قانون الاحزاب بوابة الاصلاح الاقتصادي

خلال اكثر من عقد مضى عاما على تغيير النظام السياسي في العراق عام 2003، بقي الملف الاقتصادي معطلا، او شبه معطل، رغم تعاقب اربع حكومات عراقية، وقد تكون بنود الاصلاح التي تضمنها البرنامج الحكومي للحكومة الخامسة التي يتراسها رئيس الوزراء حيدر العبادي بادرة امل، الا ان الملف الاقتصادي يحتاج الى سلسلة تشريعات ضرورية يطالب بها خبراء الاقتصاد والمال والاعمال، في مجالات عدة، لكن قد يكون ابرز ما يحتاج اليه الملف الاقتصادي هو تشريع قانون الاحزاب.

لان السياسة تتحكم بالاقتصاد ،وتشريع هذا القانون سيقلص صلاحيات الاحزاب ويحددها وينقل العراق الى مرحلة انتقالية لسوق مؤتمن موثوق الجانب في مجال الاستثمار، يضمن على الاقل عدم تكرار امثلة على مساومات لمستثمرين عراقيين وعرب واجانب، فضلوا ترك السوق العراقية الواعدة رغم ما تحمله من فوائد وارباح مستقبليه ،بسبب نفوذ الاحزاب وهيمنتها على مفاصل مهمة في ملفات الاقتصاد والاستثمار والتجارة.

تجارب السنوات الماضية اثبتت تكرار حالات منح العقود والامتيازات لبعض الشركات غير المعروفة على حساب الشركات العالمية الرصينة، لا لشي الا للحصول على كومشنات أي عمولة عن منح العقود لجهات او اشخاص يمثلون احزابا نافذة، وهو ما تسبب بإخطاء كارثية في تنفيذ المشاريع او تلكؤ المئات منها في افضل الاحيان، وهو ما اتخم خزينة الاحزاب وافرغ خزينة الدولة.

وليس مفارقة ان ينتقل راس المال العراقي الى دول مجاورة مثل الاردن او تركيا او حتى مصر، كنتيجة لبقاء الفساد الاداري والمال والروتين الذي عطل كثيرا من المشاريع بل ساهم في دفع التجار العراقيين لترك البلاد.

بلد مثل العراق عاني اقتصاده وبنيته التحتية من حروب كارثية ، هو بأمس الحاجة الى ترتيب البيت السياسي الذي يستلزم تشريع قانون الاحزاب اولا كمفتاح للاستقرار السياسي ، لاسيما واننا نخوض حرب بالنيابة عن العالم اجمع ضد التطرف والارهاب، ومن دون موازنة اتحادية لعام 2014 الذي يوشك على النهاية بما حمله من نكبات، كما اننا مقبلون على أزمة مالية قد تجعل التعويض صعبا بسبب انخفاض سعر النفط عالميا وانخفاض تصديره عراقيا، وهو ما يعني ان الحكومة ستصب اهتمامها على توفير الميزانية التشغيلية ،

في ظل هذا الوضع المرتبك والمتشابك محليا واقليما ودوليا لابد لصناع القرار السياسي في السلطة التشريعية من الاهتمام ببناء اسس قوية للاقتصاد المرتبط بالسياسة بشكل وثيق، وربما تكون هذه الازمة السياسية والعسكرية فرصة للتحرك الجدي لبناء اقتصاد سوق وطني، هذا الامر لن يقتصر على قرارات السلطة التنفيذية وحدها بل يحتاج الى مؤازرة البرلمان، بتشريع قوانين تبعد اصابع تدخل او سيطرة او هيمنة هذا الحزب او ذاك عن ملف الاقتصاد والاستثمار، هذا الكلام قد يكون صعبا ونظريا وقد يعتبره البعض مبالغة في ظل حكومة محاصصة تجمع كل الاطياف السياسية، لكن تجارب البلدان الاخرى التي سبقتنا في تحويل اقتصادها الى السوق الحر قد تكون منار نهتدي به، وكل ما نحتاجه هو صدق النوايا ،طالما ان طريق الالف ميل يبدأ بخطوة .