اللهم اجعلنا هنودا

لا افهم لماذا هذه الحساسية من الهنود عند بعض العراقيين ؟ فعندما يتحدث شخص مع زميله عن قضية معينة فوق الحد المعقول , يقول له : أحجي غيره , قابل أني هندي . وإذا تحدث شخص مع شخص أخر ولم يفقه ما يقول : يقول له قابل آني د أحجي هندي . وعندما ثار الجنوب في ربيع عام 1991 بعد انسحاب القوات العراقية المتقهقرة من دولة الكويت خرجت جريدة الثورة الناطقة بلسان حزب البعث العراقي بمقال تندد برجال الانتفاضة متهمتهم بأنهم من أصول هندية جاء بهم القائد العربي محمد القاسم مع جواميسهم إلى العراق . وعندما أراد النائب السابق البائس طه اللهيبي التنزيل من قيمة أهل ميسان الكرام في غزوته الأخيرة أطلق عليهم "هنود " أو من أصول "هندية ". هذا النائب الخيبة أراد هجاء أهل ميسان فمدحهم , ولم يدري أن العربي وليس الهندي أصبح المشكلة في العالم . ولكن ما العمل ؟ وان جيلا كاملا من العراقيين تربى على الشوفينية والتعالي على أقوام هم أهلا للتمجيد ! اللهيبي اعتذر للشعب العراقي وقال إن كلماته وضعت بإطار لم يكن يقصدها , بينما أعلنت عشيرة اللهيبي تبرئتهم منه !
اتهام اللهيبي اغضب المواطن الميساني والسياسيين . كتلة دولة القانون نددت به , أهالي محافظة ميسان تظاهروا مطالبين بمحاسبة النائب , بينما اعتبر محافظ ميسان الأستاذ علي دواي تصريحات اللهيبي تدل على "الحقد الدفين " الذي يكنه لأهل العراق وأهل الجنوب !
لماذا كل هذا الغضب ؟ لماذا هذا الاستنكاف من كلمة هندي او من الشعب الهندي الذي يتكون من 1.236 مليار نسمة يجلس على مساحة تعد شبه قارة ؟ العالم اجمعه يحترم الهند ويحب زيارتها والتي تعد اكبر بلد ديمقراطي , فيها المعجزة الهندسية تاج محل , حدائق الحيوانات الطبيعية , والأكل الهندي . الزائر الهندي محترم ومقدر في جميع مطارات العالم , لا يخاف من أسئلة رجال امن المطارات ولا يعاني مشقة الحصول على فيزه . هل يستطيع المسلم والعربي الخروج من مطارات العالم بدون أسئلة طويلة , عريضة ؟ أسئلة مثل لماذا تزور البلد ؟ أين ستتواجد ؟ , كم يوم ستطول أقامتك ؟ هل لديك المال الكافي ؟ وهل يستطيع العربي او المسلم الحصول على فيزه خلال أسبوع كما هو مع المواطن الهندي؟ لقد زرت منطقة الخليج عدة مرات فوجدت إن أهل البلد يفضلون العمال الهنود على عمال العرب . سئلت احد الإخوان لماذا هذه التميز ؟ فكان جوابه : " الهنود ثقة وأكثر كفاءة ".
