عن جيفارا و سليماني

الحديث عن الاحرار و المکافحين من أجل الحرية و مقارعي الدکتاتورية و الاستبداد، هو حديث ذو شجون، خصوصا عندما يتم الحديث عن نماذج مثل جيفارا و هوشي منه‌ و باتريس لومومبا و محمد مصدق و آخرين من أمثالهم، من الذين حفروا لهم مکانة مميزة في الذاکرة و الوجدان الانساني، حيث لايملك المرء إلا أن ينحني بإجلال لهم بغض النظر عن الاختلافات الفکرية و غيرها، لکن، عندما يبادر البعض الى جعل وجه إرهابي و أحد أعمدة إثارة النعرات الطائفية في المنطقة کقائد فيلق القدس المشبوه، نظيرا لجيفارا، فإن ذلك تجن و تطاول على التراث و الفکر و الحضارة الانسانية بأبشع صورة و يثير کل معاني ليس الاشمئزاز وانما حتى التقيؤ لرداء و سفاهة و قبح التشبيه.
جيفارا، ذلك الذي وضع روحه على کفه و کان قدوة و مثالا للتواضع الانساني و نموذجا للنضال من أجل الوقوف بوجه الدکتاتورية، هو غير سليماني الذي يقود جماعات المفخخات و الهجمات على المساجد و تعليق الجثث على أعمدة الانارة، جيفارا، نموذج لمناضلين أبوا أن يجرموا بحق المدنيين و النساء و الاطفال و الافراد العزل، مناضلين تحلوا بأخلاق رفيعة ليست موجودة أبدا عند اولئك الافراد الذين يتخرجون من مدرسة سليماني، من الذين يختطفون النساء و يطالبون بالفدية او يهجمون على السجون لينفذون أحکام الاعدام بحق نزلاء لم يبت القانون بشأنهم!
جيفارا، کان أشبه بملاك و اسطورة إنسانية أبهرت حتى القتلة الامريکيين و فرض نفسه کقصة لانهاية لها ترددها الاجيال، أما سليماني، هذا العسکري الملطخة أياديه بدماء الايرانيين و العراقيين و السوريين، فهو أشبه بکابوس و لعنة و بلاء نزل على حين غرة على رؤوس شعوب المنطقة، و التغني ببطولات"منمقة"له مع الکرد او في سامراء و آمرلي و جرف الصخر، فإن کل ذلك صناعة خاصة لأهداف محددة تعودنا عليها من مصانع نظام ولاية الفقيه التي لها باع طويل في قلب و تدليس الحقائق و الامور رأسا على عقب، واننا نعلم بأن هذا التضخيم و التهويل بشأن سليماني هذا و الترکيز على انه صار بمثابة الرجل الخارق و القائد البارع الذي يلحق الهزيمة بتنظيم داعش(الذي کان نظامه حاضنا و منسقا و موجها له أيام تضعضع نظام الاسد) انما يرتبط برفض مساهمة النظام الايراني في الحملة ضد تنظيم داعش لوجود تحفظات و شکوك دولية و إقليمية مختلفة بشأنه.
جيفارا کما هو معروف عنه، عاش و مات من أجل الحرية وهو القائل: أنا لست محررا فالمحررين لاوجود لهم، الشعوب هي من تحرر نفسها، أما التمشدق بأن هذا الدعي المتدخل في کل شاردة و رادة عراقية و سعيه لتجييرها لصالح نظام قمعي إستبدادي ينوء الشعب الايراني من ظلمه، هو محرر العراقيين من داعش، فلعمري انها أسخف نکتة سمجة سمعتها في حياتي!