي أساس تهدر الثروات بلا رقيب أو حساب، ولماذا السكوت على الخطأ طالما يصب في المصالح الشخصية للمسؤولين و مقربيهم!! وهل يوجد بلد في العالم يزيد عدد الحمايات فيه عن مجموع العاملين في مؤسسة كاملة؟ ثم هل يقبل الرئيس أوباما ان يحاط وزرائه بأكثر من 100 مرافق و عشرات السيارات؟ و أين صوت المرجعيات و دوائر الرقابة المالية من هذا البذخ غير المسبوق مقابل انجازات لا ترى بالعين المجردة!!
كثيرة هي الأسئلة عن تنوع أشكال اللامعقول في العراق لكن ما يثير الاستغراب هو " الصمت الشعبي" على ما يجري و كأن المواطن أصيب بعدوى التجاذب و التوافقات السياسية، مواطنون لا يجدون لقمة عيش و مع ذلك يتسابقون لاختيار نفس الوجوه بوعود مدفوعة الثمن، تخندقات طائفية للتغطية على الفشل رغم أن المواطن هو الضحية، قوانين تبعث الخوف في النفوس لمنع سماع الرأي الأخر، لكن الى متى يتم الصبر على الظلم!!
ونحن اذ نطرح هذه التساؤلات فاننا نستغل فرصة مناقشة النواب لقانون الحريات لايصال رسالة رفض القبول بسياسة الأمر الواقع و قتل الأمل في النفوس، فمن غير المعقول أن يتم ذبح العراقيين بدم بارد و يسكت الجمع خوفا من الانتقام، وليس مناسبا اشاعة الخوف الطائفي للحصول على مكاسب سياسية، كما أن عدم محاسبة القائمين على الظلم جريمة بحجم التآمر على قتل أبن بنت رسول الله عليهم السلام.
لقد دفع العراقيون ما يكفي من القهر و الحرمان بسبب سيناريو خلط المصالح الشخصية و الحزبية بالتضليل الطائفي، وتحملوا أكثر من اللازم من الوعود المتراخية و التسويف للتغطية على ارهاصات عملية سياسية تصر على البقاء في مرحلة الفطام، بالمقابل ليس من العقلانية الأتكاء على فكرة انتهاء مرحلة الغضب الشعبي في العراق، فما يجري في بلاد النهرين فاجعة كبرى تحول فيها القتل الى خنجر في خاصرة أخوة ذوي القربي قبل غيرهم، وما يجري من اقتتال عشائري بأجندات غير مقروءة يعني نجاح مشروع تدمير نسيج العراق لأن السياسيين لم يتفقوا على كلمة سواء لحماية البلاد و آهلها، وتلك أم المصائب التي ربما تؤسس لنحيب أطول من عمر العراقيين!!
والبقاء في حياة سياسيي المناصب لا التحديات!!