حزب الدعوة والثورة البيضاء

الإصلاح والدعوة إليه، أمر لا بد منه، حينما يتعلق بمصير امة أو جماعة أو أفراد، فالإنسان بطبيعته فردا كان أو جماعة يتعرض للخطأ، لأنه كائن غير معصوم أولاً، ولأنه بطبيعته لا يعيش منفردا، فقد يكون الخطأ بحق النفس أو بحق الآخرين، حتى الأخطاء الغير متعمدة، تحتاج إلى تصحيح، حالما ينتبه أليها صاحبها، خاصة إذا كانت تمس بتاريخه وسمعته.

حزب الدعوة الإسلامية في العراق، بتاريخه النضالي المعروف، وبرموزه وتضحياتهم، وما أحاط به من خطر أيام نظام البعث المقبور، وما عاناه حتى من يشتبه بانتمائه إليه، وأقاربه حتى الدرجة السادسة، تاريخ مشرف من النضال، وقائمة ذهبية من الضحايا شهداء ومعتقلين، يعز على كل ثائر غيور أن يصل إلى ما وصل إليه بعد توليه السلطة.

لقد تعرض الحزب المجاهد إلى شبه هيمنة من قبل أمينه العام وحاشيته، ورد إلى الحزب أفراد جديدي الانتماء، لكن سرعان ما وصلوا إلى القمة، فيما غيب وهمش كثير من قياداته ومناضليه، من البسطاء الذين لا يجيدون الكلام المعسول، و مسح الأكتاف والهتاف للقائد الواحد الأوحد، أو ممن ليست لهم المهارة في تسلق السلم سلم التملق، واستغلال فرص تولي الحزب للسلطة في البلاد، مقابل هؤلاء فان هناك من المنتمين الجدد للحزب، لهم مهارات تفوق مهارة السنجاب في تسلق الشجرة، (كشاخة) و متحدثون جيدون، لهم أيدً انعم من فرشاة تنظيف الملابس، يمسحون بها أكتاف أسيادهم.

كان من المؤلم أن نسمع بعض الناس يلعنون ويشتمون الحزب المجاهد، بسبب أفعال هذا وذاك من النفعيين والوصوليين، أو ممن تولى المسؤولية في كثير من مفاصل الدولة، ليأتي بأقربائه وأحبائه، يتسلطون بدورهم على رقاب العامة، تحت شعار الأقربون أولى بالتعيينات، ولا اعتقد أن قيادة الحزب برئاسة السيد المالكي، كانت بعيدة عن هذا الأمر، حتى أصبح الحزب المجاهد وسمعته، على طرف كل لسان، وما كان يغظني شخصياً، شماتة أيتام البعث الكافر، وآذان قيادات الحزب وعلى رأسهم السيد المالكي التي أغلقت عن سماع ما يقال، لم تتحر وتبحث عن الحقيقة، لم تحرك ساكناً لإنقاذ سمعة الحزب، وكأنها راضية بما يحدث وتحث عليه.

على الرغم من عدم انتمائي لحزب الدعوة الإسلامية، بأي من تشكيلاته التي تعددت، بسبب الانقسام الداخلي الذي اجتاحه، إلا إني أحسُ بالمرارة، مرارة ضياع تاريخ مشرف من النضال، مرارة دماء طاهرة زكية سفكت على مذبح الحرية، مرارة دموع أم سالت لفقدانها أولادها في سبيل الوطن والدين، مرارة أطفال فقدوا معيلهم، وبيوت هدمت تبكي على أهلها.

أيها الدعاة، أنقذوا ما بقى من بيتكم، انتصروا لدماء شهدائنا وشهدائكم، انفروا لحفظ الكرامة، دافعوا عن بيتكم، أزيحوا السلطان غير الأمين وحاشيته الفاسدة، ثوروا على الواقع المرير، تعافوا واصعدوا القمة ولا تبقوا في الأسفل، حزب الدعوة الإسلامية، العراقي العريق، يحتاج لثورة بيضاء، تعيد لوجهه البياض، يحتاج لمن يسهر ولا ينام على الحيف، حتى تقر عيون الشهداء الدعاة وأسرهم المنكوبة، حزب الدعوة، يحتاج إلى ثورة، فهل انتم ثائرون؟..سلامي.