الإعتصامات لايمكن فضها بالقوة

لم تمر الجمعة الماضية في نينوى سلامات ، فقد وقع ما حذر منه الكثيرون معتصمون وقوى سياسية ومسؤولون ، فمقتل واحد من المتظاهرين وجرح اخرين امر في غاية الخطورة ، ويقتضي ان لايمر مرور الكرام .
هناك قوى عديدة رغبت في ان يقع الصدام بين القوات الامنية والمحتجين وسعت اليه لانه يصب في اشعال الفتنة والتعصب ضد المتظاهرين ورفض الاستجابة للمظالم وازالتها وفقا للقانون والمشروعية الدستورية .
ان المنظمات المتطرفة والمجاميع المسلحة حاولت اكثر من مرة الدفع بهذا الاتجاه من خلال ساحات الاعتصام بالتحريض والشعارات غير المسؤولة وحتى التحرك وضرب الاجهزة الامنية القريبة من ساحات الاعتصام للمتظاهرين لخلط الاوراق لولا يقظة المسؤولين عن الاحتجاجات .
وللاسف الأجهزة الأمنية كانت متحفزة لضرب المتظاهرين ففي عدة مناسبات ، خصوصا في نينوى ، اصطدمت وتعرضت لهم من دون مبرر او مسوغ او كان بالامكان تجاوز الأسباب والإشكالات ،  وهي بسيطة ولا تشكل عنصرا لتوتير العلاقة بين الطرفين ، كان الافضل والاجدى لضبط الامن بناء علاقات بناءة وايجابية وتفاهم يتيح لكلا الجانبين تحقيق اهدافه ، المتظاهرون بالتعبير الحر والواعي عن أرائهم ، والأجهزة الأمنية في توفير الامن وقطع الطريق على كل من يحاول الاخلال به .
ما شجع على ما حدث وسفك الدماء التصريحات المتشنجة للكثير من المسؤولين والقادة السياسيين ، وبطء الاستجابة للمطالب المشروعة وعلى دفعات ، 
فخلال الايام الماضية وفي مناسبات مختلفة شنت الحكومة  هجوما على المحتجين وان الحكومة وبعض مؤيديها قطعوا بأنها أوفت بالتزاماتها اتجاههم ، وانها لبت جميع مطالبهم المتعلقة بها ، وان ما تبقى على البرلمان ان يبت به ، وهذا خلاف للواقع وللآليات التي يجب ان يكون مسار المطالب من خلالها ، والبرهان على ذلك ما تزال اللجنة السباعية برئاسة الشهرستاني واللجنة الخماسية برئاسة إبراهيم الجعفري تواصلان عملهما ولم تتمكنا من حل ما هو معروض عليهما ، والحث متواصل للمتظاهرين لتقديم مطالبهم !. وأخيرا الحكومة بصدد إرسال وفد إلى الانبار للقاء المتظاهرين .
الواقع ان ماتم تحقيقه ليس بالكبير من استمع اليه ، والوعود مستمرة لاستكماله ، ولكن ما اخاف المتظاهرين واثار حفيظتهم مثلما اسلفنا بان ما تبقى أعلن انه يحتاج إلى وقت طويل ، واتهام الاحتجاجات بانها اصبحت تحركها القاعدة والمنظمات المتطرفة وتردي العلاقات السياسية بين الشركاء ، وان الحرب الاهلية على الابواب ، واعتقال بعض النشطاء وتهديد اخرين ، وازدياد حالات الاستهداف والاغتيالات وتقديم اغراءات للبعض في مراهنة على شق المشاركين في التظاهرات وضرب بعضهم بالبعض ، اضافة الى الاستقالات والانسحاب والتلويح بالخروج من العملية السياسية وهي كلها اساليب ليست ناجحة ، فالمحتجون يدركون مراميها لذلك كلما استخدمت زادوا في إصرارهم ووحدتهم ، ولا يجذب الى الطرف الاخر سوى انفار محدودي التاثير .
ان اللجوء إلى القوة مع متظاهرين سلميين لعب بالنار ، يؤدي تعميق الانقسام وفرض المصادمات وتصعيد المطالب وبالتالي اثارة فتنة طائفية تحرق الاخضر واليابس .