اثمر الجهد الذي بذله نشطاء المجتمع المدني، بعد عام كامل من التفاني ونكران الذات وبروح التطوع التي تمتاز بها المنظمات الرصينة، ونجحوا في صياغة تحالفاتهم المعنية بحقوق وحريات المواطن وتأمين العيش الكريم له، ومن بين هذه التحالفات "تحالف حقوق" و"تحالف إنسان"، اذ تمكنوا من صياغة تقاريرهم بدقة موثقة وبصدقية عالية، وأوصلوها الى ممثلي الدول الاعضاء كمساهمة منهم في مراقبة اداء الحكومة في هذا الميدان، حيث يتم عبر هذه الالية استعراض سجلات حقوق الإنسان الخاصة بجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 192 دولة مرة كل أربع سنوات، وكان قد أنشيء حسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة مجلس حقوق الإنسان في 15 آذار 2006. اشهر عديدة والزملاء يواصلون اجتماعاتهم ويعقدون اللقاءات ويستعرضون من خلالها التشريعات وتطبيقها والسلوك والانتهاكات والنواقص، ولأنهم دخلوا هذا الباب من خلال المنهجية التي يتبعها مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، فقد انطلقوا من نص تقرير الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل (UPR) الخاص بالعراق، والذي ترأست وفد العراق وكانت وزيرة حقوق الإنسان السابقة، السيدة وجدان ميخائيل سليم، قد ترأست وفد العراق في الجلسة الثالثة عـشر المعقـودة في ١٦ شـباط 2010، والتي توقفت امام التوصيات التي لم تنفذها الحكومة العراقية، راصدة كذلك الفقر التشريعي في مجالات عديدة من بينها قانون الاحزاب، حيث لا يمكن تصور حياة سياسية مستقرة دون وجود قانون ينظم عمل الأحزاب ويضمن التعددية السياسية، كذلك حزمة القوانين التي تخص الانتخابات وتؤمن اجراء انتخابات حرة نزيهة تضمن صوتاً واحداً للناخب الواحد دون ضغط او اكراه، وحرية التعبير والتظاهر السلمي، حيث ما زال هاجس الخوف يلازم من يريد التعبير عن قضية ما بطريقة سلمية، الى جانب والحق في التنظيم النقابي المهني، وما يتطلب ذلك من تشريع قانون تنظيم العمل النقابي تنفيذا لنص المادة 22 من الدستور، والحق في الضمان الاجتماعي الذي يعد من أكثر الحقوق تعرضاً للانتهاك وبعداً عن التحقيق، رغم أن المادة 30 من الدستور العراقي نصت في فقرتها أولا، على كفالة هذا الحق، وكذلك الحق في الضمان الصحي والرعاية الصحية، وحقوق السكن والعمل والتعليم وضمانها كما جاء في الباب الثاني من الدستور العراقي، وتوقف التقرير ايضا امام الارهاب وواجب الحكومة ضمان الامن وتحقيق الاستقرار الى جانب محاربة الفساد المالي والإداري. كل هذا وغيره تم عرضة بوضوح كاف وتكثيف شديد، مع استنتاجات وتوصيات محددة، بحثت في عدد من الانشطة والفعاليات النوعية، بما فيها ورشة عمل مع السلك الدبلوماسي الاجنبي في العراق، ونجحت التحالفات في ايصال تقاريرها الى الامم المتحدة، وتمكنت وفودها من عقد لقاءات في جنيف من اجل حمل الدول الاعضاء في الامم المتحدة على تبني التوصيات التي جاء بها التقرير، وتتوج هذا العمل بحضور وفد الى جلسة الاستماع الخاصة بالعراق في مقر الامم المتحدة والتي بثت على الهواء مباشرة، وحيث قدمت الحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان تقريرهما. وقد نجح المجتمع المدني في المشاركة في الاستعراض الدوري الشامل يوم 3 تشرين الثاني الحالي في جنيف مقدما تقارير موازية للتقرير الحكومي الذي قدمته وزارة حقوق الانسان، وهو يبرهنب ذلك على ان العراقي اليوم لا يعيش في جزيرة معزوله عن العالم، انما يرتبط مع العالم المتمدن بوشائج عديدة، وهناك مسؤوليات تقع على كاهل المجتمع الدولي بشأن دعم العراقيين واسنادهم في التمتع بحقوقهم الانسانية وفي المقدمة منها الحق في الحياة. |