هل يحتاج الإنسان أن يكون شيعيا لكي يقول أن العباس بن علي كان بطلا وأي بطل. هل يحتاج الإنسان أن يكون على المذهب الجعفري لكي يؤمن أن الحسين كان عظيما وأية عظمة. هل يحتاج الإنسان أن يكون مسلما لكي يكتب عن علي بن أبي طالب معجبا أيما إعجاب. لا بل هل يحتاج الإنسان أن يكون مؤمنا بدين, أوحتى مؤمنا بوجود الخالق, لكي يقترب من هذه النماذج إقترابا مبنيا على دراسة تستمد صدقيتها من خلال التأسيس على العوامل الأخلاقية والقيمية. البارحة توفي الكاتب والشاعر المعروف جورج جرداق الذي كتب واحدا من أفضل الكتب التي دونت بحق علي بن أبي طالب. والكاتب كان مسيحيا. كذلك كان من جملة المسيحيين الذين كتبوا عن الإمام هو نصري سلهب وميخائيل نعيمة. طه حسين المتهم بالإلحاد كتب واحدا من أفضل الكتب التي تتحدث عن تاريخ الإسلام (الفتنة الكبرى) والذي يعتبر مرجعا لأي بحث رصين يتحدث عن تاريخ الصراع في الإسلام حتى يومنا الحاضر. عباس محمود العقاد الشافعي المذهب هو الذي كتب واحدا من أفضل الكتب عن الإمام الحسين وقد كان بعنوان (الحسين شهيدا). كثير من الملحدين يعتقدون أن إلحادهم لن يكتمل ما لم يتعمد برفض الإسلام, ليس كدين فقط, وإنما كتاريخ أيضا. بهذا فإنهم لا يميزون بين الطريقة الموضوعية والمهنية لدراسة التاريخ وبين الطريقة المنحازة, وفي هذا هم يتشابهون إلى حد التطابق مع فصيل يقف على الجانب الضد ويدرس التاريخ على اساس المقدس الديني. الصراع منذ بداية التاريخ, مرورا بالحقبة الدينية, وصولا إلى الحقبة العلمانية كان يتمحور حول الخير والشر كما تراه عيون المتصارعين, ومن المهم أن نلتقط هذا المشهد لكي نتحدث عنه بإنصاف دون أن نسقط عليه العنوان الرئيسي لمرحلته من موقع الإعجاب أو البغضاء. لو سألت مسيحيا عن اكثر أبطال التاريخ مقاما لديه وأجاب أنه علي بن ابي طالب فلن أتعجب, فهو هنا يدرس الحالة ليس على ضوء المعتقد والإنحياز الديني وإنما على ضوء الإيمان بالمواقف الأخلاقية التي وجدت قبل أن توجد الديانات. ولو سألت (ملحدا) عن البطل التاريخي الذي يعتد به وأجاب العباس بن علي فلن أتعجب لأنه هنا يتحدث عن بطولة أخلاقية لم يستحدثها الدين أو كان هو الذي إخترعها. إن التاريخ شيء والفقه الديني والمذهبي هما شيء آخر. لكن العلة أننا نأخذ هذا بجريرة ذاك فنضيع
|