في الهند ما يقارب 17 لغة رسمية و 844 لهجة محلية , وسبعة أديان رئيسية و أكثر من 200 مذهب و كلهم متعايشين بسلام ووئام . هل وجدت بلد عربي يتعايش فيه مذهبين من دين واحد بدون قتل وتهجير ؟ وهل وجدت بلد عربي يتعايش فيه الموطن ألمسيحيي مع المسلم ؟ في الهند الهندوسية يوجد 300,000 مسجدا وهو اكبر من عدد المساجد في اي بلد إسلامي . هل سمع احد إن احد الجوامع تم تفجيره من قبل مجموعة دينية أخرى ؟ نعم نسمع تفجير جوامع وعلى يد مسلمين في أفغانستان , باكستان , إيران , العراق , سورية , لبنان , وليبيا . هل قراءة يوما إن قامت مجموعة منظمة بقتل المسلمين في الهند ؟ هل قراءة او سمعت إن مجموعة هندية قتلة مجموعة هندية أخرى بسبب اختلاف اللغة أو الدين ؟ نعم لقد قرانا وسمعنا في عالمنا الإسلامي إن مجاميع محسوبة على الإسلام تقتل المسلمين وغير مسلمين باخس الطرق . داعش قتل المسلم والمسيحي و الايزيدي , وقتل السني والشيعي وكأنهم لم يقرءوا حديث الرسول الأعظم عندما قال إن "هدم الكعبة لهو أهون على الله من قتل مسلم " و كأنهم لم يقرءوا قوله عليه الصلاة والسلام "من أذى ذميا إنا خصمه يوم القيامة " ولم يقرءوا قول سيد البلغاء علي بن أبي طالب "إن لم يكن أخا لك في الدين فهو أخا لك في الخلق ". لقد وضعوا جميع هذا الإرث الإنساني خلف أظهرهم و لزموا بفتاوى من لا يخاف الله ولا يؤمن بيوم الميعاد .
يا حبذا لو كنا هنودا . المواطن الهندي لا يخاف على حياته من السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة وهو يخرج صباحا إلى عمله . ولا يخاف على أطفاله من الخطف والقتل وهم في طريقهم إلى مدارسهم , و لا يخاف على حياته وهو يؤدي صلاته كما يفعل بالمسلمين في بغداد وكراجي و كابل ونيجريا . يا حبذا لو كنا هنودا , لان الهند أصبحت قوة نووية لا تستطيع دولة خارجية التدخل في شؤونها كما هو حال العرب الآن . لقد أصبحت ارض العرب ساحة لتصفية الحسابات لكل من هب ودب .و لو كانت تركيا على حدود الهند لما استطاعة التدخل في شؤونها كما تفعل الآن في سورية والعراق. لو كنا هنودا , لما سمحنا بالفساد المالي والإداري ينخر في جسم الدولة , ولما سمحنا لضباط الشرطة البقاء بمناصبهم ومدنهم تغص بجرائم الخطف والسرقة والقتل . ولو كنا هنودا لما استمر مسلسل ذبح البشر على الطريقة الإسلامية . في الهند لقد تعاون الهندي المسلم ولسيخي و البوذي على دحر الإرهاب يوم ولاداته وبذلك ضمنوا لهم الحرية والرفاه الاقتصادي . الاقتصاد الهندي يعد الآن من اكبر اقتصاديات العالم 4.99 $ تريليون و بدخل فردي ما يقارب 4,000 $ وهو دخل ليس اقل بكثير من دخل المواطن العراقي وبقية الدول العربية الغير مصدرة للنفط . عدد وفيات الأطفال بالغ 20 لكل 1,000 وهو رقم أحسن من إي دولة عربية . نسبة المتعلمين بلغت 62.8% وهو رقم يفوق أكثر الدول العربية . في الهند يوجد اكبر عدد من العلماء والمهندسين في العالم , وتصدر الهند أجهزة كمبيوتر إلى 90 دولة و اكبر منتج للأفلام السينمائية في العالم . ومستشفيات الهند أصبحت الأكبر استقبالا للمرضى في العالم وذلك بسبب أسعارها التنافسية , حيث إن كلفة التطبيب في هذا لبلد اقل بنسبة 60% إلى 90 % من معدل كلفتها في أوربا أو أمريكا . احد مستشفياتها أجرت 20,000 عملية قلب مع نسبة نجاح 98% وهي نسبة تزيد على الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا.
ما رأيك سيد علي دواي الآن بشعب الهند وبلد الهند ؟ إلا تكون محظوظا وأنت تقود شعب مثل شعب الهند وبلد مثل الهند ؟