بغداد – تراجعت حكومة نوري المالكي، بسبب الضغوط الأمريكية والإقليمية، عن قرارها بعدم أستقبال اللاجئين السوريين الهاربين من العنف المستشري في البلاد، وخاصة بعد سقوط أغلب المعابر الحدودية بين العراق وسورية في أيدي مقاتلي الجيش السوري الحر.
وقال القناة العراقية الرسمية والتابعة للمالكي في خبر عاجل بثته بعد ظهر اليوم الإثنين أن المالكي وجه "قوات الجيش والشرطة والهلال الأحمر العراقي باستقبال النازحين السوريين ومساعدتهم وتقديم الخدمات لهم".
وكانت حكومة المالكي أعلنت الجمعة الماضية "اعتذارها" عن عدم استقبال لاجئين سوريين بسبب "الوضع الأمني" وذلك غداة سقوط معابر حدودية مع سوريا في أيدي مقاتلين معارضين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وكانت حكومة المالكي تعرضت خلال الأيام الماضية إلى سيل من الانتقادات بسبب رفضها استقبال نازحين سوريين وقال منتقدون إن بغداد تخلت عنهم في محنتهم بينما استقبلت الحكومة السورية أكثر من مليون عراقي منذ عام 2003.
ولايوجد في العراق أي نازح سوري عدا إقليم كردستان الذي نصب مخيمات لاستقبالهم عبر دهوك ويبلغ عددهم نحو تسعة آلاف لاجئ معظمهم من الأكراد السوريين.
وقالت جماعة علماء العراق في بيان إن "الشعب السوري استضاف العراقيين لعقود طويلة قبل وبعد عام 2003 فكيف نغلق الأبواب بوجوههم اليوم؟".
ودعا ائتلاف العراقية إلى العدول عن قرار رفض استقبال الأسر النازحة من العنف. وقال النائب محمد إقبال إنه يتعين "رد الجميل" للشعب السوري.
وعبرت رابطة الحقوقيين العراقيين عن استيائها من موقف الحكومة العراقية في رفض استقبال السوريين الذين يعانون من القصف الشديد. ووصفت الرابطة في بيان موقف الحكومة بأنه "موقف تنكري لموقف الشعب السوري في احتضان أكثر من مليون عراقي".
إلى ذلك دعا بيان للأدباء والفنانين العراقيين إلى اتخاذ موقف مسؤول في التعامل مع العراقيين أو السوريين العالقين على الحدود.
وقالت لجنة العلاقات الخارجية النيابية إن هناك "استهدافا مضاعفا" للعراقيين في سوريا بسبب مواقف بعض السياسيين من الأزمة السورية. وينقسم القادة والسكان العراقيون بشان الوضع في سوريا ما بين مؤيد للانتفاضة ومعارض لها، فيما تخشى بغداد صعود متشددين إلى السلطة ما بعد حكم نظام البعث.
وانتقد النائب العراقي عجيل حميدي الياور في بيان موقف الحكومة برفض استقبال السوريين وقال إن "القرار خطر ولا يمت للقيم الإنسانية والأخلاقية بصلة".
لكن ائتلاف دولة القانون دافع عن موقف الحكومة وقال إن العراق غير قادر على توفير المستلزمات الضرورية للاجئين السوريين. وقال على لسان نواب عديدين إن الوضع في العراق لا يحتمل توترا في الأمن فيما إذا اخترق مسلحون مخيمات اللاجئين.
وقال الكاتب العراقي احمد الكاتب إن "من الواجب استقبال اللاجئين مهما كانت انتماءاتهم". وتابع "اعتقد أن ذلك يحسن علاقة العراق بالشعب السوري، فمن كان بحاجة إلينا فلا بد أن نمد يد المعونة له، كما يتوجب على العراق التوسط لحل الأزمة الراهنة".
لكن الكاتب والصحافي العراقي مازن لطيف يرى إن "ما فعله إقليم كردستان يعتبر خطوة إنسانية، وعلى الحكومة الفيدرالية ترتيب خطوات باتجاه استقبال النازحين السوريين". وزاد القول "اغلب النخب السياسية العراقية في العراق كانت لاجئة في سوريا، وان على العراق اليوم رد الجميل". وحث لطيف الحكومة العراقية على "استقبال المتضررين من الشعب السوري وفتح باب الحدود أمامهم".
وأكدت المحامية العراقية الكردية المقيمة في هولندا فيفيان عمر أن "المتعارف عليه في أوقات الحروب أن تتعاون الدول فيما بينها بما تفرضه قواعد الجوار والقيم الإنسانية.
ووصل الآلاف من الكرد السوريين الفارين من مناطق التوتر في بلادهم الى اقليم كردستان في العراق حيث وفرت لهم مخيمات وأماكن اقامة بالتعاون مع السلطات المحلية الكردية والهيئات الدولية. وبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن عدد النازحين السوريين إلى إقليم كردستان العراق يتجاوز 4000 شخص.
في غضون ذلك أعلنت حكومة نوري المالكي اليوم الإثنين أنها رفضت قرار الجامعة العربية الداعي لتنحية بشار الأسد عن الحكم. وقال المتحدث الرسمي بأسم الحكومة العراقية علي الدباغ في بيان إن "الحكومة العراقية ترفض وتتحفظ على قرار الجامعة العربية الداعي لتنحي الرئيس السوري كون هذا القرار سيادي وخاص بالشعب السوري حصرا".
وأعلن رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني على هامش اجتماع استثنائي للمجلس الوزاري العربي في الدوحة عن أن الدول العربية "متوافقة على تنحي الرئيس السوري" بشار الأسد مقابل توفير "مخرج آمن له "، مشيرا إلى أن الدول العربية ستدعو المعارضة والجيش السوري الحر إلى تشكيل حكومة انتقالية.