عشاق الحياة... ومجانيين الشهادة..!!

منذ أربعة عشر قرناً، وعشق الجنون يزداد بشكل كبير، ولافت؛ ويتمدد كل عام في جسد الشعوب العربية، والأوربية، المسلمة، وغيرها من الديانات الأخرى؛ حيث أصبح هذا العشق الذي خطه ذلك الرجل، ذو البشرة السوداء في يوم العاشر من محرم الحرام، عندما تقابل المعسكرين، الحق، والباطل.. 
يبدو إن العشق الذي يصل بصاحبة حد مفارقة الحياة، أو قطع اليدين، يعد هذا الأمر دليل وأضح على الحب الحقيقي، ولم يكن عن عاطفة، أو من أجل مصلحة ما؛ وإنما جاء هذا العشق عن دراية كاملة، وإدراك، ومعرفة كبيرة، ولذلك نجد كل من تبصر بالحقيقة، وأدرك الأمور بشكل صحيح، أصبح مجنوناً بالمعشوق..
فقد أصبح هذا العشق يغيض الحكام، والمستبدين في الأرض، ويجعلهم يكنون العداء إلى من أبتليه بهذا الحب، ولذلك أضحت معظم الحكومات العربية المتعاقبة على المنطقة، وفي مقدمتها الحكومات العراقية، مارست ضدهم أقسى أساليب الظلم، والاضطهاد، وسلبت مواردهم؛ وجعلتهم الطبقة الفقيرة في العالم، من أجل سلب هذا العشق الذي تجذر في قلوبهم، وأرواحهم.. 
حكومة بني أمية التي انطلقت منها شرارة الحقد، والكراهية، وحب السلطة، والتسلط؛ على اولئك المعشوقين الذين أنخلق كل شيء من أجلهم، ونصبت تلك الحكومة لهم العداء؛ حتى أنهت حكومتها بقتلهم جميعاً، إلا بعض النسوة، والأطفال الذي تخفوا خلف الأحجار، والأشجار، وظل العاشقون يزداد عشقهم، وولائهم على مر التاريخ، ولم يجعلوا له شريك في قلوبهم.. 
فقد أصبح ذلك الحب يزداد يوماً بعد أخر، بحجم التحديات التي تمارسها الحكومات المتعاقبة، حتى انتزعت الكرسي من حكومة بني أمية، حكومة بني العباس؛ الذي فرضوا ضريبة قاسية على العاشقين، كل احداً إذا أراد اللقاء عليه أن تقطع" يده اليمنى، ثمن اللقاء بالحبيب، وإذ عاد تقطع يده اليسرى".. 
نحن في العراق قد مرت علينا عقود مظلمة، وسنين عجاف، وبطش كبير، ومشاهد رهيبة من أحواض التيزاب، وقتل الشيوخ، والنساء، وتغيب الشباب في غياهب السجون، والمعتقلات؛ ومشاهد تناثر الأجساد في المفخخات، وقطع الرؤوس، والتهجير، ونهب الممتلكات؛ تحت مفاهيم منحرفة، وتحت يافطة الدين، والإسلام الذي لم، ولن يفقه منه شيء.. 
لم تختصر القضية التي جرت قبل أربعة عشر قرن في كربلاء المقدسة، على جنون شخصاً واحداً، وهو" عابس" بل أمتد هذا الجنون على مدى الأجيال السالفة، وسيستمر إلى الأجيال اللاحقة، وكلما تقدم الزمان ازداد الحب، وكثر أعداد العاشقين، والمجانين في هذا العشق؛ الذي وقفت أمامه الأقلام، ونحنى له التاريخ، وتشرف به العاشقين.. 
لا شك أن من يقود هكذا أمة وأعيه، وتدرك ما يدور حولها، وصاحبة قضية قدمة من أجلها كثير من التضحيات، لا يمكن أن تقبل أفكار طارئة، ومنحرفة، ولا تستسيق مثل هذه الترهات التي جاءت بها المجموعات" الداعشية صنيعة السياسيات الغربية"، ولا يمكن لها أن تقف أمام" عشاق ومجانين" الحسين( عليه السلام)...