الحسين .. كان هنا .

.

السليمانية مدينة كردية الغالبية العظمى من سكانها من السنة وكثير منهم يتبعون مدارس صوفية مختلفة بالاضافة الى وجود تيارات سلفية واخوانية .. فيها حسينية واحدة شيدها ال الحكيم في التسعينات .. صارت معلماً من معالم السليمانية وعلامة دالة ... وفيها عدد محدود من الشيعة بعضهم عرب واخرون من الكرد الفيلية ..
اليوم وفي ذكرى عاشوراء نظم شباب موكباً في شارع سالم .. موكب صغير .. لكنه معبر ومهيب .. موكب يكرس جوهر التعايش عندما يكون سلمياً وتضامنياً وانسانياً..
حمل شباب السليمانية اليوم الحسين جوهراً لا شكلاً .. كانوا يمارسون حق الاحتجاج التاريخي .. حق التظاهر السلمي .. ويتفاعل معهم كل من مر بجانبهم ، وكل من تسمر احتراماً لتسامي ابا عبد الله، وشذى ذكراه ، ونبله.
الحسين القٌ وسلامٌ واصالةٌ وفكر حرية وتضحية عندما تعز معاني التضحية .. لا ثأرٌ ولا ضغينةٌ ولا انتقام ... الحسينُ اسمى من ان يربط الشعراء ذكراه بكلمة "الثأر" ... ابا عبد الله لا يقترن اسمه بغير المحبة .. ولا ينبت في جرحه سوى عطر التسامح ينثر اريجه عبر العصور متجاوزاً استحالات الزمن ...
الدمع فعل سلام وانسانية .. ولهذا اقترن بذكرى الحسين .. فعل سلام مقدس يعجز عنه الغلاظ، وتنسل من امامه المشاعر المدنسة.
تظاهرة بسيطة فقط، وراية وكلمات رقيقة وعيون لايفارق الدمع احداقها ..
لكنها تظاهرة سلم وتعايش وبقاء ، تظاهرة تقدمها الحسين مهيباً وعظيماً وعابراً فوق الادعاءات ... يردد "انا مشروع محبة" .. 
لست رجل دين ، ولا زاهد، ولا متدين حتى، واصنف نفسي كلامنتمي كنت وساكون دوماً .. ولكن قلبي يجد الحسين .. وجده اليوم وكاد يمزق اضلعي للحاق بظله .. ربما اراد اللحاق بكل التاريخ ، او اراد استعادة عيون المحبين التي غمضت .. 
الحسين كان هنا .. فلم يكن هناك دم .. الحسين كان هنا فلم يكن هناك ثأر .. الحسين كان هنا ، فكان الدمع رقراقاً يطرد الكراهية من القلوب..
الحسين يختار تظاهرة بسيطة تعبر عنه يتقدمها .. الحسين يختار ان يتواجد بين شباب لا ينتظرون نشر صور دموعهم ولطمهم للحصول على المكاسب، يختار من يرفض ان يحول ذكراه الى تجارة ، يختار من لايحيل منبره الى دعوة للكراهية والانتقام، ومن لايرفع رايته طلباً لكرسي حكم، ومالاً يقتطع من لحم الفقراء ..
الحسين كان هنا اليوم .. اكاد اقسم به .. انه كان هنا ... ولم يكن غريباً ابداً ..
السلام منك يا ابا عبد الله